أسطورة الرئيس المقاوم الشهيد
} شوقي عواضة
كثيرون هم مَن اعتلوا السلطة التي كانت تشكل للبعض منهم حلماً وطموحاً، لكن قليلين هم مَن كانت السلطة بالنسبة إليهم تكليفاً لا تشريفاً. رؤساء وزعماء توالوا على سدة الرئاسة، منهم من حفر في ذاكرة الشعوب اسمه وسكن قلوبهم ووجدانهم ومنهم من لم يذكره التاريخ إلا بقدر آلام شعبه. منهم مَن كان المقاتل الوفيّ في سبيل قضية وطنه وشعبه ومنهم من باع وساوم على أمته. وفي التاريخ شواهد كثيرة لم تزل حيّة حتى اليوم مثل عمر المختار والثائر الأممي أرنستو تشي غيفارا وهوغو تشافيز والزعيم الراحل جمال عبد الناصر وكثير من الشخصيات القيادات العربية والإسلامية التي لم تزل الحاضر الأكبر رغم رحيلها بقيت في ضمائر الأحرار والشرفاء…
من تلك الشخصيات القيادية الفذة الرئيس اليمني الشهيد صالح الصماد. تلك الشخصية التي تميّزت بنقائها وزهدها وعلمها وبصيرتها وتفانيها وإخلاصها… وبالكثير من الخصائص التي اكتسبها الرئيس بالتحاقه منذ طفولته بالمسيرة القرآنية لينهل من معين القائد السيد بدر الدين الحوثي، وبعده من السيد الشهيد حسين بدر الدين الحوثي، تجربة صقلت شخصية الشهيد الرئيس وعزّزت فيه روح القيادة بمسؤولية تجلّت من خلال دوره في ستة حروب ظالمة على محافظة صعدة أثبت فيها الرئيس الصماد شجاعة المقاتل وثباته وصموده أمام الصعاب في مسيرته الجهادية التي تشهد لها جبال صعدة.
ذلك الطالب الذي تخرّج من جامعة صنعاء وعمل مدرّساً في مدرسة عبد الله بن مسعود في صعدة، علم أجيالاً معنى العزة والمقاومة والصمود رغم صعوبة الظروف التي عاشها، لكنه استطاع ان يقهر تلك الظروف ويصنع من الضعف قوة بعزم وصلابة لا بل استطاع ان يقهر العدو بالانتصارات التي حققها رغم عدم تكافؤ القوى من حيث العدد والعتاد، كان فارس الميادين التي تشهد صولاته منذ العام 2007 وحتى استشهاده والديبلوماسي المحاور الذي يتقن لغة السلم والحوار التي فوّتت على اليمن الكثير من المؤامرات، فكان محلّ ثقة السيد عبد الملك الحوثي وقيادات أنصار الله.
بعد تعيينه رئيساً للمجلس السياسي حقق الرئيس الصماد العديد من الإنجازات العسكرية والأمنية والسياسية في ظلّ الحرب العدوانية على اليمن إضافة الى إنجازاته على المستوى الاقتصادي، ورغم ترؤسه للمجلس السياسي كان معروفاً بزهده ونزاهته وهو الذي لم يمتلك بيتاً بعدما دمّرت طائرات العدوان السعودي الأميركي منزله فعاش بقية حياته مستأجراً بيتاً لعائلته التي قلما كان يراها بسبب انشغاله الدائم حتى تاريخ استشهاده.
ذلك الرئيس الذي ينحدر من عائلة مقاومة تربّت على معاني العزة والإباء وقدّمت الغالي والنفيس وضحّت من أجل سيادة اليمن وكرامته فقدّمت شهيدين من اخوته وكان هو الشهيد الثالث. ذلك هو القائد النموذج الذي لم تكن تعني له المسؤولية والرئاسة سوى خدمة الناس ومواساتهم والسعي لهم لحياة أفضل. لم يسعَ لجاه ولم يجمع ثروة لم يبنِ قصوراً ويملأها بالجواري كبعض حكام العرب بل بنى قصوراً في قلوب اليمنيين الشرفاء. لم يملك أرصدة وحسابات في البنوك السويسرية والأجنبية ولا المحلية فرصيده الأكبر كان حب الشعب وخدمة الفقراء وعوائل الشهداء والجرحى والأسرى. ادّى دوره بأمانة فأكرمه الله باختياره شهيداً على يد التحالف الأميركي السعودي وهو في التاسعة والثلاثين من عمره الحافل بالجهاد والمقاومة فكان مقاوماً ورئيساً وشهيداً…