اتفاق نتنياهو غانتس جوهره الضمّ والاستيطان
رامز مصطفى _
اتفاق الشراكة في حكومة الطوارئ الصهيونيّة، بين نتنياهو وبني غانتس لم تمثل مفاجأة، وإنْ كانت غير سارّة. لكنه جاء في سياق أملتها تطوّرات وتحديات غير مسبوقة لم يواجهها الكيان منذ تأسيسه على أرض فلسطين. الاتفاق جاء بعد استعصاء سياسيّ، فرض نفسه في ثلاث جولات انتخابيّة لما يُسمّى بـ «الكنيست»، أُجبر رئيسه «يولي أدلشتاين» تحت الضغوط على الاستقالة، كمقدّمة لتمرير الاتفاق.
الخطير في الاتفاق، ليس تقسيم المغانم والحقائب الوزارية بين الليكود وأزرق أبيض، بل الجانب المتعلق بالفلسطينيين، حيث اتفق الجانبان على بدء تطبيق عملية الضمّ في الضفة الغربية، وصولاً إلى الأغوار وشمال البحر الميت، وفي القلب وضع الحرم الإبراهيمي تحت سلطة الاحتلال المباشرة في الخليل، بعد أن تنازلت السلطة الفلسطينية في اتفاق «واي ريفر» عام 1997 حول الخليل، والذي أفضى إلى تقسيم المدينة إلى قسمين H1 ويخضع للسلطة الفلسطينية وH2 ويخضع لسيطرة الكيان الكاملة، وتم نقل المسؤوليات والصلاحيات المدنية إلى الجانب الفلسطيني، باستثناء تلك المتعلقة بالمستوطنين وممتلكاتهم، بمسؤولية حكومة العدو.
مخاطر الاتفاق ليست بمستجدّة، فالكيان يفصح اعتزامه القيام بإجراءات الضمّ منذ زمن، إلاّ أنّ الإفراط على الرهانات البائسة حيال العملية التفاوضية وجدواها، حال ولا زال دون اتخاذ ما يلزم من تفعيلٍ لقرارات سياسية ووطنية، كانت قد حالت دون الوصول إلى هذا المأزق. الذي يتساءل الجميع في كيفية الخروج منه، والمسؤولية المباشرة هنا تتحملها منظمة التحرير والسلطة ورئيسها وفريقه السياسي.
عمليات الضمّ المقرّر البدء بها أوائل تموز المقبل، هي في الأصل مجموعة لرؤى وأفكار لقادة صهاينة ما قبل قيام الكيان المغتصب عام 1948. من بن غوريون وحاييم وايزمن، وليفي اشكول وايغال آلون وأبا إيبان، وموشي ديان وغولدا مائير، ومناحيم بيغن واسحاق شامير، وصولاً إلى نتنياهو. وجميعها تقاطعت عند أن حدود الكيان، هي حدود الاحتلال البريطاني منذ العام 1918، وتاريخ وثيقة صك الانتداب الصادر عن عصبة الأمم في 24 تموز 1922، والتي تضمّنت نص وعد بلفور ومصادقة عصبة الأمم على انتداب بريطانية لفلسطين. وللعلم أنّ مواد صك الانتداب تضمنت العديد من الدعوات لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، حيث اعتبر الصهاينة النص بمثابة مصادقة دولية على وعد بلفور، بمعنى إذا كان الوعد بريطانياً، فإنّ صك الانتداب دوليّ.
شهران يفصلاننا عن البدء في الضم، التي باركها وزير خارجية أميركا بومبيو. ومعها لم يعد يفيد إطلاق التهديدات والشجب والإدانة، وهذا ما أدمنت عليه السلطة ورئيسها السيد أبو مازن، بما يطمئن الكيان وقادته، الذين سيذهبون لتنفيذ خطوتهم، مستغلين جائحة «كورونا» واجتياحها العالم بما فيه الكيان، الذي يُدرك قادته، أن دول العالم منشغلة في مواجهة هذه الجائحة. وبالتالي الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة، وما يكتنفها من غموض في النتائج، وعليه لا بد من اغتنام الفرصة الذهبية بما يحقق المضي في استكمال برنامج الحركة الصهيونية في الاستيلاء الكلي على فلسطين.
*كاتب فلسطينيّ