سجناء البحرين وسط تجاهل السلطات ومخاطر الوباء
ارتفعت الأصوات المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين في البحرين من قبل الأهالي والمعارضة والمنظمات الدولية. في ظل استمرار انتشار فيروس كورونا وحصده المزيد من الضحايا حول العالم، ويقبع آلاف السجناء في معتقلات النظام البحريني تحت ظروف قاسية وغياب أي إجراءات احترازية ووقائية ما يعرض حياة المعتقلين للخطر.
فيما لا تزال السلطات البحرينية تتجاهل كل الدعوات في الداخل والخارج لإطلاق سراح المعارضين المعتقلين في السجون رغم استفحال أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد في البلاد مع ارتفاع حصيلة الوفيات والإصابات وتزايد المخاوف من احتمال إصابة السجناء البحرينيين بالفيروس الخطير في ظل سجون مكتظة لا تراعي أدنى المعايير الصحية وتخلو من الإجراءات الوقائية والاحترازية التي يمكن أن تساهم في حماية المعتقلين من المرض قبل أن تتحول زنازينهم الى بؤرة للوباء القاتل.
جدير بالذكر هنا أن المعارضين السياسيين الذين يعتقلهم النظام البحريني لم يرتكبوا أي جريمة ليودعوا في السجون ويمكثوا سنوات فيها وانما طالبوا بالاصلاحات سواء السياسية أو الاجتماعية، لشعورهم بالمسؤولية تجاه بلدهم ومجتمعهم.
وبدل أن ترحب المنامة بدعوات الإفراج عنهم وتسعى إلى تلبيتها تزج بهم في السجون وتنكل بهم وتمارس أنواع التعذيب النفسي والجسدي بحقهم.
وكان ولا يزال يتعين على النظام البحريني إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين في أول خطوة تقدم عليها انظمة الحكم لتهدئة الوضع وتسوية مشاكلها مع المواطنين المعارضين.
وإذا لم تستجب المنامة لدعوات إطلاق سراح معتقلي الرأي والسجناء السياسيين الذين يفوق عددهم أربعة آلاف معتقل في سجون النظام، هي ليست منّة على الشعب أو المعارضة وإنما تعتبر مسؤولية سياسية على عاتق النظام البحريني للخروج من مأزق الأزمة السياسية التي يشهدها منذ أكثر من ثمانية أعوام بقدر ما تكون مسؤولية إنسانية لحماية المواطنين المسجونين من مخاطر الإصابة بجائحة فيروس كورونا.
خاصة وأن جميع المعتقلين السياسيين في البحرين صدرت ضدهم أحكام كيدية لا أساس لها ولا تمت للواقع بصلة كاتهام معظمهم بأنهم يشكلون تهديداً على أمن البلاد، بحسب النظام، فهل يا ترى الدعوة للاصلاح والتغيير تشكل تهديداً أو أنها أساس الاستقرار واستتباب الأمن والازدهار في البلدان، أليست مكافحة الفساد والتصدي للسرقات ونهب الثروات وارساء العدالة والمساواة وخدمة المجتمع في مقدمة مسؤوليات الحكومات، ولكن عندما تتهرب الانظمة من مسؤولياتها وتسبغ الشرعية على سرقاتها ونهب ثروات الشعب، فمن الطبيعي أن يشكل السياسي الذي يطالبها بتحمل مسؤولياتها والكف عن الفساد والسرقات خطراً عليها، فتزج به في السجن.
ثم إن تبييض السجون يحول دون وقوع كارثة انسانية كبيرة نتيجة تفشي وباء كورونا، هذه القضية ليست قضية اعادة البحرينيين العالقين خارج البحرين ليماطل النظام ويمتنع عن استقبالهم بذرائع واهية، وانما قضية اكثر من أربعة آلاف معتقل وهو عدد ليس صغيراً، وعلى النظام تحمل المسؤولية الكاملة في سلامتهم والسبيل الوحيد في ذلك هو اطلاق سراحهم، وليس إبقاءهم في السجون.
من يتابع استغاثات ونداءات البحرينيين يدرك مدى معاناتهم من النظام الحاكم، ويلمس في الوقت نفسه مدى بُعد المسافة بين الواقع الاجتماعي والسياسي في البحرين وبين تبجحات النظام ومزاعمه بأنه يحترم حقوق الانسان، ويؤمن بالتعددية والديمقراطية، ويسعى الى التهدئة وحل المشاكل السياسية في البلاد.
أي حقوق انسان وهناك معتقلون انتزعت الاعترافات منهم بالقوة وتحت وطأة التعذيب، وأي ديمقراطية وهناك معتقلون حكم عليهم بالسجن سنوات عدة لمجرد انهم شاركوا في تظاهرة سلمية أو انهم أبدوا رأيهم في وسائل الاعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي، وأي تعددية وقد قام النظام بإغلاق الجمعيات السياسية وسحب تراخيصها ومنع نشاطها واعتقل قياداتها ورموزها.
فيما اعتبر بعض رموز المعارضة البحرينية أن النظام يوفر فرصة للمصالحة حال إطلاقه سراح جميع المعتقلين السياسيين، إلا أن الدلائل تشير إلى أن النظام لا يريد تسوية الازمة السياسية القائمة في البلاد وهو ماض في استخدام الخيار الأمني لحل الأزمة، غير أن إغلاق كافة منافذ الحل والابقاء على نافذة القمع والاضطهاد والتنكيل والاعتقالات والمحاكمات يمهد لتعقيد الأمور اكثر فاكثر.
النظام ومنذ بدء الازمة لجأ الى التصعيد، ظناً منه أن الاضطهاد والقمع والزج في السجون وإصدار الأحكام المجحفة تدخل الرعب في نفوس أبناء الشعب وترغمهم على السكوت، بينما المشاركة الواسعة في التغريدات الداعية الى الإفراج عن السجناء السياسيين في البحرين، دللت على أن ثورة 14 شباط عام 2011 لا تزال متوهجة في نفوس البحرينيين الذين يتوقون الى واقع يحترم النظام فيه كرامتهم وارادتهم، لا أن يمنيهم بأحلام وردية لم يسع الى تحقيقها منذ تسلطه على مقدرات الشعب والى هذا اليوم.