أولى

حكومة دياب إلى أين؟

بشارة مرهج*

بعد زيارته للرئيس سليم الحص وما حملته تلك الزيارة من معانٍ سياسية وأبعاد إنسانية، وبعد انتقاده الصريح للهندسات المالية التي أجراها حاكم البنك المركزي وكلفت الخزينة العامة عشرة مليارات دولار توزعّت على محظوظين وفاشلين ومتنفذين، وبعد تأكيده على التدقيق في حسابات البنك المركزي وتعقب الأموال المنهوبة والمهرّبة وإعادتها إلى البلاد وإيداعها صندوق وطني شفاف يستخدم لمصلحة اللبنانيين، فإنه من الطبيعي في بلد مثل لبنان، يعجّ بالصراعات الشخصية والفئوية، أن تنهمر الحملات السياسية والاقتصادية على رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسان دياب الذي سجل مع حكومته نجاحاً ملموساً في محاربة وباء الكورونا واتجه مباشرة لمساعدة الأسر الفقيرة، وحسم الأمر بتعليق دفع ديون «اليوروبوندز» التي «حصل» أصحابها على فوائد باهظة.

وهنا لا بدّ من التحفظ على حديث رئيس الحكومة عن فئة 2% من أصحاب الودائع الكبيرة ذلك أنه لا بدّ من استثناء المودعين العرب والأجانب والمغتربين وكلّ من لا يثبت تورّطه في نهب المال العام

ولولا انتكاسات واضحة سجلتها الحكومة على صعيد تمويل واستئناف العمل في سدّ بسري، وعجزها عن إصدار التشكيلات المنتظرة في البنك المركزي ووزارة الطاقة ومجلس الإنماء والإعمار ووزارة الاتصالات وسواها من الإدارات والمؤسسات العامة، ولولا تأخرها في فتح ملف لصوص المصارف والمال العام والأملاك العامة، لولا كلّ ذلك (وهو ليس بالقليل أبداً) لكانت الحكومة الآن موضع تقدير وتأييد الجماهير اللبنانية المنتفضة التي سئمت المماطلة والخداع واستمرار السطو على المال العام كما الخاص من قبل جهات محصّنة طائفياً تعتبر نفسها فوق القانون وفوق الجمهورية.

لكلّ ذلك ينتظر الجمهور اليوم أن تبادر الحكومة، إذا كانت راغبة في خدمة اللبنانيين، وقادرة على تجاوز الخطوط الحمراء التافهة التي وضعها تجار الهيكل بوجه أيّ حركة تنظيمية أو إصلاحية، أن تبادر إلى استكمال خطوات الإصلاح السياسي والمالي والإداري بالتخلي عن كلّ برامج ومشاريع الفساد التي تظهر آثارها النتنة في مياه الليطاني، فضلاً عن أزمة الوزارات والمؤسسات العامة التي أنهكتها الصفقات وجرفتها التجاوزات والسرقات المكشوفة.

إنّ الحكومة أمام خيارين لا ثالث لهما: إما المضيّ في طريق الإصلاح ومجابهة جماعة السطو والفساد حيث ستلاقي جموع المواطنين من حولها مؤيدة وحامية، وأما أن يغلب عليها الخوف والتردّد، جراء تهويل المحترفين وصراخهم، فتقع في قبضة هؤلاء، وتسقط في شباكهم المنتشرة على كلّ ناصية.

*وزير سابق.

 

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى