جنبلاط من بعبدا: لا ثنائيّات وثلاثيّات لإسقاط الحكومة… وحردان لتفادي التشنّج الطائفيّ / نصرالله: العلاقة بأمل ثابتة / خطة الحكومة خطوة مهمة / لا تفويض مفتوحاً مع الصندوق / المصارف تعتدي على الناس / المناخ الداخلي يسمح بالتهدئة / الأولويّة لمكافحة الغلاء
كتب المحرّر السياسيّ
عشية اللقاء الذي دعا إليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، رؤساء الكتل النيابية للاجتماع في قصر بعبدا ومناقشة الخطة الحكوميّة المالية والاقتصادية، شهدت الساحة السياسية العديد من مؤشرات الانفراج، رغم مقاطعة كتلة المستقبل النيابية للاجتماع وتمثيل بعض الكتل بغير رؤسائها؛ وكانت أبرز المؤشرات على المناخات الإيجابيّة زيارة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط لقصر بعبدا ولقائه رئيس الجمهورية وتحدّثه بعد اللقاء عن السعي لتخفيف التوتر مع التيار الوطني الحر تمهيداً لتحسين العلاقات، نافياً بقوة أي حديث عن ثنائيات وثلاثيات يشارك فيها جنبلاط تحت عنوان إسقاط الحكومة، مشيراً إلى الانفتاح على مناقشة الخطة الاقتصادية والمالية للحكومة. ونقلت مصادر متابعة عن أجواء الاجتماع سعياً مشتركاً من رئيس الجمهورية وجنبلاط لتفادي الخلافات الناشئة عن ملفات التعيينات عبر المزيد من التشاور.
كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي تناول القرار الألماني الأخير بحق حزب الله، بصفته خضوعاً ألمانياً للضغوط الأميركية، تركز على الشأن الداخلي، حيث أفرد للعلاقة بين حزب الله وحركة أمل حيزاً للتأكيد على ثباتها، كما خصص مساحة من كلامه لقضية استفحال الغلاء ومسؤولية الحكومة عن وضع خطة للمواجهة اسوة بما حدث مع كورونا في ضوء عجز وزارة الاقتصاد عن القيام بالمهمة وحدها، معلناً استعداد الحزب للمساهمة بمتطوّعين كما فعل في مواجهة كورونا إذا طلبت الحكومة ذلك. كما تناول الاتهامات التي يروج لها البعض بحق حزب الله حول نيات وضع اليد على القطاع المصرفي أو ضربه، مفنداً هذه المزاعم داعياً المصارف للكفّ عن ترويج هذه الادعاءات عبر بعض الإعلام، لأن المشكلة مع المصارف جوهرها اعتداء المصارف على الناس والتحكم بودائعهم بعد إساءة الأمانة، بينما استحوذت الخطة المالية الاقتصادية للحكومة على الشق الرئيسي من كلمة السيد نصرالله، حيث اعتبر الخطة خطوة مهمة في طريق يستدعي الكثير من الخطوات، نافياً أن يكون التفويض الممنوح للحكومة للتفاوض مع صندوق النقد الدولي تفويضاً بقبول شروط الصندوق، داعياً لمناقشة الخطة بمعزل عن الخصومة أو التفاهم مع الحكومة، مشيراً إلى معطيات تؤكد أن لا أجواء توحي بمناخات تصادمية في البلد خصوصاً في ظل الانشغال الدولي والإقليمي بكورونا وتداعيات ما بعد كورونا مع التراجعات الكبيرة في أسعار النفط وما ترتب عليها. ومن هذه الزاوية دعا لمنح الحكومة فرصة لا تختصرها المئة يوم التي تحدّث عنها الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري.
في الشأن السياسي الداخلي شكّل الاجتماع الوزاري والنيابي الذي شهدته مطرانية بيروت للروم الأرثوذكس أول تكتل على أساس طائفي يواجه الحكومة في ملف التعيينات تحت عنوان رفض التجاهل والتهميش، وفقاً لبيان تلاه نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي باسم المجتمعين، بينما كان لرئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي أسعد حردان الذي شارك مع النائب سليم سعادة في الاجتماع، دعوة لتفادي التشنج الطائفي والاحتكام للدستور في قضايا التعيينات.
