إجراءات الوقاية في ملبورن ـ استراليا مستمرة للحدّ من انتشار فيروس كورونا المستجدّ وتعويضات ماديّة للمتضرّرين جرّاء الحجر الصحيّ فاعليات الجالية: السلطات الرسمية اتخذت القرارات المناسبة في مواجهة الوباء.. والالتزام كامل بالإجراءات الوقائية
} عبير حمدان
يستمر الالتزام بالإجراءات الوقائية في الدول كافة للحد من انتشار فيروس كورونا المستجدّ وكأن العالم كله أقفل أبوابه ليتمكّن من كسر العدوى واحتواء الوباء الذي تجاوز المليوني إصابة حول العالم وشكل تهديداً فعلياً على الأنظمة الصحية في أكثر الدول تطوراً.
حتى الآن نشهد تضارباً في التقارير والدراسات حول الفيروس ولا يوجد أي دليل علمي حاسم لناحية انحساره في الصيف، ولا يزال التسابق على إيجاد اللقاح قائماً، والسياسة لها دورها بين التفاصيل لجهة تبادل الاتهامات.
هذا النفق الطويل الذي يضع القارات الخمس أمام تحديات كبيرة لا بدّ أن تكون له نهاية، ولو بعد حين، وإلى أن نبلغ نهايته ونعبر إلى بر الأمان علينا تحمل المسؤولية بكل وعي.
«البناء» وفي ظل إجراءات الحجر المنزلي، تواصل مواكبتها أحوال الجالية في المغترب كما في الوطن، وفي هذا التحقيق مقابلات مع عدد من فاعليات الجالية في ملبورن ـ استراليا.
ديب: أبناء الجالية شكلوا قدوة
في تطبيق قواعد الصحة
تؤكد ريم ديب مدرّسة لغة عربيّة، ومراسلة جريدة النّهار الاستراليّة في ملبورن أن أبناء الجالية اللبنانية كانوا القدوة لجهة التقيد بالإجراءات الوقائية، وتقول: «لقد حاولنا منذ بداية الأزمة استيعاب هذا الوباء من خلال الامتثال الكبير لتطبيق قواعد الصحة التي أطلقتها الحكومة من عزل في البيوت وعدم الخروج منها إلا للضرورة القصوى، وشخصياً أعتبر أن أكثر مَن التزم بإجراءات الوقاية هم أبناء الجالية، لأنّهم على احتكاك مباشر مع ذويهم وأصدقائهم في الوطن ويدركون ما يعانونه هناك من عدم القدرة على الاحتماء من هذا الفيروس، لذلك كانوا القدوة والمعلم الأول لهم هنا في استراليا».
وتضيف: «نسبة التجاوب للقوانين هنا قد بلغت 90% لأن كثيرين اعتبروها كافية للحدّ من انتشار الفايروس وليس مبالغاً فيها على الإطلاق، وقد عمدت الحكومة الاسترالية إلى إغلاق أماكن التجمعات الكبيرة بهدف كسر العدوى وهي المدارس والجامعات، والمطاعم، والمقاهي ودور العبادة، والأسواق. واستثنت محال المواد الغذائية والمستلزمات الضرورية مع تأكيد التزام هذه المحال بالقوانين الصحية الصارمة. ولم تغفل الجهات الحكومية المعنية مسألة التعويض المادي قدر الإمكان على المتضررين من جراء الحجر الصحي» .
وحول دور الجمعيّات والأحزاب قالت: «أمّا بالنسبة لجمعيّات وأندية وأحزاب الجالية فقد كان شغلهم الشاغل التوعية قدر الإمكان من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، إضافة لانطلاق الشبيبة بعمل ما يُعرَف بـ ( volunteer ) لمساعدة كبار السّنّ في قضاء حاجاتهم من دون الخروج من المنزل ولأوقات محدّدة .المجتمع الاسترالي استوعب الواقع وعمل بشكل سريع على مواجهة هذا الفيروس بكل ما يلزم، من جهة ثانية فإن دورة الحياة استمرت من خلال الإنترنت حتى على صعيد العمل الحكومي، كما تم فرض عقوبات مادية على كل فرد مخالف للقوانين الملزمة».
وختمت ديب: «أتمنى الصحة والسّلامة للجميع، وأن نخرج من هذه الأزمة بأسرع وقت وبأقلّ أضرار ممكنة، وخاصّة أهلنا في الوطن الخارج من حرب امتدت لسنوات وأثرت عليه اقتصادياً واجتماعياً، وكل الشكر لاستراليا وطني الثاني حكومة وشعباً على احتضاننا ومساعدتنا في المضي قدماً في كافة المجالات العملية والإنتاجية».
مظلوم: الوعي هو الدواء الفاعل ضد «جرثومة العصر».. وتحية لـ»البناء»
أما سامي مظلوم فلفت إلى أن استراليا نجحت في الحد من انتشار الفيروس، وقال: «عندما سمعنا بأن هناك فيروساً مستجداً عبر وسائل الإعلام، ظننا أنه مجرد رشح أو زكام كغيره من الأمراض الموسمية، وحين بدأ بالانتشار في استراليا اعلنت وزارة الصحة أنه وباء لا دواء له في الوقت الحاضر وقاتل في بعض الحالات وأطلقت عليه وسائل الإعلام «جرثومة العصر»؛ وبالتالي فإن العالم كله يخوض حرباً عالمية قد تقتل ملايين الناس في هذا العالم المضطرب قبل إيجاد العلاج. في استراليا اتخذت الحكومة الفدرالية وكذلك حكومة كل ولاية تدابير وقائية صارمة وتم اعلان حالة طوارئ في البلاد عامة، وتجنيد كامل للأطباء والممرضين والممرضات وكذلك المتقاعدين للوقوف صفاً واحداً في جبهة إنقاذ الأمة الأسترالية وشعبها في مواجهة هذا العدو الخبيث واللعين، طبعاً شملت هذه القوانين خدمات صحيّة للجميع ومجّانية».
وأضاف: «في الأسبوع الثاني من أذار طلبت الحكومة الأسترالية من جميع المصالح والمؤسسات التجارية والسياحية والصناعية وشركات الطيران التوقف عن العمل لأجل غير مُسمّى، وفرضت قوانين صارمة تُلزم المواطنين البقاء في منازلهم وعدم التجمع في المناسبات لأكثر من سبعة أشخاص سواء في الأعراس أو في الماَتم. جاليتنا جزء من المجتمع الأسترالي ما يعني أننا كمواطنين علينا واجبات ولنا حقوق وتتوجب منا ممارستها بكل أمانة ودقة، ومن يخالف طبعاً يُحاسب عملاً بقوانين البلد. في المناسبة نؤكد عدم وجود أي حالة مرضية واحدة في جاليتنا البالغ عددها نصف مليون ونيّفاً في أستراليا».
وتابع: «الحقيقة لا بد أن نرفع تحية إكبار للدولة الأسترالية شعباً وأحزاباً وهيئات اجتماعية واقتصادية وثقافية فنيّة وحكومية. هذه المؤسسات كلها جزء من الدولة والحكومة هي الإدارة التشريعية والتنفيذية وفي مقدمها مؤسسة القضاء التي تتمتع باستقلالية تامة عن باقي المؤسسات. استراليا نجحت في الحد من انتشار كورونا لأن الجميع التزم قرارات الحكومة في حربها ومواجهتها العدو بقيادة الشرع الأعلى يعني العقل وبأخلاق ومواطنية صادقة تقود المجتمع إلى الخلاص والانتصار على الوباء».
وأردف: «نؤكد عبر جريدة البناء الغرّاء وللعاملين بها وللقرّاء الكرام ومن بيوتنا أنه انطلاقاً من إيماننا بالعمل المؤسسي وبعقلنته نلتزم القوانين ونصونها انطلاقاً من العائلة الصغيرة وصولاً الى العائلة الكبيرة (المجتمع) ونعمل على نشر ثقافة الوعي عبر وسائل الإعلام المتوفرة بلغتنا العربية والإنكليزية من راديو وجرائد ومجلاّت وعلى مدار 24 ساعة في النهار، ومن خلال منبر المواسم: دردشات، همسات ثقافية وإضاءات فكرية والغاية من كل هذه الأنشطة أسميها «غاية الطبيب في اختراع الدواء»، والوعي هو الدواء الفاعل عند ناسنا وسلامنا الرسولي في بناء الإنسان الجديد، لأمة أعطت العالم منذ الأزلية رسائل المحبة والسلام حركة حق وخير وجمال أمتنا تُجسّد قيمها وفضائل قوتها في زمن كورونا لتواجه كل موبقات ومفاسد هذا الكون المريض، وهي الحركة السورية القومية الاجتماعية، باعثها ومؤسس حزبها العقائدي معلم مشى جلجلة خلاص أبديّة، ختمها بدمه، وقفة عز تبقى مدرسة المثل العليا، وعلوم الأخلاق في مناقبية الصراع لإنقاذ الأمة من أعداء الإنسانية في هذا العالم الحق. نقول وفي زمن القيامة سيتدحرج الحجر عن قبر الشك والبلبلة وفوضى المفاهيم، وتكون القيامة في وضوح الرسالة وثقة ويقين المؤمنين بها نصراً للأمة الهادية وخلوداً لمعلمها، وتأكيداً لتعاليم السلام والهدى.. أمة الحياة ترفض قبر التاريخ مكاناً لها تحت الشمس».
وختم: «المجتمع الأسترالي، هو مع الأسف أقرب بكثير لقيمنا الفلسفية العلمية، من مجتمعات عالمنا العربي، لأنه مجتمع علماني في دولة تُوزع الثروة على مستوى الإنتاج، الإنسان فيها قيمة اجتماعية بل ثروة مجتمعية. الحكومة الاسترالية تحتضن المواطن تُشجعه، تُكافئه وتُحاسبه، تحتضن كل المنتجين فكراً وصناعةً وغلالاً وإبداعاً بضمانات تُتيح لهم فرصة المثابرة والعطاء». وشكر جريدة البناء على «مواكبتها أبناء الوطن في بلاد الاغتراب، ولكم تحية الحياة، وتمنياتنا لوطننا الغالي حيث أنتم النصر على كورونا وعلى كل العابثين بكرامة ناسه مُقيمين ومُنتشرين، والسلام».
رزق الله: الالتزام بالوقاية خير سبيل للخلاص
تلفت مريم شاهين رزق الله ان الخوف سيطر على الجميع في البداية، ولكن م الوقت سهُل استيعاب الأمر، وتقول: «نحن كمقيمين في استراليا وكمثل باقي دول العالم بأسره، قد فرض علينا واقع صعب وتقبلناه برحابة صدر وقناعة تامة، وهو ليس إلا للحفاظ علينا كأفراد، وبالتالي ما تأثيره على المجتمع ككل شعار «خليك بالبيت» وعدم الخروج الا للضرورة القصوى والالتزام بالنظافة الشخصية من غسل الأيدي والتعقيم، واتباع وتطبيق الإجراءات الحكومية من صحية واجتماعية واقتصادية، كله من أجل الحفاظ على محيط نظيف منظم بعيد عن العدوى».
وأضافت: «كل السلع الضرورية موجودة ومؤمنة للجميع وفي كل الأوقات مع إمكانية التبضع من خلال الهاتف وتأمين كل المستلزمات لمن يسكن وحده او ليس لديه إمكانية صحية أو اجتماعية للخروج من البيت ترافق ذلك مع بث نشرات تلفزيونية عن كل المستجدات بسلبياتها وايجابياتها .في البدء غرقنا في بحر من الخوف والرعب، هاجت الدنيا وماجت لتأمين مستلزمات العيش والمبالغة في التسوّق وأحياناً بسوء تصرف، ورويداً تماثل المواطن للقوانين المفروضة والتي ليست الا لمصلحته ومصلحة البلد بمن فيه من كافة فئات الشعب التي تساوت في كل شيء. بالطبع كانت القوانين مدروسة ومتشعّبة وشاملة على كافة الأصعدة، والالتزام بها وانصياع الكل لتطبيقها هدفه الحد من تفاقم المرض وانتشار الفيروس على هواه. فالالتزام هو خير طريق للخلاص» .
