أولىالكلمة الفصل

الحكومة قادرة على مواجهة الأزمات المفتعَلة

 معن حمية _

 

لا تستطيع الحكومة اللبنانية اجتراح حلول لكلّ أزمات البلد ومشاكله، حيث إنّ هناك أزمات بنيوية معقدة ومستعصية، وأخرى مفتعلة ومركبة لا تُحَلّ إلاً بـ «الشيفرة» الطائفية ـ المذهبية التي لطالما جلبت الويل على لبنان واللبنانيين.

الحكومة الحالية لا تستطيع إحداث أيّ تغيير أو تبديل في طبيعة النظام السياسي الطائفي، وهي قد لا تسير في هذا الاتجاه أو أيّ إجراء فيه تجاوز أو تحدّ لمنظومة الدولة الطائفية العميقة. علماً أننا مع هذه الحكومة ومع أيّ حكومة تتحدّى الخطوط الحمراء الطائفيّة، بمشروع إنقاذي لا طائفي يوفر حلولاً جذرية لكلّ الأزمات، المستعصي منها والمعقد.

الحكومة الحالية لا تتحمّل وزر الأزمات والمشاكل التي تعصف بلبنان، وكلّ تصويب عليها لتحميلها مسؤولية الوضع المأزوم هو تجنّ وافتراء وافتئات، ذلك أنّ حكومة حسان دياب ولدت في ظرف دقيق وحساس، وعلى أنقاض رئاسة سعد الحريري التي قرّرت النأي عن تحمّل المسؤوليات الوطنية بمواجهة التحديات المستجدة، الواقعي منها والمفتعَل.

ولكن، ما تتحمّله الحكومة الحالية، هو أنها قادرة على اتخاذ الإجراءات الضرورية والحاسمة لمواجهة ومعالجة مشاكل وأزمات مستجدّة، تبدأ بالتصدي لارتفاع سعر الدولار الأميركي مقابل الليرة اللبنانية، وبوضع حدّ لغلاء الأسعار الذي يطال كلّ السلع والمواد الغذائية دون استثناء، وهي أسعار تصاعدت جنونياً في الآونة الأخيرة، ليس نتيجة جشع التجار وحسب، بل نتيجة محاولات لمحاصرة الحكومة وفرض خيارات صعبة على لبنان وجعله بلداً مرتهَناً للخارج.

لا شك في أنّ الدولة الطائفية العميقة هي المسؤولة عن كلّ أزمات البلد وعن تردّي أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، كما ان تجار السياسة والأزمات، رعايا النظام الطائفي، هم المسؤولون عن رفع الأسعار بهذا الشكل، لتحريض الناس على التفلّت والانفلات وإحداث الفوضى. وما جرى خلال اليومين الماضيين في عدد من المناطق اللبنانية يؤكد أن هناك مَن يستثمر في معاناة الناس وتحويلهم من أصحاب مطالب محقة إلى مجموعات شغب غبّ الطلب لمصلحة أصحاب المشاريع الخبيثة الطائفية الخبيثة.

إنّ مواجهة الفوضى والتفلت هي من مسؤولية الحكومة، وأولى الخطوات هي القيام بمهمة ضبط الأسعار ووقف ارتفاعها، واتخاذ أقصى الإجراءات بحق الجشعين الذين يستثمرون في معاناة الناس ويمنعون الفقراء عن لقمة العيش، بعدما ربطوا المنتج المحليّ بسعر صرف الدولار؟

الحكومة الحالية تتحضّر لإدارة شركتي الهاتف الخلوي، وهذه خطوة على الطريق الصحيح، والمطلوب هو السير في هذا الاتجاه، وأن تُدار كلّ المؤسسات والقطاعات المنتجة من قبل الدولة بشكل صحيح، وأن يتمّ القطع نهائياً مع كل المشاريع والخطط الجهنمية التي تفضي إلى خصخصة القطاعات المنتجة، وردّ أيّ وصفة خارجية تدعو إلى بيع أصول الدولة وممتلكاتها.

بالمختصر، هناك مَن يريد إيقاع لبنان في الهاوية، ومسؤولية الحكومة أن تبعده عن حافة الهاوية، وهذه مهمة مضنية لكنها ليست مستحيلة

 

*عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى