مقالات وآراء

لتحاور فكراً لا حقداً

} زياد العسل

لم تنته الحرب الأهلية مطلقاً، هناك قسم كبير من شعبنا ما زال مخدّراً طائفياً ومذهبياً ومناطقياً ويعيش هذا الداء يومياً، متى نعي أن لا حلّ سوى في الخروج من القوقعة الضيقة إلى فضاء الوطن الأرحب؟

كلّ يوم وفي أغلب النقاشات يفاجئني البعض بكمية التعصب والتمذهب والتطيف وتقديس الأشخاص أياً كانوا، فكلّ ما مرّ به وطننا منذ عقود لليوم، كان نتيجة حتمية لضعف الوعي الثقافي والسياسي والأخلاقي، والحلّ الوحيد هو في إنتاج سلطة جديدة بعيداً عن منطق المحاصصة والخوف من الآخر، بل أن تكون أصواتنا في صناديق الاقتراع تجسيداً لتطلعاتنا وآمالنا وآلامنا.

حقا أستغرب كثيراً أنّ هناك عقولاً لا يزال السواد يعتريها بشكل مخيف ومذهل، على الرغم من أنها تدّعي الثقافة والعلم والتحليل، يدهشني أنّ هناك من يكره الآخر دون سابق سبب، إلا لأنّ هذا الآخر يختلف عنه!

أتى العظماء لبلادنا وهم كثر مؤكدين أن لا حلّ سوى بشحذ الهمم وصقل النفوس لتقبّل الآخر والنقاش في الفكرة لا في الشخص وتقديسه وتبجيله وتعظيمه، أتى العظماء ليقولوا لما أنّ ثمة ما هو أكبر من الإقتتال الداخلي، فكلّ فكرة وسياسة وعقيدة كان هدفها الإنسان لا أكثر ولا أقلّ، أياً كان منبعها وجوهرها ومبعثها.

يدهشني جدا أنّ هناك من لا يزال يعتبر أنّ الآخر عدواً، بمجرد أنه يختلف عنه، وانّ الاختلاف عنده هو امر غريب، وكأنّ الكون قد فصّل على قياس فكرة أو منهج، وقد يصل الأمر إلى أماكن لا تحمد عقباها في النقاش مع مثل هؤلاء، إنْ لم تصل لما هو أبعد من ذلك!

وأبقى أتساءل دوماً هل نصل يوماً ما لأن نكون متحاورين في فكرة لا في تقديس شخص دون آخر؟

هل نخرج من أتون الانتماءات الضيقة لما يجمعنا وهو أكبر وأعظم بكثير؟

هل نتخذ من الانفتاح على الآخر سبيلا؟ لا أن يكون الحقد والأحكام المسبقة هي السبيل؟

كلّ تلك الإجابات سترتسم في الآتي من الأيام، علّنا نصل إلى مكان ما يؤهّلنا أن نكون قوة مؤثرة وفاعلة، أو على الأقلّ على طريق ذلك، بدلاً من التلهّي بالشتيمة والكره والأحقاد التي لم ولن تنتج سوى البعد والتنافر والتشرذم والتقسم!

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى