الوطن

تويني: كلّ ما فعلناه بأنفسنا حرباً وسلماً كان خاطئاً والدليل أنّ أغلبنا يعتقد أنّ الحرب لم تنته بعد

استذكر الوزير السابق نقولا تويني، مرحلة اندلاع الحرب الأهلية العام 1975، وما سبقها وأعقبها، وقال في بيان أمس: «تأمّلت يوم موعد انطلاق الحرب اللبنانية 13 نيسان 1975، أعيد بنفسي كلّ سنة في هذا اليوم ذكريات مرعبة وصور أعمال إجرامية، عن شعب قتل نفسه وقدّم زهرة شبابه، وتراكم رقيّه وعمرانه للخراب والقتل سدى»، معلّلاً مسبّباتها: «أولها وأهمّها: أننا لم نتمكّن من تركيب هيكلية دولة على بنية اجتماعية اقتصادية ثابتة، بل لم تظهر نخبة اجتماعية، لديها مشروع سياسي اقتصادي علماني وطني جامع، بإمكانه خلق قوة طرد محورية، يُبنى عليها المشروع الوطني، شكلت الشهابية محاولة متقدّمة اتجاه هذا المشروع الوطني، لم تنجح في جرف وخلط المكوّنات الاجتماعية المنضوية في حزبيات وميول طائفية، وتكفل المحور العربي في محاربة هذه المحاولة، حتى تصفيتها في أواخر الستينيات، لم تنجح المحاولة الشهابية، وكانت الوحيدة ودامت سنين معدودة، أما في ما قبلها وبعدها أكثر من 20 سنة من الحروب الأهلية والتناحرات المذهبية والمناطقية، منذ إعدام الزعيم أنطون سعادة إلى ثورة 1958، إلى انقلاب الحزب القومي سنة 1961/1962، إلى اتفاق القاهرة في العام 1969، إلى الحروب العربية والعدو الصهيوني، سنوات 1967/1970/71، إلى مأساة 13 نيسان 1975».

أضاف: «إنّ عمر الدولة المباشرة في لبنان، لا يتعدّى 10 سنوات متواصلة، مع انقطاعات طويلة في الزمن والمساحة في وطن مساحته عشرة آلاف كيلومتر مربع، لم تتمكّن الدولة في حماية حدودها، أو تحديدها في بسط إرادتها وسلطتها الوطنية، إلا عند أواخر سنة 2000، وذلك بعد انسحاب العدو الصهيوني تحت ضربات المقاومة، كذلك لم نفسّر أسباب الحرب، أو الحروب الداخلية، ولم نقم بإرساء محكمة العفو، أو التوبة، كما جرى في أفريقيا الجنوبية لتبيان حقيقة وسببية ما جرى، بل اكتفينا بإصدار عفو عام، طمس مفاهيم المسؤولية الاجتماعية والسياسية والجرمية للأجيال والشهداء، الذين تمّت التضحية بهم، وأيضاً طمس لفهم الأجيال القادمة لما جرى كي لا تتكرّر».

وتابع: «أكتفي باتفاق الطائف، الذي حلّل استرجاع الميليشيات إلى كنف الدولة، وكانت الدولة موجودة منذ الفراعنة، بينما عمر الدولة الفعلي في لبنان، لا يتخطى السنين المعدودة على الأصابع منذ استقلالها عن الانتداب الفرنسي سنة 1943، وعوض أن يكون لبنان محاولة سياسية ديمقراطية عابرة للطوائف والأعراق، للتصدير عبر اتفاقيات تجمعنا ومحيطنا مع سورية والعراق والأردن وتميّزنا من النظام العنصري العرقي الصهيوني، ابتكر اتفاق الطائف في الممارسة، نظام ديمقراطية المحاصصة الطائفية، وتمّ تصديرها واعتمادها في العراق، وبعدها تمّ تصدير ممارسات الحرب الأهلية في لبنان في الحرب السورية».

ورأى أنه «لن يتمكن لبنان من المضيّ في هذا النفق المظلم، والتجربة التاريخية تحتم علينا تغيير جذري في المفاهيم والممارسة، أوّلها ضرورة إرساء الدولة المدنية، وسلخ الدولة عن الطائفة وانفتاح سريع ومجد على محيطنا الطبيعي لإعطاء المجال الجغرافي الاستراتيجي المطلوب لوطن، فيه من العلم والعلوم ما يكفي لمواكبة الموجة التكنولوجية المعرفية الحديثة، والابتعاد عن الرتابة الفكرية والاقتناع».

وختم «إنّ كلّ ما فعلناه بأنفسنا، حرباً وسلماً، كان خاطئاً، والدليل أنّ أغلبية اللبنانين الساحقة، يعتقدون في كلّ 13 نيسان من كلّ عام، أنّ الحرب لم تنته بعد».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى