اليمن.. لا شرعيّة إلا الشعب
د. علي أحمد الديلمي*
لم يعد اليمنيون بمختلف توجُّهاتهم السياسية يعترفون بالشرعية وهي في حكم الساقطة والفاشلة. وهذا هو التعبير الشائع لدى معظمهم، بعد أن فشل الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومته في كسب ثقة الشعب، وجلُّ ما يفعله هادي وحكومته هو متابعة الأحداث عبر وسائل الإعلام ومن داخل غرف الفنادق، ورغم ذلك يريد أن يعترف به اليمنيون والعالم رئيساً «شرعياً» من دون أن يعود إلى بلاده ليكون بين أبناء شعبه بدلاً من البقاء في الرياض مع طبقة سياسية فاشلة.
إنّ الحرب بالنسبة إلى هذه الطبقة السياسية الفاشلة هي فرصة للإثراء والاستحواذ على المناصب وتوزيع الوظائف على الأقارب والأصحاب وتطوير مشاريعهم الخاصة. وبالتالي فإنها بعيدة كلّ البعد عن هموم المواطنين ورعاية مصالحهم وتأمين احتياجاتهم، بل إنّها باعت اليمن والشعب اليمني مقابل مصالحها الخاصة وبعض الأموال المُلطّخة بدمائهم. إنّ هادي وأعضاء حكومته لا يرتدعون عن أكل المال الحرام وهم خارج البلاد لا يتشاركون مع الشعب في أيّ شيء ولا يضطلعون بالمهام الواجبة عليهم أمامه، وبالتالي لم تعد هناك شرعية إلا شرعية الشعب.
إنّ من يدير اليمن ويحكمه اليوم هي المنظمات الدولية وجمعية الهلال الأحمر التي تقوم بتوفير الغذاء والدواء وغيرها من الخدمات في الوقت الذي كان يجب أن يقوم بهذا الدور اليمنيون أنفسهم من خلال من يمثلهم. لكنّ الشرعية في حالة غيبوبة وهي تمارس الفساد خارج حدود اليمن، والمنظمات الدولية تدير البلاد وتمارس عمل «الشرعية» وفضائح فساد تلك المنظمات أيضاً تزكم الأنوف فصفقات الغذاء والدواء والنفط تذهب لشبكة واسعة من الفاسدين في هذه المنظمات والمتعاونين معها من اليمنيين الذين يجمعون ملايين الدولارات على حساب معاناة المواطنين والتربُّح من دمائهم، كلّ ذلك يتم والسعودية لا تزال تقدم الدعم المالي والعسكري لهذه «الشرعية» التي سقطت فعلياً أمام شعبها وأمام العالم.
على صعيد آخر، إنّ ما قامت به المملكة في الفترة الأخيرة بفتح حوار مباشر مع «أنصار الله» من أجل السلام في اليمن هو تأكيد لسقوط «الشرعية» الفاسدة ورغبة السعودية أيضاً في الخروج من هذه الحرب.
وفي ظلّ جائحة فيروس كورونا والآثار الكبيرة التي تركها هذا الوباء في كلّ دول العالم، فإنّ الفرصة باتت سانحة للعمل من أجل تحقيق السلام ورفع الحصار عن الشعب اليمني إذا توفّرت الإرادة لذلك وخلصت النيات.
ـــــــــــــــــــــــــــ
*دبلوماسيّ يمنيّ.