تحية إلى عادل إمام… يكفي وحان وقت الاعتزال!
جهاد أيوب
لا خلاف على نجوميّة النجم المصري عادل إمام، وأعماله السينمائية التي شكّلت حالة خاصة، ومن خلالها نستطيع قراءة الواقع الاجتماعي والسياسي في مصر، ومن المستحيل حينما نتحدث عن نجوم الكوميديا لا نذكره، هو في المقدمة، وربما تفوق على جميع الفنانين المصريين من خلال تنوع أدواره والمواضيع التي تطرق لها!
عادل إمام في المفهوم الأكاديمي وما يتعلّمه طلاب المعاهد التمثيلية خارج هذا المفهوم، هو بحركاته وتصرّفاته أمام الكاميرا شخصية نمطية خاصة في بعض إيحاءات وإيماءات وجهه، ولكن حبّ الناس في هكذا حالات من الله، وهو منذ أن لمع نجمه في مسرحية «مدرسة المشاغبين» لفت الأنظار، وبدأ يحقق الحضور، ويحصد النجاحات .
صعد نجم عادل مع عديد من زملاء دربه، ومنهم أحمد زكي، وسعيد صالح، ويونس شلبي وآخرين، لا بل هذه الأسماء اشتهرت أكثر منه في ذلك الوقت، ومع الزمن خفت بريق بعضهم لأسباب كثيرة منها سوء الاختيار، وعدم الاهتمام بالصحة وبالسمعة، وبالنجومية، إلا أن عادل درس خطواته أكثر، وسار طريقه بوضع خطوات خاصة به جعلته يختلف عنهم مع إنه لم يقطع الصداقة مع الجميع، وكان أميناً بأن يكون المبادر في اللمّة.
مع الزمن خفت رواد السينما، ولم تعد تستطيع السينما المصرية صناعة نجومها كما حال التلفزيون، وآخر نجومها كان محمد هنيدي وما تلاه مجرد نجاحات غير ثابتة ومتقلبة في مستواها، ومات العديد من نجوم السينما ورفاقه، وهذا أبعد وهجها وأبعد روادها الذين انشغلوا بالدراما التلفزيونية خصوصاً دراما المواسم الرمضانية!
في عزّ نجوميته شارك عادل بأعمال تلفزيونية حقّقت نجاحاً كبيراً، رافقها بأعمال مسرحية سياحية أنجحها وأفضلها «شاهد ما شافش حاجة»، ولم يتابع عمله التلفزيوني إلا بعد أن شعر أن العمر بدأ يقاوم شباب المسرح فعاد واتجه إلى الدراما التلفزيونية!
منذ أكثر من ٧ سنوات وعادل إمام يقدّم نتاجه في شهر رمضان، وفي الواقع كانت الانتقادات السلبية تتكاثر من حوله رغم تعمده مغازلة النظام المصري، وأيضاً يعتمد التنظير السياسي، ويشكّل طرفاً مزعجاً في قضية الصراع العربي والاحتلال الصهيوني لفلسطين، وهات يا آراء متعالية، وفوقية في هذا المجال وذاك، لا بل وصل إلى قناعة أنه صح ومن يخالفه النظرية خطأ، وهو الأفهم!
مسلسلات عادل إمام الأخيرة لم تحقّق الكثير من النجاح والمتابعة، ولم تكن فنياً على مستوى نجومية عادل، وهو يحدد الكاتب والمخرج لا بل فرض ابنه ليتصدّى لذلك، ويختار الممثلين، ويتحكّم بالسيناريو، وبالتالي 75 % من السيناريو يخصص لظهوره الدائم، ويكاد لا يغيب عن الشاشة، وهذا مرض يعاني منه غالبية نجوم مصر خاصة يسرا ويحيى الفخراني وآخرين… ومع ذلك اسم عادل يبيع، ويحقّق إيرادات جيدة خاصة في التلفزيونات الخليجية، ومواضيعه التي جسّدها بمعظمها شكّلت جدليّة منهم مع ومنهم ضد خوفاً من سقوط عادل!
وحتى لا نسترسل كثيراً نشير إلى واقع عادل إمام في عمله الآخير «فلانتينو» هو عمل مرّ بظروف كثيرة فصحة عادل لم تسمح بالتصوير الذي تأجّل كثيراً، وظروف ثانية لا مجال لذكرها، والنتيجة عمل لا يليق بتجربة عادل الكوميدية، ولا يصلح كي يكون من 30 حلقة، فهو فنّياً رغم هضامة بعض المشاركين يحتاج إلى وقفة خاصة ومباشرة، وما يهمنا الآن هو عادل إمام الذي كان جلياً لكل المشاهدين ثقل حركته البطيئة جداً، ولا تواكب حركة المشهد لا بل تعيق احياناً الكاميرا، وضعف نطقه وبالكاد الكلمة تخرج من فمه، وعدم سرعة بديهة عادل التي اعتدنا عليها في أعماله، وهنا مجرد جمل يقولها رغم رشاقة وهضامة بعضها كتابياً لا تصلنا بسرعة لكون تقطيع النفس عند عادل في هذه المرحلة الحرجة لا يخدم السرد والحوار!
مهما انتقدنا سلباً أو تعصّبنا عنصرياً لصالحه يبقى عادل إمام مرحلة جميلة حصدت نجومية لم يصل إليها غالبية النجوم في مصر، واستمر نجماً رغم السنوات الطويلة، وحقّق الكثير من رصيد شباك التذاكر، لا بل تفوق بذلك، ولكن بعد «فلانتينو» عليه أن يفكّر بالإعتزال، أعلم هذه رصاصة جارحة، ولا يحقّ لنا أن نأخذ هذا القرار كما لو نطلب الإعدام للفنان!
على عادل إمام الابتعاد عن البطولة المطلقة والاكتفاء بضيف شرف حباً بالأضواء، ومنعاً من النسيان، وأن يستوعب هذه المرحلة الحرجة من العمر ومن الوجود الفنّي، وهذا حدث مع نجوم كبار كانوا أساتذته أمثال عبد المنعم مدبولي، وفؤاد المهندس، وعبد المنعم ابراهيم، وأمينة رزق، واللائحة تطول..
تحية احترام وتقدير للنجم عادل إمام على مشواره الطويل رغم شوكه، وتميّزه عن سائر أبناء جيله يجعلنا نرفع له القبعة، وكم الفرح الذي أدخله إلى قلوبنا وأضحكنا ونحن في أصعب الظروف تفرض علينا أن نشكره، وأن نبقيه في المستوى الذي تعب حتى وصله، لذلك الاعتزال اليوم لا بد منه حتى لا تنكسر الصورة، ويتحطّم البرواز!