خمسة أسئلة تتعيّن على واشنطن الإجابة عليها حول وباء كورونا.. وبكين تتّهم أميركا بإعاقة جهود العالم بمكافحة «كوفيد – 19»
ندّد الإعلام الرسمي الصيني، أمس، بما اعتبره «تصريحات غير عقلانية ومرواغة» لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو حول المصدر المفترض لفيروس كورونا المستجدّ ما يفاقم التوتر في العلاقات بين البلدين.
وصعّدت الولايات المتحدة من خطابها الذي يتهم الصين بالمسؤولية عن انتشار فيروس كورونا، خلال الأيام الماضية، حيث ادعى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أول أمس، «وجود عدد هائل من الأدلة على أن مصدر الفيروس هو مختبر في مدينة ووهان»، وهو ما تنفيه الصين بشدة. ومكرراً تصريحات سابقة نفتها أيضاً منظمة الصحة العالمية ومختلف الخبراء في مجال العلوم.
وخلصت وكالات مخابرات أميركية، إلى أن «الفيروس ليس من صنع البشر أو معدل وراثياً». ولم تقدم واشنطن علناً أيّ دليل حتى الآن على أن الفيروس جاء من مختبر، الأمر الذي يعيق الجهود العالمية ضد الوباء.
وقد أثارت أفعال الأميركيين تساؤلات من جميع أنحاء العالم، ويتعين على واشنطن تقديم إجابات واضحة عليها.
التساؤل الأول: أين نشأ الفيروس في الولايات المتحدة؟
أفادت وسائل إعلام محلية في أواخر آذار، بأن «المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، أعادت معهد الأبحاث الطبية للأمراض المعدية التابع للجيش الأميركي، وهو مركز عسكري للبحوث البيولوجية في ولاية ماريلاند، إلى التشغيل الكامل».
وكانت (CDC)، قد أمرت هذه المؤسسة بـ»وقف الأبحاث، التي تشمل عوامل أو مواد بيولوجية أو سموماً محددة، في الصيف الماضي». وفي وقت لاحق، تم تقديم عريضة على الموقع الإلكتروني للبيت الأبيض، تطالب الحكومة الأميركية بـ»توضيح سبب إغلاق المؤسسة». وبالتالي ينتظر عامة الناس من واشنطن تقديم تفسير واضح للتوقف المفاجئ واستئناف البحوث.
ووفقاً لتقرير صادر عن (CDC) في أواخر شباط، كان هناك ما لا يقلّ عن 32 مليون حالة مرضية بالإنفلونزا في الولايات المتحدة في موسم الإنفلونزا 2019-2020.
وفي 11 آذار، قال مدير مراكز (CDC)، روبرت ريدفيلد، في جلسة استماع في الكونغرس، إن «بعض حالات الوفاة بكوفيد– 19، كان يتم تشخيصها على أنها مرتبطة بالإنفلونزا في الولايات المتحدة». وهذا يعني بأنّ واشنطن تحتاج إلى توضيح عدد حالات كوفيد– 19 التي تم تشخيصها سابقاً على أنها أنفلونزا، ونشر العينات والتسلسل الجيني لفيروس الإنفلونزا في البلاد.
التساؤل الثاني: هل فشلت الولايات المتحدة في ملاحظة انتقال الفيروس في المرحلة المبكرة؟
في أواخر نيسان، أكدت السلطات الصحية في مقاطعة سانتا كلارا في ولاية كاليفورنيا، أن «مريضين توفيا بسبب كوفيد– 19 قبل ثلاثة أسابيع على الأقل من أول وفاة أميركية معروفة بالفيروس في 29 شباط».
وقال جيفري في. سميث، المدير التنفيذي لمقاطعة سانتا كلارا، لوكالة أنباء «شينخوا» إن «المرضى أصيبوا على ما يبدو بالمرض من انتشار مجتمعي». وهذا يشير إلى أن «الفيروس كان ينتشر في منطقة خليج (سان فرنسيسكو بكاليفورنيا) في كانون الثاني على الأقل، وربما في وقت أبكر».
ونقلت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» عن نيراج سود، البروفسور في معهد برايس للسياسة العامة بجامعة جنوب كاليفورنيا، قوله إن «الفيروس كان موجوداً في المجتمع منذ فترة طويلة».
وأوضح سود قائلاً «عندما تبدأ في رؤية الوفاة الأولى، فالواقع هو، ربما يكون عدد الحالات بين السكان مرتفعاً بالفعل».
وبالتالي تحتاج واشنطن إلى الإجابة على ما إذا كانت قد فشلت في ملاحظة تفشي الفيروس في المجتمع.
التساؤل الثالث: هل كانت الولايات المتحدة بطيئة في الاستجابة المبكرة للوباء؟
وفقاً لتقرير نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، في 4 نيسان، فقد «علمت مراكز (CDC) بمجموعة من الحالات في الصين في 31 كانون الأول، وتلقى الجانب الأميركي مكالمة من الجانب الصيني في 3 كانون الثاني، يحذّر فيها من المرض».
وأظهر جدول زمني مفصل حول رد الصين على كوفيد– 19، أنه «في 8 كانون الثاني، تحدث رئيسا المراكز الصينية والأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDCs) عبر الهاتف لمناقشة التبادلات والتعاون التكنولوجي».
وفي 16 شباط، بدأ فريق خبراء مشترك بين الصين ومنظمة الصحة العالمية، زيارات ميدانية استمرت تسعة أيام في الصين. يتكون هذا الفريق من 25 خبيراً، بما فيهم كليف لَين، الباحث في المعهد الوطني الأميركي للحساسية والأمراض المعدية.
ورغم ذلك، ظلت حكومة الولايات المتحدة تقلل، مراراً وتكراراً، أمام الناس، من شأن الوباء وشدّته في ذلك الوقت. كما أفادت وسائل إعلام أميركية أن «الإدارة الأميركية قد ضيّعت أكثر من شهرين منذ أن تلقت إخطاراً أولياً بشأن الفيروس».
وبالتالي تحتاج واشنطن إلى تفسير لماذا استغرق الأمر وقتاً طويلاً لاتخاذ إجراءات لمكافحة الفيروس.
التساؤل الرابع: هل قادت استجابة الولايات المتحدة المتأخرة إلى انتشار أوسع على مستوى العالم؟
أفادت صحيفة «واشنطن بوست» أن «مجلس الأمن القومي الأميركي ضغط من أجل فرض حظر سفر على المسافرين من إيطاليا ودول أخرى في الاتحاد الأوروبي، لكنه قوبل بمقاومة من بعض المسؤولين في الإدارة».
وأضافت أنه «عندما صدر الحظر أخيراً بعد أكثر من شهر كان مئات الآلاف من الأشخاص قد عبروا المحيط الأطلسي خلال تلك الفترة».
وهناك تقرير نُشر في 11 نيسان في صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، كشف أيضاً أن «خطة الحكومة الأميركيّة لإنشاء نظام مراقبة في بعض المدن لقياس انتشار الفيروس تأخّرت لأسابيع، تاركة المسؤولين بدون أي معرفة تقريباً عن مدى سرعة انتشار الفيروس».
وفي شهر آذار، قال رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون، إن «الولايات المتحدة كانت البلد الأصلي لمعظم حالات كوفيد– 19 في بلاده».
ويجب على واشنطن أن تستجيب للقلق القائل بأن «الاستجابة الأميركية المتأخرة والفوضوية، قد سرّعت بالفعل من انتشار الفيروس إلى المزيد من الأماكن حول العالم».
