صهيلُ الفراغ…
ابراهيم مصطفى
وكأننا نعيشُ في صحراء بعيدة عن التطوّر والتقدّم..
وكثبان الرمال تبتلعُ النساء والأطفال.. وخواءٌ غريبٌ يُسيطرُ على كلّ مفاصل الحياة..
نسمع كلام الأباطرة وهم يُمطرونَ الناس بالمن والسلوى…
وترتفع الأصوات وتُعقدُ المؤتمرات وكلها تُخطط لتقديم المُساعدات…
فمَنْ هذا الذي وضع دراسة كافية وشاملة من ألف جغرافية الجمهورية اللبنانية الى يائها…
مَنْ لِمَنْ هم خارج تيارٍ او حزبٍ من هنا وهناك… من يسألُ عن حالهم ويُقدّمُ رمق العيش لعيالهم…
إننا فعلا في صحراء جاهلية… ونعمل دون صدق نية ونسعى للصورة بأسلوب مقزّز فلا نراعي كبرياء أبٍ وماء وجه أمّ أو براءة طفل…
إنه زمنٌ مشحون…استشرى فيه الجشعُ الطاعون والطمعُ الملعون، وبات الفقيرُ بلا عائل ولا من يحزنون…
فمَنْ يقمعُ ذاك الذي بلقمة المواطن يتاجر فتضجُّ البطون بالخناجر…؟
مَنْ يضربُ بيدٍ من حديد؟
الا يكفي الفقر القابع حتى في الأرواح حتى ياتي فاجرٌ سفاح وتاجرٌ همّه الأرباح.. ولا نسمع من المسؤول إلّا الصُراخ والصياح…
إننا في صحراء قاحلة.. الغذاءُ فيها مفقود والماءُ مسافر لا نعرفُ متى يعود وسلطةٌ عائمةٌ على الوعود… إننا في قلب العاصفة والجوعُ كشّرَ عن نيوبه الناسفة، فمتى يا سلطتنا العارفة تُسعفين أهلكِ قبل ان تبدأ أفعالهم القاصفة وأناتهم الجارفة وحينها.
لا ينفع…
مالٌ مكدّس في البنوك وهو في الأصل لهذا الشعب…
أينَ مَنْ أفلسَ البلد…
أقْبِلْ ولو ببعض من مال شعبك المسلوب غصبا.. فيوم الغضب قادم… فهل تُبادرون…
هل تشعرون بمَنْ أوصلكم… وبِمَنْ جعلكم ملوكاً وأمراء لأعوامٍ وأعوام وسقاكم من دمه لتهطل عليكم الأنعام…
فعلا… إننا في صحراء قاتلة..
جوعٌ وعطشٌ وكرامة..
فقرٌ وعوزٌ ودوّامة..
تبرّعاتٌ من الطيبين..
ولكن…
عددٌ كبيرٌ من العائلات المنكوبة في هذه الأيام المعطوبة لم يصل إليها شيء حتى الآن ربما لأنّ المكان غير المكان! أو ربما لأنها من زمن لا يشبه هذا الزمان!
إننا في صحراء قاحلة..
صحيحٌ.. ولكن…
يبقى الأمل كلّ الأمل بالذين يقدّمون من قلوبهم ويُخاطرون بأنفسهم لإنقاذ عائلة هنا أو عائلة هناك.
فشكراً… لكلّ من يرفع كاهل الجوع عن الناس..
شكراً من القلب..
فلتتكاتف الجهود..
كي لا يبقى الكلام
صهيلاً في الفراغ…