إحياء ذكرى الإبادة الأرمنية باحتفالات رمزية و مطالبة تركيا بالإعتراف بالمجزرة وبتعويضات
لمناسبة مرور 105 سنوات على الإبادة الأرمنية المروّعة، أقيم قداس واحتفالات رمزية، وسط إدانة واسعة للمجزرة ومواقف عبّرت عن الأسف «لصمت تركيا والعالم المتمدن على الجريمة»، مطالبةً تركيا بالإعتراف بهذه الإبادة والتعويض عن كل الخسائر المادية والأراضي المنهوبة والتهجير الذي تعرض له الأرمن.
في هذا السياق، ترأس كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس لبيت كيليكيا آرام الأول كيشيشيان قداساً لراحة أنفس شهداء الإبادة في كاثوليكوسية الأرمن الأرثوذكس في أنطلياس، في حضور وزيرة الشباب والرياضة فارتينيه أوهانيان، والنواب الأمين العام لحزب الطاشناق هاكوب بقرادونيان وهاكوب ترزيان وألكسندر ماطوسيان، رئيسي بلديتي برج حمود مارديك بوغوصيان وعنجر فارتكس خوشيان، إلى وزراء سابقين ورؤساء الطوائف الأرمنية والأحزاب الارمنية في لبنان.
وأكد الكاثوليكوس آرام الأول أن «قضية الشعب الأرمني محقة لأنه تعرض لإبادة من قبل السلطنة العثمانية في العام 1915»، وقال «نحن كأبناء وورثة لهذه الإبادة، نطالب الدولة التركية الحالية وريثة السلطنة العثمانية بالإعتراف بهذه الإبادة أولاً، والمجتمع الدولي بالتحرك لنصرة هذه القضية الإنسانية في الدرجة الأولى من أجل تحقيق العدالة، ونطالب تركيا ثانياً بالتعويض عن كل الخسائر المادية والأراضي المنهوبة والتهجير الذي تعرض له الشعب الأرمني».
وشدّد على «ضرورة تذكير الأجيال المقبلة بما حصل لكي تحمل هي أيضاً لواء المطالبة بحقوق الشعب الأرمني»، معتبراً أن «الأتراك يشبهون فيروس كورونا من حيث طريقة تفكيرهم بالهيمنة والإجرام، ومن حيث تبنيهم رؤية الفيروس في الدمار والخراب والعزل».
وفي الختام وضعت الأكاليل على النصب التذكاري بمشاركة ممثلي الجمعيات الأرمنية.
كما أحيت الأحزاب الأرمنية الثلاثة الطاشناق، الرامغافار والهانشاك الذكرى التي اقتصرت نظراً إلى الظروف الصحية بسبب وباء «كورونا»، على إضاءة الشعلة والشموع في ساحة برج حمّود على وقع قرع أجراس الكنائس تخليداً لذكرى مليون ونصف المليون شهيد، في حضور سفير أرمينيا في بيروت فهاكن اتابيكيان، النائب بقرادونيان، رئيس بلدية برج حمود مارديك بوغوصيان وممثلين عن الطوائف الأرمنية.
وقال بقرادونيان في كلمته «إذا تعرّض أحد على الصعيد الشخصي لجريمة، من الطبيعي ألاّ ينسى أو يسامح إلاّ إذا تم الإعتراف بذلك والإعتذار منه، ونحن شعب ذهب أجدادنا وآباؤنا ضحية الإبادة وللأسف الشديد، فإن تركيا، الوريث الشرعي للدولة العثمانية التي ارتكبت هذه الابادة وهجرت شعباً بأكمله، لا تزال تنكر هذه الجريمة والعالم المتمدن أو ما يسمى العالم المتمدن لا يزال صامتاً أمام هذه الجريمة».
واعتبر أن الإبادة التي ارتكبت جريمة ضد الإنسانية، مشدداً على أن «هذه الذكرى ليست فقط للشعب الأرمني بل لكل إنسان يؤمن بالعدالة وبحق الشعوب في تقرير مصيرها وبالمساواة وبحق المواطن في أن يعيش على أرضه بحرية واستقلال»، مؤكداً أن «هذه الذكرى هي في عمق قلوبنا ونتذكرها كل يوم وليس فقط في 24 نيسان».
