الإرباك سيطر على القطاع الصحيّ في فرنسا.. وقرار الحكومة برفع التعبئة في منتصف أيار سجاليّ مغتربون يتحدثون لـ «البناء» عن واقع اجتياح الوباء لفرنسا كما كل دول العالم والإجراءات المتخذة لمواجهته ودور الجالية في هذه المواجهة
عبير حمدان
تتجه الحكومة الفرنسية إلى رفع التعبئة قبيل منتصف شهر أيار المقبل، رغم أن عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد كبير نسبياً في فرنسا، مع العلم أن إجراءات الوقاية أتت متأخرة بعض الشيء، حيث لم تتوقع الجهات المعنية هناك أن يكون هذا «الوباء» فتاكاً وسريع الانتشار على النحو الذي شهده العالم كله.
الوباء الذي اجتاح العالم أظهر هشاشة العديد من الأنظمة الصحية وهشّم هيبة التطور التي يتغنى بها الغرب، وإلى أن يتم اجتياز هذا النفق الطويل يبقى الالتزام بالإجراءات الوقائية ضرورياً على مستوى القارات الخمس.
تختلف آراء المغتربين المقيمين في فرنسا حول واقع الحال بعض الشيء إلا أن أغلب مَن تواصلت «البناء» معهم لسان حاله يقول إن الإرباك سيطر على القطاع الصحي الذي عانى من نقص في أجهزة التنفس ونقص الأسرّة في العناية المشددة، وكذلك الكمامات ومواد التخدير للمشافي، وبالتالي تبقى بلادنا المكان الأمثل لناحية الإجراءات ومستوى الإصابات.
عازار
الأمين بيار عازار أكد لـ «البناء»، أن القوميين الاجتماعيين شكلوا خط الدفاع الأول في مواجهة فيروس كورونا المستجدّ، وقال: «لم يكن القوميون الاجتماعيون في فرنسا بمنأى عن متابعة ما خلّفته جائحة «كورونا» منذ بدايتها في منتصف شهر كانون الثاني 2020، بل كانوا يقظين ما فيه الكفاية لمثل هذه الجائحة، كما كانوا، كعادتهم، على قَلبِ رجل واحد في ما يخصّ التحذيرات والتنبيهات وطرق الوقاية من عدوى هذا المرض الذي فاجأ دول العالم قاطبة.
وحقيقة الأمر، أن القوميين الاجتماعيين واجهوا هذا «الوباء» على خطين إثنين: الخط الأول طبيّ، حيث انبرى الأطباء القوميون في فرنسا لمواجهة «الكورونا»، وكانوا في خط الدفاع الأول جميعاً، ونخصّ بالذكر منهم الدكتور الرفيق أنطون الأشقر (اختصاص أمراض صدرية وسرطانية)، إذ وضع نفسه وإمكاناته الطبية بتصرّف الرفقاء القوميين كافة، وكان دائم النصح والإرشاد لهم ولغيرهم، إضافة إلى أنه لم يغب عن شاشات التلفزة بأنواعها، وقد أبلى بلاء حسناً في التوجيه والتنبيه والتشديد على طرق الوقاية من هذا المرض اللعين. وإضافة إلى د.الأشقر هناك الأطباء مارون شدياق وانطون شدياق وعطا السهوي ورامي شير وآخرون.
الخط الثاني سياسي ـ ثقافي، إذا بادر حضرة المنفذ العام الرفيقة جوزفين نصر إلى إنشاء «صفحة/ مجموعة طمنونا» الهدف منها أن يطمئن القوميون إلى بعضهم بعضاً من خلالها».
ولفت عازار إلى التقصير الواضح للحكومة الفرنسية، فقال: «على مستوى مواجهة الحكومة الفرنسية لوباء «كورونا المستجد»، فإن التقصير كان واضحاً، وقد أقرّ الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بذلك أكثر من مرة وفي اكثر من مناسبة.. ولكن الحكومة الفرنسية تذرّعت بأنها لم تكن مستعدة لوباء كهذا، كما انها لم تكن مهيأة لأن «الفيروس القاتل» فاجأها كما فاجأ العديد من الدول الأوروبية ودول العالم.
بمعنى آخر، فإن أقوال المسؤولين الفرنسيين كانت أقلّ بكثير من أفعالهم تجاه هذا الوباء، غير أن الكادر الطبي يُشهد له بالعمل الجاد والتفاني، وتكفي الإشارة إلى وفاة العديد من الأطباء الذين كانوا يعملون في خطّ الدفاع الأول.
