إلى أبي
يتسلل الشوق كسرب نمل إلى قلبي، يحفر ثقوباً عميقة ثم يطمرها تراباً، هل لهذا أشعر انّ روحي تختنق دائماً؟ هذا الشوق غريبٌ، يشبه تكتكة الساعة. وحدَه صدى الرنين الطويل يُشبع الفراغ بعويل لا ينتهي. السرير المهجور، المذياع الصغير المنسي إلى جانبه، اللحاف الذي يحضن ذاته شوقاً، الجدران الصامتة. الصمت المطبق.. كلّ ذلك يشبه الوحدة، يشبهها كثيراً دون أن تنتهي أو أنتهي… هذا مريح، مخدّرٌ، منعشٌ، لا زلت صالحةً إذاً، صالحة للحزن. قلبكَ نايٌ يحتضرُ، كلّما لمستُ ثقباً، أسمع أنيناً طويلاً يشقُّ قلبي.
ـ لا أعرف كيف أصدق دون أن أقتل نفسي بعدها..
أبي…
أتذكر تلك النبتة التي حدّثتني عنها أكثر من مرة.
قلت لي أسمها مراراً ولكني لم أعد أذكره الآن، كانت نبتة رائعة بأوراق خضراء مخملية منكمشة على نفسها وكنت أراقبها بدهشة غريبة ثم أقترب بهدوء لأمدَّ أصبعي وألمس ورقة منها، كانت تتفتح وحين أزيح إصبعي عنها سرعان ما تعود للانكماش على نفسها.
هل كانت خائقة؟
المسني أنا خائفة، المس قلبي ليتفتح كبرعم صغير… المسه قبل أن تنكسر جرة الأمان…
مها هسي