– تشكل التطورات التي تعصف بالعالم منذ منتصف العقد الثاني من هذا القرن وخروج روسيا من وراء حدودها دفاعاً عن سورية، إعلاناً بنهاية مرحلة ما بعد سقوط جدار برلين، وبالتوازي انطلاق الصين نحو المنافسة الشرسة مع أميركا على الملفات الاقتصادية الاستراتيجية في الصناعات الثقيلة والتكنولوجيا العالية، مدخلا لمشهد دولي جديد آتٍ حكماً.
– بمقدار ما استفاد انتصار سورية وصمود إيران ثمرة مباشرة لهذا التحوّل، فقد زاد من قيمته وأضاف إليه عناصر جديدة في تعميق مأزق مشروع الهيمنة الأميركية على العالم وأظهر هشاشة القدرة الأميركية التي ظهرت عاجزة عن تقديم نموذج مبهر توهّمت ومعها حلفاؤها أنه قادر على التجسيد في الواقع وليس في أفلام هوليوود فقط.
– جاءت أزمة كورونا لتفعل الشيء نفسه. فهي بمقدار ما ظهرت أزمة قاسية على الغرب وطليعته الأميركية كشفت هشاشة البناء الداخلي للنموذج الغربي على المستويات كافة سواء في درجة الاهتمام بالبنى التحتية للدولة وجهوزيّتها أو درجة تكريس البحث العلمي لمواجهة المخاطر وهذان تاريخياً مصادر قوة النموذج الغربي، لكن أزمة كورونا التي كشفت هذه الهشاشة أضافت لتعميق المأزق الكثير، خصوصاً على مستوى استنزاف الموارد والتسبّب بالركود وما تبعه من تداعيات أبرزها انهيار الأسواق النفطية التي هددت منظومة الهيمنة الأميركية بما أصاب دول الخليج إضافة لما أصاب النظام الأميركي في العمق لجهة شطب قطاع النفط الصخري من السوق وسقوط الرهانات الكبرى عليه في تعويض الفشل الأميركي في الحروب.
– خلال مرحلة الخروج من كورونا سيحفل العالم بالوقائع التي تجمع حاصل التراجع الأميركي من بوابات الصعود الروسي والصيني والانتصار السوري والإيراني والتراجع الكبير في منظومة السيطرة المالية والمصرفية وفي طليعتها تراجع دور دول الخليج.
ناصر قنديل