وتابعت: «شعار خليك بالبيت المتداول بين الجميع يعني أن العلاقات الاجتماعية تكون عبر الاتصالات فقط، ودور العبادة كانت أول الملتزمين، بحيث بثت الصلوات عبر الشاشات مباشرة والعلاقات العائلية اقتصرت على افراد الاسرة فقط بمعنى أن مفهوم خليك بالبيت هو البقاء تحت سقف تتنفس تحته وتعيش بأمان وحرية. ونحن كجالية مقيمة في استراليا قبلنا تلك القوانين دون اعتراض لان في ذلك سلامة الفرد والمجتمع والبلد بأكمله الذي نعيش فيه بكرامة وسلام بمنأى عن الفوضى وعدم الالتزام» .
وختمت: «مع أن لكل وضع وجهين، سلبياً وإيجابياً، إلا أن ايجابياته حولنا ولنا كانت كثيرة وشاملة من حيث مساعدة المسنين، والعاطلين عن العمل، وأصحاب المؤسسات الصغيرة وصغار الكسبة وبث الدفء والطمأنينة في النفوس، وأن مدة حجرنا والتزامنا مهما طالت لا بد أن تنتهي بسلام وأمان، وسلاحنا لقتل هذا الفيروس بيدنا لجهة النظافة والالتزام بقوانين الحجر والبقاء في البيت».
جبور: وفرنا تمويلاً كبيراً للأبحاث الخارجية والإغلاق المبكر كان فعالاً
أما رولاند جبور رئيس غرفة التجارة الاسترالية اللبنانية والقنصل الفخري للمغرب في استراليا، فقال: «منذ البداية تم اتخاذ إجراءات صارمة للحد من انتشار الفيروس، وذلك بعد أن ظهرت شواهد مبكرة على وصوله الى استراليا، وبالتالي الاغلاق المبكر في البلاد كان فعالاً، وقد تأثر الاقتصاد الاسترالي جراء هذه التدابير بشكل سلبي، وذلك لأنه مرتبط بالاقتصاد العالمي والدولار الاميركي من دون ان نغفل مسألة تدني اسعار النفط مما يستدعي من الحكومة اتخاذ الخطوات المناسبة لمعالجة الوضع واعادة السيطرة في أقرب وقت ممكن».
وأضاف: «يجب أن يتم العمل بشكل جدي على إيجاد لقاح لفيروس كورونا المستجد. وهذه مهمة تشغل العالم كله، نحن في غرفة التجارية الاسترالية ـ اللبنانية (AACCI ) قمنا باستطلاع حول تأثير الفيروس وتمكنا من التوصل إلى نتائج مهمة حول طبيعته. وتم التدوال بهذا الخصوص في اجتماعاتنا، وقد تم إبلاغ نتائج المسح مباشرة إلى الوزير الفيدرالي للتجارة والسياحة، سيمون برمنغهام، وبالتالي تمكنا من تأمين تمويل كبير للأبحاث والقطاع الخارجي».
وتابع: «قامت منظمة «مينا ريجن» بالعديد من الأبحاث ونشرتها على موقعها الالكتروني والجريدة الخاصة بها والـ Linkedin الخاص بها، وطبعاً من خلال عملها هذا وتعاوننا المشترك تمكنا من التوصل الى أكبر عدد ممكن من الاشخاص المختصين في هذا الاطار، وقدمنا أيضًا ندوات عبر الإنترنت أسبوعية لاستقطاب الخبراء والمساعدة في تعزيز المشاركة وتوفير منصة للاتصالات المباشرة حيث تشتد الحاجة إليها. ويمكن للجميع متابعة الندوات على الويب الخاص بنا حول التأثير الاقتصادي للفيروس محليًا وعالميًا.»
وختم: «يجب اعتماد الاتصالات الرقمية جراء إجراءات الإغلاق في العالم، كي تصل المعلومات الى أكبر عدد من الناس مما يساعدهم على البقاء في أمان».