ووصف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله قرار الحكومة الألمانيّة بحظر نشاط حزب الله بأنه «خضوع للإدارة الأميركية»، معتبراً أنه «جزء من الحرب على المقاومة في المنطقة، لأنها ضد الاحتلال الصهيوني». ورأى في كلمة له ان «الالمان لم يقدموا أي دليل على وجود انشطة في المانيا»، مؤكداً ان «القرار هو خضوع لأميركا وارضاء لـ«إسرائيل»، اضافة الى ان ما يُقال عن أن له خلفيات تنافس سياسي في الانتخابات الألمانية». ودان «إقدام الألمان على مداهمة بعض المساجد، والتضييق على بعض الأفراد»، واصفاً إياها بـ»المتوحشة». وأعلن انه «منذ سنوات طويلة لم يعد لحزب الله وجود أو أنشطة في الغرب»، مطالباً «الأجهزة الاستخبارية بتقديم أي دليل إذا كان لديها». ووجه رسالة الى «اللبنانيين في ألمانيا بالا يقلقوا وعليهم اللجوء الى القانون»، مطالباً «الحكومة اللبنانية بحماية مواطنيها في ألمانيا».
وحذرت مصادر سياسية من «أبعاد وخطورة القرار الألماني بإدراج حزب الله على لائحة الإرهاب ورأت فيه مؤامرة خارجية تأتي امتداداً للمشروع الأميركي المستمر بضرب المقاومة وحصارها في الداخل والخارج»، لافتة لـ«البناء» الى أن «القرار الألماني مقدمة لدول أوروبية أخرى لوضع الحزب على لائحة الإرهاب»، محذرة من اتجاه لقرار موحّد يصدر من الاتحاد الأوروبي وبضغط أميركي لتصنيف الحزب على لائحة الإرهاب ما سيدفع إسرائيل لعمل عسكري عدواني في مراحل لاحقة لتغيير قواعد الاشتباك وموازين القوى على الجبهة الشمالية مع لبنان يستتبع قراراً دولياً ضد حزب الله يفرض على لبنان إجراءات عملية ميدانية بحق الحزب لتطبيق القرارات الدولية الصادرة سابقاً».
وحذرت المصادر في هذا السياق من خطورة الوضع الداخلي على الصعيدين السياسي والمالي والاقتصادي مشيرة الى أن «بعض الاطراف السياسية الداخلية المسؤولة عن انهيار الدولة تسعى الى وضع عراقيل أمام اي خطوة إصلاحية تتخذها الحكومة خوفاً من انهيار منظومة المصالح السياسية والمالية والاقتصادية لهذه القوى ولو أدى ذلك الى انهيار البلد برمّته». وتوقفت عند ما قاله مساعد وزير الخارجية الأميركية دايفيد شنكر بأن لبنان سيخضع لوصاية اقتصادية من صندوق النقد الدولي، معتبرة أن «صندوق النقد إحدى وسائل الضغط والسيطرة الأميركية على الدول وبالتالي يخفي مشروعاً أميركياً لإخضاع لبنان لشروط مالية وسياسية واطباق الحصار على المقاومة».
وتطرق السيد نصرالله الى الوضع المالي والاقتصادي في لبنان وقال: «نحن لسنا بالمبدأ ضد طلب اي مساعدة من أي جهة في العالم ما عدا أعداء لبنان، ولكن نحن نرفض الاستسلام بالمطلق لشروط صندوق النقد الدولي». وكشف انه «لم يحصل بعد تفويض من أي جهة في البلد للذهاب الى التفاوض مع صندوق النقد الدولي»، لافتاً الى ان «أي نقاش سيحصل معه سيخضع للنقاش في الحكومة».
وتوقف عند الاتهامات ضد «حزب الله» بأنه يريد تدمير القطاع المصرفي او إسقاط القطاع المصرفي والسطو على هذا القطاع، وقال: «هذا كلام فاضي وبلا اخلاق، والاتهامات ضد «حزب الله» قنابل دخانية». وخاطب المصارف قائلاً: «أنتم أكبر المستفيدين وربحتم عشرات مليارات الدولارات، ولكن الى الآن لم تقدموا على مساعدة بلدكم». وشدّد على أنه «لا نقوم بجمع الدولار ولا نقوم بنقله لا الى إيران ولا الى سورية وحاكمية مصرف لبنان تعرف أننا نجلب الدولار الى لبنان ولا نسحبه من البلد». وأردف أنه «من الواضح أن عبء مسألة غلاء الأسعار أكبر من وزارة الاقتصاد». ودعا الحكومة لأن «تواجه مجتمعة هذا الأمر عبر خطة طوارئ».
وتمنى من الجميع «إعطاء فرصة ووقت للحكومة»، ورأى أن «مهلة 100 يوم لا تكفي لتحقيق معجزات».
وتطرق السيد نصرالله إلى «العلاقة بين حزب الله وحركة أمل»، نافياً «وجود أي خلاف بينهما» مؤكداً «العلاقة القوية والمتينة بينهما»، متبنياً «كامل النص الذي قاله الرئيس نبيه بري قبل أيام حول هذه العلاقة». وحرص على «عدم خلق توترات في البلد والعمل على إنقاذ البلد من أزماته الاقتصادية لأن البلد يحتاج الى الهدوء والتعاون وإعطاء فرصة، وألا ننتظر الخارج لأن ما بعد كورونا غير ما قبله».
وأكد رئيس المجلس الأعلى في الحزب القومي السوري الاجتماعي النائب أسعد حردان أن لا مصلحة للبلد بطرح فئوي أو مذهبي يُفاقم من التشرذم الذي يعاني منه لبنان.
وعلى هامش الاجتماع الذي انعقد في مطرانية بيروت للروم الأرثوذكس وحضره وزراء ونواب حاليون وسابقون، سُئل حردان عن رأيه في أهداف الاجتماع ودواعي الحضور، فأفاد أنه لبى دعوة إلى اجتماع تحضره شخصيات سياسية ليدلي بوجهة نظره حول الموضوعات المطروحة على جدول الأعمال فلا يبقى الاجتماع أسير مناخٍ معين أو وجهة نظر أحادية. لذلك حضرتُ والنائب سليم سعاده وأبديت وجهة نظرنا التي يمكن تلخيصها بثلاث نقاط: أولاً أن لا مصلحة للبلد بطرح فئوي أو مذهبي يُفاقم من التشرذم الذي يعاني منه لبنان، ثانياً أننا كرجال دولة معنيين بالشأن العام مدعوّون إلى اتباع ما ينص عليه الدستور والقوانين المرعية الإجراء، فاتفاق الطائف ينص على المناصفة في وظائف الفئة الأولى، أما الفئات الأخرى فوضعُها مختلف والسؤال هنا: مع مَن ستكون المنافسة؟ وأين المصلحة في أن يُسهم هذا الاجتماع في تأجيل تعيينات مُلِحّة أو في تأجيج مذهب على آخر والدخول في حلقة مفرغة لا مصلحة للدولة فيها، وثالثاً أشرنا إلى ضرورة اعتماد معيار الكفاءة والخبرة في التعيينات، بحيث يصبّ ذلك في مجرى الإنتاج والإصلاح الحقيقيَّيْن.
وخصص الاجتماع للبحث في شؤون الطائفة والوظائف التي تخصها والتي «تتعرّض للتهميش».
وأصدر المجتمعون، بياناً تلاه نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي، أكد خلاله «تمسكنا بما يعود الى الأرثوذكس من مناصب في الدولة، طالما استمر العمل بالتوزيع المتوازن لهذه المناصب بين أبناء الطوائف والمذاهب كافة، وعملاً بأحكام الدستور»، ولفت الى «أننا لن نرضى بالغبن اللاحق بالأرثوذكس، فيما نشدّد على المساواة وعدم الانتقائية وتأمين استمرارية العمل من دون إحداث شغور في المراكز، ونطالب باعتماد آليات شفافة في التعيينات تعتمد الكفاية والخبرة والنزاهة والسيرة الحسنة ونعلن استياءنا من الإجحاف بحقوق الأرثوذكس الذي جرى في عدد كبير من التعيينات منذ زمن وعلى فتراتٍ طويلة ونطالب بتصحيحه، ويقتضي هذا التوازن، على سبيل المثال، أن يخصص للأرثوذكس واحد من المناصب الأربعة الأولى في الأسلاك القضائية والعسكرية والأمنية والإدارية والمالية». وأكد الفرزلي «رفض استبدال موظفين أرثوذكس كبار، دون سواهم من دون أسباب وجيهة».
في غضون ذلك، تتجه الأنظار الى قصر بعبدا الذي يشهد يوم غدٍ الأربعاء لقاء لرؤساء الكتل النيابية دعا اليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لمناقشة البرنامج الاصلاحي للحكومة. يحضره رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة حسان دياب ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد ورئيس الكتلة القومية النائب أسعد حردان ورئيس تكتل لبنان القويّ النائب جبران باسيل وممثل عن رئيس تيار المردة والنائب طلال ارسلان في مقابل مقاطعة الرئيس سعد الحريري وكتلة المستقبل فيما أعلن رئيس الاشتراكي وليد جنبلاط أنه «نتيجة ارتباطي بموعد طبي فلن أستطيع الحضور باكراً الى اجتماع بعبدا الأربعاء».
