حسان بمواجهة القرصان
} د. قاسم حدرج*
قفز القراصنة من السفينة الى قواربهم المطاطية بعد أن أفرغوا حمولتها من كلّ ما هو ثمين وبعد أن ملأوا أرضيتها بالثقوب، التي تسارع في غرقها بفعل الرصاص الذي أطلقوه على ماليتها واقتصادها ومؤسّساتها ومصرفها المركزي، وبعد أن زرعوا على متنها عدة ألغام لتفجيرها إذا لزم الأمر وراحوا يترقبون من بعيد غرق السفينة بكامل حمولتها من الركاب، ولم يخطر ببالهم انّ القبطان المتطوّع حسان دياب سينجح في قيادتها بعد أن استطاع تشكيل طاقم متخصّص نجحوا في سدّ الثغرات وتعطيل ساعة المتفجرات. فتحوّل الرهان الى العاصفة كورونا للقيام بالمهمة المستحيلة فكان ان خسروا الرهان ونجح الربان في أصعب امتحان، وها هو يعبر بسفينته نحو برّ الأمان، بل وحوّل دفة سفينته باتجاه قواربهم لاستعادة الأموال المنهوبة، وهو ما اعتبره القراصنة بمثابة أعجوبة بعد ان ظنّوا بأنّ حكومة دياب ليست سوى ألعوبة وبأنّ قدرتها على عبور خط بارليفهم هو مجرد أكذوبة.
لكن هذه الحكومة الفتية من خلال إرادتها القوية نجحت في العبور فانطلقت صفارات الإنذار من معسكر القراصنة وأعلنت حالة التعبئة العامة الفتنوية وكسرت حالة التباعد الاجتماعي ليحلّ محلها اجتماعات وموفدون وفتح قنوات أميركية واستدعاءات للاحتياط من باريس لرصّ الصفوف للدفاع عن قلاع الفساد التي تتعرّض لهجوم مباغت قد يؤدي الى سقوطها فيصبح من كانوا أمراء مجونها نزلاء في سجونها.
ولم تتأخر «إسرائيل» عن تلبية النداء بل وكانت السباقة في إطلاق إشارة بدء النزال من خلال الغارة التي شنّتها على سيارة للمقاومين في منطقة الحدود اللبنانية السورية معلنة بذلك بدء مرحلة سقوط الخطوط الحمراء في عملية تحفيزية لصهاينة الداخل لمواجهة النجاحات التي يحققها حزب الله في كافة الميادين، وبالتالي الانتقال من سياسة الحرب الباردة إلى حرب السياسة الساخنة التي سيستخدم فيها العدو أوسخ أنواع الأسلحة وهي أوجاع واحتياجات الناس فيمتطي جوعهم وفقرهم ليقودهم وسط نيران خطر الوباء القاتل إلى ساحات المواجهة لإسقاط جدار الحكومة العازل الذي تعمل على بنائه للفصل بين هؤلاء اللصوص وجيوب المواطنين وكمقدّمة للمعركة فقد أوعزوا الى جهّالهم لفتح النار الافتراضية على هذه الحكومة لمحاصرتها بمجموعة من المطالب التعجيزية وإطلاق الأحكام التعسّفية وهذه سمة الجاهل الإجابة قبل أن يسمع، والمعارضة قبل أن يفهم، والحكم بما لا يعلم مستغلين صمت الحكومة وترفعها عن الدخول في سوق المهاترات الكلامية واكتفاءها بتقديم رؤيتها العلمية البعيدة عن الشعارات الإنشائية الفضفاضة التي تدغدغ المشاعر الفئوية، وتتاجر بلقمة عيش البسطاء على قاعدة أنّ العاقل يتكلم عن أفكاره والذكي عن أعماله والسوقي عن طعامه ولكن يبقى السؤال المحيّر كيف للبناني ان يقع مجدّداً فريسة بيد جلاده ويسمح للذئب بأن يعود مجدّداً لقيادة القطيع بعد ان جرّبه لسنوات وسنوات وأكتشف بأنّ همّ الجزار هو اللحم وهمّ الخاروف هو الروح وهو يرى اليوم انّ الراعي الجديد يصبّ كلّ اهتماماته في رعاية القطيع رافعاً شعاراً في ظلّ حكومة فاضلة الفقر عار، وفي ظلّ حكومة سيئة الغنى هو العار فيحاول استرداد ما استلبته الحكومات السيئة التي اغتنت وأثرت وأوغلت في جيوب اللبنانيين واعتبرت أموالهم غنائم حرب وعاملتهم معاملة الأسرى وأفسدت الحياة السياسية باستبعادها المواطنة واعتماد مبدأ التجارة حيث تحوّل اللبناني في حكمهم الى سلعة تباع وتشترى في سوق النخاسة السياسية وتحوّل في عهودهم البائدة التجار الى سياسيين والسياسيين الى تجار، وقد جاء في الأقوال المأثورة إذا تعاطى الحاكم التجارة فسد الحكم وفسدت التجارة وهو ما نعاني منه اليوم حيث لم يسلم المواطن من اتجار هؤلاء الفجار بمصيره حتى وهو في مواجهة حرب الإبادة الكورونية التي نجحت الحكومة المستهدفة في مواجهتها وحماية مواطنيها من أخطارها الداهمة رغم ضعف الإمكانيات، فأثبتت بذلك انّ الإرادة الصادقة هي أقوى من ايّ سلاح آخر وانطلاقاً من هذه القاعدة نقول لهؤلاء القراصنة انّ المخطط الشيطاني الذي تسعون لتنفيذه من خلال فتح ثغرة في سياج الوطن لتمرير المشروع الإسرائيلي الأميركي سيواجه بمجموعة من الكمائن النوعية التي لن تفشل مساعيكم فقط بل ستقضي نهائياً على خطركم ولن تسمح بتفشيه ونقل فيروسه من ساحات طرابلس الى صيدا وبيروت.
وقد جهّزت لكم الحكومة والقوى السياسية الداعمة لها أماكن حجر أخلاقي لا تسمح بتسرّب أوبئتكم الى الخارج وتسميم المجتمع اللبناني المقاوم فسدّ الثغرات على حدود الوطن هو اختصاصنا كما هو فتح الثغرات في دفاعات العدو، فنصيحة لكم احجروا أنفسكم قبل ان يحجر عليكم واعلموا انّ الوطن الذي زرعنا فيه أغلى الأبناء ليس معروضاً للبيع وقد ولى الزمان الذي تحكمون فيه لبنان فهذا الزمن هو زمن حسان…