وانطلقت مسيرة سيارة جابت شوارع بيروت والمتن وصولاً إلى كاثوليكوسية الأرمن الارثوذكس في انطلياس، حيث أضيئت الشموع أمام النصب التذكاري للشهداء ورفعت الصلوات لراحة أنفسهم. كذلك جابت مسيرات سيارة حاملة الشعلة، مناطق عنجر وجبيل وغيرها.
وفي المواقف، أكد رئيس «تيار المردة» النائب السابق سليمان فرنجية عبر «تويتر»، أن «لا يندمل جرح إلاّ بالإعتراف المنصف للتاريخ».
ودانت وزيرة الإعلام الدكتورة منال عبد الصمد نجد المجزرة و»كل الجرائم التي تستهدف المدنيين والأبرياء».
بدوره، قال النائب فؤاد مخزومي عبر حسابه على «تويتر»: «في ذكرى الإبادة الارمنية نتذكر معاناة ملايين المواطنين من إخواننا الأرمن الذين قضوا في سبيل تحررهم وبلدهم. ستبقى شعلة نضالهم متوهجة بذكرى شهداء هذه الإبادة».
وحيّا النائب آلان عون «جميع الأرمن في العالم الذين رغم إنتمائهم الكامل للأوطان والمجتمعات التي تهجروا إليها، قد حافظوا على ديمومة قضيتهم عبر الأجيال».
أضاف «إنهم فعلاّ قدوة للجميع بأنه مهما مرّ من زمن فهو لا يلغي الذاكرة، ووحده الإعتراف بالخطأ يبلسم الجرح ويتيح الغفران».
وقال رئيس الرابطة المارونية النائب السابق نعمة الله أبي نصر في تصريح «نتذكر اليوم كما في كل يوم، المجازر التي ارتكبت في حق الأرمن على يد السلطات العثمانية، وهي مجازر ينطبق عليها توصيف الإبادة الجماعية التي لا تزال تركيا ترفض الإعتراف بها. كما ترفض الإعتراف بمجازر «سيفو» التي قضت على عشرات الآلاف من إخوتنا السريان. وتزامنت هذه المجازر مع المجاعة التي ضربت جبل لبنان وساحله وصولاً إلى المناطق الجبلية شمالاً، ولم تستثنِ بيروت، في الحرب الكونية الأولى، وقد بلغت أيضاً حد الإبادة الجماعية».
أضاف «إن هذه المأساة الإنسانية تحملنا على التوقف عند معانيها، ومدلولاتها لاستخلاص العبر من أجل أن نتفادى الوقوع في ما يماثلها، وذلك لا يكون إلا بتعميق الثقافة الإنسانية، وقبول الآخر، والحق في الإختلاف، واحترام التنوع والتعدّد، وذلك في إطار وحدة وطنية لا تترسخ إلا بتضامننا».
وذكّر ابي نصر «بانه تقدم بتاريخ 19/10/2016 باقتراح قانون معجّل بإقرار يوم ذكرى المجاعة الكبرى أو ذكرى مآسي وويلات الحرب الكونية الأولى، وقعه معي 10 نواب، أذكر منهم الأساتذة: محمد الحجار، آغوب بقردونيان، مروان حمادة، حكمت ديب، غسان مخيبر، عباس هاشم وغيرهم، لأن ضحاياها من مختلف الطوائف والإتجاهات، ومن مكونات لبنان الأساس، وسقطوا بفعل الجوع والحصار التمويني الذي ضربه جمال باشا السفاح بين الأعوام 1915 – 1918 في ليلة ليلاء غفل عنها الضمير الإنساني. لكن هذا الإقتراح الذي أُشبع درساً، وعبر اللجان النيابية، بغية إقراره، لا يزال حبيس أدراج المجلس، ولست أدري ما السبب الذي يحول دون بته. ونرى اليوم أكثر من أي يوم مضى الحاجة إلى التصويت عليه».