وقال جنبلاط في حديثٍ للـ»ال بي سي»: «لأنني أتفهم حرص رئيس الجمهورية ميشال عون على ان يكون التمثيل من الصف الاول سأرسل ملاحظات الحزب و»اللقاء الديمقراطي» حول خطة الحكومة الى بعبدا».
وكان جنبلاط زار بعبدا والتقى الرئيس عون، وأفادت مصادر الاشتراكي أنّ الرئيس عون قد طلب الاجتماع مع جنبلاط كي يتمّ التخفيف من التوتر في الجبل والحدّ من انعكاس السجالات على المنطقة. وعلم أنّ الحديث الأبرز بين الرئيس عون وجنبلاط كان حول حادثتي قبرشمون والشويفات أما التعيينات فلن تكون جزءاً من هذا اللقاء.
وبعد اللقاء أكد جنبلاط أنه لا يسعى الى تغيير الحكومة وقال «لا علاقة لي بأي أحلاف ثنائية أو ثلاثية، وحساباتي خاصة ومبنية على ضرورة تنظيم العلاقة وتنظيم الخلاف مع التيار الوطني الحر». وأضاف: «اقتصاد لبنان السابق انتهى والعالم كله بعد الكورونا سيتغيّر، فكيف بلبنان؟». وأضاف جنبلاط: «هناك سعاة خير يسعون الى ترطيب الأجواء. وصحيح هناك علاقة متوترة منذ الصيف الماضي مع التيار ونسعى لتنظيم الخلاف».
ونُقل عن الرئيس عون أنه لم يلمس من جنبلاط أنه ضد الحكومة بالمطلق.
وعشية الاجتماع تسارعت وتيرة الاتصالات بين القوى والمقار السياسية الرسمية، فزار الرئيس دياب عين التينة واجتمع الى الرئيس بري على مدى ساعة ونصف الساعة بعد لقاء صباحي بين بري ورئيس كتلة الوسط المستقل النائب نجيب ميقاتي الذي أعلن أن الكتلة ستشارك في اجتماع الأربعاء، وأنه اعتذر عن الحضور لارتباطه بمواعيد محددة سابقًا. إلا أن قناة «او تي في» لفتت الى ان «الدعوات لاجتماع الأربعاء في بعبدا هي شخصية وبالتالي من وجهت له الدعوة هو المخوّل بالحضور من عدمه».
ويناقش لقاء بعبدا، بحسب مصادر «البناء» الخطة الحكومية الاقتصادية وموقف الكتل النيابية والقوى السياسية كافة على أن يجري تدوين الملاحظات والاقتراحات على الخطة والهدف منها تأمين أوسع توافق وطني حولها، رغم ان بعض الأطراف السياسية عملت على إقصاء نفسها عن ورشة إنقاذ البلد ومنع الانهيار تمهيداً لإعادة النهوض بالاقتصاد وبالبلد»، مشيرة الى أن «المناقشة في بعبدا تهدف الى تسهيل إقرارها في المجلس النيابي».
وستشكل الخطة ببنودها الستين محور الحركة والمواقف السياسية ومحل متابعة وتقييم لدى الخبراء والمحللين الاقتصاديين، وتوقف خبراء متخصّصون في الشأن الاقتصادي عند بعض ما ورد في الخطة الاقتصادية لا سيما لجهة استهداف الطبقات الشعبية كالضريبة على القيمة المضافة 15 % على السلع الكمالية من دون تحديد أنواعها، والخوف من انسحاب هذه الضريبة على معظم السلع الأساسية، وتساءل الخبراء: كيف تثبّت الخطة سعر صفيحة البنزين على اعتبار ثبات سعر برميل النفط، فماذا لو ارتفع؟ ولماذا لم تستفد الحكومة من هذا الانخفاض في سعر برميل النفط لكسر احتكارات شركات استيراد النفط وعقد اتفاقات مباشرة من دولة الى دولة مع دول نفطية كروسيا والعراق والجزائر والكويت وغيرها لتزويد لبنان بمشتقات الطاقة مع تأجيل الدفع لعامين، وبالتالي توفير دفع بالعملات الصعبة للخزينة بدلاً من البقاء رهن صندوق النقد؟ وكيف يتمّ تثبيت سعر صفيحة البنزين في ظل الارتفاع بسعر صرف الدولار؟
ودعا الخبراء لإيجاد فرص وحلول أخرى مقابلة لخيار صندوق النقد في حال تأخر الأخير في إقراض لبنان 9 مليارات دولار أو في حال أرفق الصندوق الدعم بفرض شروط سياسية ومالية مرهقة على لبنان. ومن هذه الخيارات وضع التوجه الى الشرق على الطاولة».
