لا يبدو وزير الاقتصاد ووزير الصحة مختلفين لناحية التمكن من التخصّص الاحترافي كل في مجاله، كما لا يبدوان من بيئتين سياسيتين تقيّد قدرتهما على التحرك في ملفات كل منهما في وزارته، لكن الأداء الذي يرافق كل منهما يعطي نتائج وانطباعات مختلفة.
ثلاثة هموم تقلق اللبنانيين اليوم، كورونا والغلاء وسعر الصرف، الأول هو فيروس مجهول شديد الخطورة تسقط أمام جبروته دول عظمى بمقدرات علمية ومالية وتنظيمية هائلة، وينجح لبنان بقيادة وزير الصحة وجهوده وملاحقته وحضوره واستنفاره للمقدرات الحكومية والأهلية بمنح اللبنانيين الشعور بالاطمئنان لقدرتهم على التحكم بمسار انتشار هذا الوباء.
سعر الصرف يبدو أحجية صعبة المنال مع جزيرة مستقلة يقيمها حاكم مصرف لبنان وترفع من حولها الأسوار، وتعامل متوحّش للمصارف مع سائر اللبنانيين، يقوم على منطق الرهان على تركيع الدولة لبيع موجوداتها لتمويل المصارف، ومن حق اللبنانيين ألا تعيش هذه الأحجية طويلاً، كما من حق اللبنانيين أن تمتلك وزارة المال رؤية واضحة لكيفية معالجة سعر الصرف، وأن تقف الحكومة وقفة رجل واحد وتتخذ القرارات المناسبة، ومن حق الحكومة عندها أن تطلب مساندة الشعب بوجه كل عرقلة والملف مفتوح للمتابعة في كل حال.
وباء الغلاء ومواجهته مسؤولية وزير الاقتصاد ووزارة الاقتصاد، وبكل المقاييس لا يمكن مقارنة وباء الكورونا بوباء الغلاء. فالشيفرة واضحة وهي جشع التجار، إذ كيف يمكن تفسير ارتفاع سعر منتج محلي ثلاثة أضعاف، تذرعاً بسعر الدولار الذي ارتفع مرتين فقط ولا يوجد في هذه السلعة أي جزء مستورد، كحال الخضار والحمضيات، ولمكافحة الجشع من أعلى مستوى تجار الجملة والمستوردين وصولاً إلى أصغر بائع مفرق لا يحتاج إلى شيء سوى المتابعة والتشدد والملاحقة والقمع.
لا يقنع اللبنانيين إحالة الأمر على القضاء والحديث عن طلب تعاونه، أو الحديث عن جولات تفقد وتحقق تحمّلها الكاميرات لزيارات الوزير للأفران والمحال التجارية الكبرى، فما تنتظره الناس هو النتائج، والنتائج تحتاج أن يطلب وزير الاقتصاد جلسة للحكومة مخصصة لبند مواجهة الغلاء، يوضع خلالها كل شيء على الطاولة. فهذه حياة الناس وكرامتهم الإنسانية على المحك، ويطلب مؤازرة أجهزة الأمن لدوريّات المكافحة، وتنتشر وحدات الملاحقة والمراقبة في كل مكان، ويتم اعتقال وتوقيف مخالفيه ونشر لوائح مزوّرين، وفضح متورطين، وإقفال مؤسسات تجارية، ومصاردة بضائع ومحتويات مستودعات، وكلها قانوناً من تطبيقات حالة التعبئة العامة التي أقرّتها الحكومة.
ننتظر الأفعال لا الأقوال.