التساؤل الخامس: ما هو القصد من وراء التهرّب من المسؤوليّة وإلقاء اللوم على الآخرين؟
لقد انتقدت الحكومة الأميركية ما أسمته بـ»غياب الشفافية من الصين في ما يتعلق بالمعلومات حول كوفيد– 19». ولكن الحقائق تتحدّث خلاف ذلك.
فقد أعلنت المراكز (CDC) على موقعها الإلكترونيّ أن «مسؤولي الصحة الصينيين أبلغوا عن حالات مرضية حادة بالجهاز التنفسي، لدى أشخاص مرتبطين بسوق لمنتجات بحرية وحيوانات، في مدينة ووهان، في 31 كانون الأول».
وأظهر الجدول الزمني لرد الصين على كوفيد– 19، أنه «منذ 3 كانون الثاني، بدأت الصين بإبلاغ الولايات المتحدة بانتشار الفيروس وتدابير الاستجابة ضده، على أساس منتظم».
وفي 24 كانون الثاني، كتب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على «تويتر»، أن «الصين تعمل بجدّ لاحتواء فيروس كورونا الجديد، وأن الولايات المتحدة تقدّر بشكل كبير جهودهم وشفافيّتهم».
كما صرّح أنتوني فاوتشي، مدير المعهد الوطني الأميركي للحساسية والأمراض المعدية، في مؤتمر صحافي حول فيروس كورونا الجديد في أواخر كانون الثاني، بأن «الصين كانت شفافة تماماً مع العالم بشأن الفيروس».
ومع ذلك، فقد وصم بعض السياسيين الأميركيين الصين بعبارات عنصرية، واختلقوا الأكاذيب حول دور الصين في الحرب العالمية ضد الفيروس، وأعاقوا التضامن والتعاون العالميين في مكافحة المرض.
وما يحتاجه العالم الآن هو تفسير واضح من واشنطن حول سبب تهرّبها من المسؤولية، وإلقائها اللوم على الآخرين.
صحيفة صينيّة تطالب بومبيو بتقديم الأدلة
فيما قالت صحيفة «غلوبال تايمز» الصينية المملوكة للدولة في مقال افتتاحي، أمس، إن «مدير وكالة المخابرات المركزية السابق فاجأ العالم باتهامات لا أساس لها».
وجاء في الافتتاحية «بما أن بومبيو قال إن ادعاءاته تدعمها أدلة هائلة، فعليه أن يقدم ما يسمّى بالأدلة للعالم، وخاصة للجمهور الأميركي الذي يحاول باستمرار خداعه».
وتابعت: «الحقيقة هي أن بومبيو ليس لديه أي دليل، وكان يخادع خلال مقابلة الأحد».
كما اتهمت افتتاحية صحيفة «غلوبال تايمز»، البيت الأبيض بـ»مواصلة الانخراط في حرب دعاية غير مسبوقة أثناء محاولته عرقلة الجهود العالمية في مكافحة جائحة (كوفيد– 19)».
وقالت: «مع استمرار الحملات الانتخابية الرئاسية الأميركية، نفذت إدارة ترامب استراتيجية تهدف إلى تحويل الانتباه عن عدم الكفاءة الذي أظهرته في محاربة الوباء».
وتابعت: «من الواضح أن هدفهم هو إلقاء اللوم على الصين بأنها سبب الوباء من خلال تحديد الدولة بأنها مصدر (كوفيد– 19)».
فيما قالت شبكة «سي أن أن» الأميركية إنها «تواصلت مع وزارة الخارجية الصينية للتعليق على مزاعم وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، لكنها لم تتلق أي رد».
وفي يوم الثلاثاء الماضي، اتهم المتحدث باسم وزارة الخارجية، قنغ شوانغ السياسيين الأميركيين بـ»إخبار الأكاذيب بشأن الوباء العالمي».
وقال: «لديهم هدف واحد فقط، هو محاولة التنصّل من المسؤولية عن الوباء الخاص بهم وإجراءات الوقاية والسيطرة وتحويل انتباه الرأي العام».