وكانت الحكومة الفرنسية واجهت انتقادات حادّة بسبب نقص الكمّامات وأجهزة الاختبار إضافة إلى استخفاف كبار المسؤولين الفرنسيين (السياسيين) بمضاعفات «فيروس كورونا المستجد». وعلى هذه الخلفية فإنه من المرجح أن يتم إلزام ركاب الحافلات ومترو الأنفاق في باريس بوضع كمامات فور رفع إجراءات العزل العام.
واضاف: «وفق كلمة متلفزة للرئيس الفرنسي أيمانويل ماكرون، فإنه من المقرر ان تبدأ فرنسا في إنهاء العزل العام في الحادي عشر من شهر أيار المقبل، مع توقعات باستئناف الدراسة في المدارس بعد ذلك، غير أنَّ الرئيس ماكرون لم يوضح في كلمته الموعد الذي من المرجح أن تستأنف قطاعات الاعمال مثل المقاهي والمطاعم ودور السينما نشاطها، وإلى أي مدى سيُسمح للناس بالتنقل».
وختم: «على هامش تقصير الحكومة الفرنسية في احتواء «الوباء»، فإن بعض المعلومات، التي يتم تداولها سراً، تشير إلى أن ماكرون تلقى الأوامر من الولايات المتحدة لبدء الهجوم الإعلامي والسياسي على الصين بتهمة نَشرِ فيروس كورونا ولو بالخطأ، بهدف مقاضاتها في المستقبل وتغريمها مليارات الدولارات تعويضاً عن الخسائر التي خلَّفها هذا الفيروس، مع العلم أنَّ كلَّ الأدلة تؤكد أنَّ مختبرات عائلة «كوشنر» تقف خلف كل ما جرى ويجري بخصوص «فيروس كورونا المستجد»، الذي ترجح أوساط طبية وعلمية فرنسية أنه «مُصَنّع» وفق ما أشار إليه البروفسور الفرنسي «لوك مونتانييه» الحائز على جائز نوبل، في حين لا يزال البروفسور «ديدييه راوول» المقيم في مرسيليا جنوب فرنسا يعكف على معالجة مرضاه الذين أصيبوا بالكورونا، بـ»كلوروكين»، ويقول إن 96 بالمئة منهم تعافوا، وسط إهمال تام من جانب الحكومة الفرنسية لهذا البروفسور النابغة».
باسيل
تعتبر رولا الطبري باسيل أن الخروج من الحجر غير مقبول حالياً، وتقول: «بدأت أعراض المرض بالظهور عند زوجي مع بداية الحجر أي في منتصف شهر آذار، ومن ثم ظهرت عندي وقد كانت مرحلة صعبة للغاية، حيث التزمنا بالحجر المنزلي لمدة 20 يوماً، وكل منا في غرفة ولعل المعاناة الحقيقية تمثلت بالجهد المضاعف من قبلنا لناحية تجنيب أطفالنا العدوى».
وتابعت: «لديّ ثلاثة أطفال تتراوح أعمارهم بين ثلاث سنوات وإحدى عشرة سنة وثلاث عشرة وإصابتي مع والدهم بالمرض حتم علينا التباعد ونحن في مكان واحد، في فرنسا لا يمكنك الذهاب إلى المستشفى إلا إذا فقدت القدرة على التنفس، يوسف زوجي بقيت حرارته مرتفعة لمدة 18 يوماً لكنه لم يعانِ من السعال، أما أنا فقد عانيت منه وكان لديّ لهاث وصفير في أنفاسي مما جعلني استعين بجهاز oxymetre والأوكسيجن في دمي كان جيداً وبالتالي لم أحتج إلى مستشفى، ولعل مناعتنا ساعدتنا لكوننا لا نعاني من أي مشاكل صحية، وقد تناولنا الكثير من الفيتامين سي وما يقارب 3 غرامات يومياً من الفيتامين دي والزينك، بالإضافة إلى الزنجبيل والليمون الحامض وطبعاً مع الأدوية المضادة مثل «السيتامول»، ولكن حتى الآن لم تزل حاسة الشم لديّ ضعيفة».
وتختم: «بالنسبة لي ولأولادي لا زلنا في حالة حجر طوعيّة مع التشديد على الاحتياطات كافة لجهة التعقيم. زوجي مضطر أن يعود إلى العمل فهو طبيب. شخصياً أنا لا أؤيد قرار إنهاء الحجر الصحي في منتصف أيار ولو بشكل تدريجيّ. برأيي قرار الرئيس الفرنسي غير مقبول في وضعنا الحالي. والجميع هنا يشعر بالخوف. وهناك نقص في الكثير من المستلزمات الطبية والطاقم الطبي يعاني كثيراً، الفرنسيين لن يقبلوا بعودة أولادهم إلى المدارس طالما لم يتم القضاء على هذا الوباء».
سلامة
أما الدكتور سلامة (طبيب أسنان) فقال: «الإصابات كثيرة في فرنسا والجهات الحكوميّة بررت تقصيرها، بأنها تفاجأت ولم تكن تتوقّع أن تكون الأزمة على هذا النحو. برأيي إنهم لم يستعدّوا لها كما يجب وتعاملوا مع المسألة باستهتار في البداية. وبالتالي لم يتمكنوا من استباق الأمور. هناك نقص في الكمامات والمعدات الطبية، مستشفيات فرنسا فيها 5000 سرير عناية تمّ رفع هذا العدد الى 7000 وهو غير كافٍ. في المقابل ألمانيا جهّزت 27000 سرير عناية مشددة من هنا يظهر ان الاهمال واضح في فرنسا من قبل المعنيين في القطاع الرسمي والصحي»
وأضاف: «أعلنت الحكومة الفرنسية انها ستخفف التعبئة في الحادي عشر من أيار. والمشكلة الحقيقية تكمن في كيفية العودة الى الحياة الطبيعية دون توفر علاج ولقاح لهذا الفيروس، أنا طبيب أسنان وقد اقفلت عيادتي منذ بدأ الفيروس في الانتشار، والتزمت الحجر المنزلي وكذلك أولادي حيث نقضي الوقت في قراءة الكتب وممارسة الرياضة والعزف».
ويختم: «برأيي الشام تفوّقت لناحية الالتزام بالإجراءات وكان لدى الدولة هناك خطة استباقية. والدليل أن هناك فقط 33 حالة فقط على صعيد الشام ككل، هناك وعي كبير في بلادنا تُضاف إليه آلية عمل رسمية حازمة هدفها الحد من انتشار العدوى، ولا أخفيك إذا قلت إني أفضل أن أكون في الشام في كل الأحوال وليس فقط بسبب هذه الأزمة الصحية العالمية».
مراد
تؤكد منار مراد (طبيبة تخدير وعناية مشددة) أن المشافي الفرنسية كانت في حالة تأهب منذ بدء انتشار الفيروس في البلاد، وتقول: «منذ بداية وصول حالات Covid 19 والمشافي الفرنسية في حالة تأهب مع العلم أن عدد الأسرّة الموجودة في العناية المشددة في فرنسا والمجهز بأجهزة التنفس الاصطناعي حوالي 5000 سرير، وقد تم رفع هذا العدد الى أضعاف وتم استبدال العمليات الجراحية بالحالات الإسعافية فقط، او عند مرضى السرطان، والسبب في ذلك أن الفيروس جديد وما نعرفه عنه كان من زملائنا الطليان ولم يصلنا أي معلومات واضحة عنه من الصين».
وأضافت: «إن كل مرضى covid 19المقبولين في العناية المشددة لديهم اللوحة السريرية نفسها. وهي القصور التنفسي الحاد وما نسمّيه بالطب متلازمة ARDS والتي تودي الى قصور باقي الأعضاء مثل القلب والكليتين والكبد. وبالتالي يحتاج هؤلاء المرضى الى الاوكسجين عن طريق جهاز التنفس الاصطناعي. وفي حالات كثيرة نحتاج لأجهزة القلب المفتوح اَي اكسجة دم المريض خارج الجسم ومن ثم إعادته للمريض وأيضاً أجهزة غسيل الكلى، غير ان مرضانا يكونون بوضعية الاضطجاع البطني وكل 6 ساعات بحاجة لتغيير الوضعية ومن هنا تأتي أهمية معرفة الإمكانات سواء بالأجهزة او بالطاقم الطبي والتمريضي المحيط بكل مريض».
وتابعت: «هذه المرة الأولى في حياتي التي أرى فيها هذه الأعداد الكبيرة من المرضى التي تنهال بوقت واحد وبنفس الباثولوجيا، لكن ما هو ثابت اليوم أن فرنسا استطاعت البدء بتجاوز الأزمة والنظام الصحي الفرنسي استطاع الصمود من خلال جهودنا جميعًا، ذلك لأن نعمل هنا بشكل جماعي بدءاً من أصغر شخص بالمشفى وطبقة الموظفين والسكرتارية وصولاً إلى الطبيب، ويمكنني القول إننا بدأنا نشعر بالارتياح جراء نقص عدد المرضى الجدد، ولكننا ما نزال في الحدود العليا لطاقة العناية المشددة في المشافي، وايضاً من دون ان ننسى ان كامل أقسام المشافي ما تزال ممتلئة بالمرضى الذين يحتاجون الرعاية الطبية وقد يتطورون الى حالات حرجة في اَي وقت، مع الاشارة إلى أنه تم نقل عدد كبير من المرضى الى المناطق الأقل ضغطاً بالنسبة للوباء، كما يتم الآن نقل مرضى من المشافي الى اوتيلات مجهّزة صحياً لاستكمال فترة النقاهة وهي حوالي 300 فندق».
ولفتت الى النقاش حول رفع الحجر الصحي بالقول: «أعتقد أن الفترة الكافية لعودة مشافينا وعناياتنا المشدّدة الى نظامها الطبيعي قبل الوباء هو أول حزيران، لذلك أستغرب أن يرفع الحجر الطبي في البلاد قبل هذا التاريخ وإلا فيجب علينا التحضير للموجة الثانية أو الثالثة للوباء. الجهات السياسية بالتعاون مع أهل العلم والاختصاصيين تناقش مسألة إجراءات الخروج تدريجياً وببطء من الحجر الصحي وفق معايير محددة يكفلها الدستور بشكل ان لا يتم المّس بالحرية الفردية أو التسبب بأي نوع من التمييز سواء لناحية السن او الأمراض المزمنة، وقد تبين لنا أن المرضى الذين يصنف وضعهم بالخطورة هم الكبار بالسنّ ومن لديهم أمراض مزمنة، ودور الطبيب المعالج لهذه الفئة هو إعطاء شهادة طبية وفق طبيعة كل حالة من أجل السماح لهم بالخروج من المنزل طبعاً مع اتخاذ الحيطة والحذر من قبل ارتداء الكمامة وتغسيل اليدين واحترام مسافة متر على الأقل مع كل المحيطين وتجنب المصافحة والمعانقة لفترة لا نعرف متى تنتهي وقد تمتد لسنوات».
وتضيف: «تبقى أعيننا اليوم بانتظار نتائج الدراسة الأوروبية discavary والتي يلجأ فيها المشفى الأوروبي جورج بومبيدو حيث أعمل حول البروتوكول العلاجي المستخدم والذي سيكون له الدور الفاصل في تحديد الفترة المقبلة، طبعاً مع توسيع استخدام الفحص الفيروسي pcr في كشف المرضى علمًا ان النتائج السلبية احياناً كثيرة قد تكون خاطئة، لذلك ننتظر الفحص الدموي الذي يكشف لنا مَن هم الأشخاص الذين تعرّضوا او لم يتعرضوا للإصابة حسب نسبة الأضداد بانتظار طبعاً إيجاد لقاح بأحسن الظروف في بدايات العام المقبل».
وتختم: «من الصعب ان نقارن بين الشرق والغرب في ما يتصل بالإمكانيات الطبية والأجهزة والعلم والكادر الطبي وجانب الطبي كما ذكرت في بداية كلامي، لذلك يبقى الحل الأمثل هو اعتماد الحجر الصحي كما اتبعت الدول المتقدمة جميعا بهدف المحافظة على القدرة الاستيعابية للمشافي لتستطيع القيام بدورها على أحسن وجه، مع التشديد على معايير السلامة الفردية ووضع الكمامة التي هي اليوم بمثابة اللقاح لحماية الأشخاص من الإصابة والتقاط العدوى، وطبعاً غسيل اليدين والتباعد الاجتماعي وحماية الأشخاص ممن نسمّيهم اصحاب عوامل الخطورة والحساسين لنستطيع العبور بسلام الى مرحلة ما بعد covid 19«.
ترحيني
أشارت منال فياض ترحيني ان فرنسا استهترت في بادئ الأمر. وقالت: «بكل صراحة الدولة الفرنسية استهترت في البداية ولم تعِر الموضوع الأهمية اللازمة وبقيت المدارس مفتوحة وجرت الانتخابات البلدية بشكل عادي، رغم أن ماكرون خرج على المواطنين بخطاب يقول فيه أن بلاده تواجه أزمة صحية جراء وصول فيروس كورونا المستجد، ولم يتم إعلان حالة الطوارئ قبل 16 آذار مع الاشارة إلى أن شقيقتي كانت قد أتت لزيارتي في الاول من آذار وحين وصلت إلى المطار صدمها غياب الإجراءات. هنا بينما في لبنان كانت هناك حالة استنفار ووقاية لجهة وضع الكمامات والقيام بكل الأمور التي تحد من انتشار العدوى. ومن هنا أؤكد لك أننا كمغتربين مقيمين في أوروبا نعتبر أن الإجراءات التي رأيناها في مطار بيروت لم نشهدها في زمن كورونا حتى في أهم مطارات العالم مما يعني أننا مقبلون على لبنان الجديد ما بعد الكورونا».
وتابعت: «الدولة الفرنسية لم تكن على استعداد كامل لمواجهة هذا الوباء، وكان هناك نوع من الصدمة للأطباء لناحية أعداد المرضى وحالاتهم، لقد كنا امام عدو غير مرئي ومحكومين بخوض حرب وجود، لذلك كان لا بد من التزام الحجر المنزلي وكل مَن يخالف يدفع غرامة. بالطبع هذا الواقع أرخى بثقله على النفوس، واذا اردت اخبرك أن التوتر يتحكم بتفاصيل الحياة هنا، بالنسبة لي احاول أن ابتعد عن التشنج وأتعامل مع زوجي بشكل طبيعي وكأن لا وجود للفيروس كي لا أضاعف توتره خاصة أنه يعمل في المجال الطبي ولا ينقصه ضغط نفسي حين يعود إلى المنزل، وحين نضطر للخروج كي نتبضع حاجاتنا نحافظ على كافة الإجراءات الوقائية المطلوبة. الدولة قامت بواجبها في مكان ما وقصرت في مواضع اخرى، وكلبنانيين صدمنا الفارق الواضح بين دولة متطورة كفرنسا وبين وطننا الذي عانى ويعاني الكثير ولكن بدا واضحاً الانضباط فيه وجدية إدارة الأزمة الصحية من قبل الوزارات المعنية والحكومة والجهد الذي تمارسه البلديات والجمعيات وكل شرائح المجتمع فيه يبعث على الفخر. وهذا الواقع جعلني اتمنى أن اكون في لبنان خلال هذه الأزمة وكثر غيري فكروا على هذا النحو».
وحول الفارق بين لبنان وفرنسا قالت: «فرنسا بلد سياحي وحدوده مفتوحة ووسائل النقل فيه لم تتوقف في بداية الأزمة مما ساهم في انتشار الفيروس بشكل سريع، أما في لبنان فكان قرار إقفال الحدود حكيماً واستباقياً، وكذلك إقفال المدارس والمؤسسات منذ اللحظة الاولى، ومن فرنسا نتوجه بالتحية إلى وزير الصحة اللبناني الدكتور حمد حسن على جهوده هو وكل فريق العمل في الوزارة الذي أثبت مقدرة يشهد لها العالم كله».
وختمت: «نحن نعيش هذه الأيام في صراع من أجل البقاء بين الأمل والألم وبين الأقدام والتراجع وبين الطموح والخمول، وغداً يوم أفضل.. هكذا يقول لنا الأمل. وهكذا يحثنا الأمل الذي هو الثورة وهو تغريد العصفور الحر، وأحب أن أختم بقول لأنطون سعاده الذي تربينا على نهجه ومبادئه «إننا نحبّ الحياة لأننا نحبّ الحريّة، ونحبّ الموت متى كان الموت طريقاً إلى الحياة» ومن ينشأ على هذه المبادئ فلن يحقق إلا النصر».
حيدر
من جهته أكد احمد حيدر (ممرض) أن المعاناة عند الجميع في فرنسا، وقال: «ما سأقوله هو وجهة نظري الشخصية وقد ينطبق على كل اللبنانيين المقيمين في فرنسا، الجميع يعاني بنفس المستوى سواء المواطن الفرنسي او الجاليات من بلادنا، المعاناة الاجتماعية تتفاقم نتيجة الحجر الصحي الإلزامي بحيث يتزايد العنف الأسري والمشاكل الاجتماعية وحالات الانفصال تتصاعد».
وأضاف: «هناك ايضاً أزمة اقتصادية حيث إن كافة المؤسسات مقفلة ولو أن الدولة تقدم المساعدات، لكن هناك مشكلة حقيقية ممكن ان تظهر لاحقاً».
أما لجهة الفرق بين لبنان وفرنسا فيعتبر حيدر أنه من الصعب المقارنة بين البلدين سواء لجهة عدد السكان او الإمكانيات الطبية، لافتاً إلى أن الخطر من الإصابة بهذا الوباء موجود عند الجميع وليس لدى اللبنانيين وحسب.
وختم: «انا وزوجتي نعمل في المجال الطبي وبالتالي رغم صعوبة الإجراءات الوقائية إلا أننا نذهب إلى عملنا واطفالنا يتابعون الدراسة في المنزل كما يحصل في لبنان، بالطبع المرحلة صعبة على العالم كله».