كما حذّر الخبراء من «وجود أطماع لدى صندوق النقد بمرافق لبنان الحيوية وأصول الدولة وسعيه للسيطرة على هذه الأصول والمرافق لإدخال الشركات التي يريدها للاستثمار في هذه المرافق كمرفأي بيروت وطرابلس وقطاعي النقل والاتصالات الذي يجب أن تبادر الدولة الى تحصين قطاع الاتصالات بقانون بعد قرار وزارة الاتصالات استرداد القطاع الى الدولة مؤخراً».
ويشير الخبراء الى «عقبة أمام الخطة وهي كيفية تعامل صندوق النقد مع لبنان في ظل الصراع بين صلاحيات الحكومة والمجلس النيابي ومصرف لبنان، لا سيما أن أغلب بنود الخطة تحتاج الى قوانين في المجلس النيابي وستدخل ضمن التجاذب السياسي لاحقاً». وتحدثوا ايضاً عن «خطورة التحرير التدريجي لسعر صرف الليرة إذ ستكون أولى ضحاياه رواتب موظفي القطاع العام الذين سيفقدون 60 في المئة من رواتبهم في المرحلة الأولى، وفي الاصل فقدتها في ظل المضاربات على الدولار في السوق السوداء إضافة الى فقدان قيمة تعويضات نهاية الخدمة وهذا مقدّمة لانفجار اجتماعيّ».
ويضع الخبراء اللوم على وزارة الاقتصاد لـ»عدم ضبط الأسعار ودعوا الى التدقيق في فواتير الأسعار من الجمارك وليس من الشركات المستوردة»، ودعوا الى منح صلاحيات استثنائية للحكومة وللوزارة لاتخاذ إجراءات لضبط الأسعار، وتساءلوا عن ارتفاع سعر السلع الوطنية والمحلية؟
وعلى صعيد أزمة القطاع المصرفي، اوضح الخبراء أن الحل يكون بدمج المصارف مع خطة اقتصادية لتحويل الاقتصاد الى اقتصاد إنتاجي بعدما كان دائماً اقتصاداً ريعياً، فهناك 5 مصارف تحقق 73 في المئة من الأرباح أي 22 مليار دولار حتى العام 2019 وفي ظل انكماش اقتصادي بعدما كانت أرباحها في العام 1992 63 مليون دولار، فيما هناك 59 مصرفاً تحقق 27 في المئة من الارباح. ودمج المصارف سيؤدي الى توفير سيولة وطرح أسهم لمستثمرين في الخارج لضخ عملة أجنبية مع توجه اقتصادي إنتاجي، والتمويل بالعملة الوطنية لقطاعات صناعية ما يحول كل ليرة الى دولار عبر تصدير صناعات الى الخارج».
ولفتوا الى «ضرورة تخفيف الضغط على الدولار المتأتي من دعم مصرف لبنان لاستيراد الفيول والقمح والأدوية، وذلك باستيراد الدولة للفيول والقمح من دول بشكل مباشر وإدخال شركات استثمار الى سوق الأدوية الذي يكلف مليار دولار سنوياً». كما اشاروا الى الكلفة المرتفعة لتثبيت سعر صرف الليرة عبر سياسة الاستدانة والفوائد المرتفعة وجذب الدولار من الخارج وعجز في الميزان التجاري والمدفوعات، والمطلوب عدم الاستمرار في السياسة نفسها بسعر صرف أعلى !
وبلغ سعر صرف الدولار أمس، في السوق السوداء 3900 ليرة لبنانية مقابل الدولار الواحد للشراء، و4200 ليرة للبيع. واستمر الصرافون المرخصون بالإضراب مطالبين بإطلاق سراح زملائهم الذي خالفوا تعميم مصرف لبنان.
على صعيد آخر، كلّف النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات إحدى معاوناته من القاضيات في النيابة العامة التمييزية إجراء التحقيق في الإخبار الذي تقدم به أمس عضو «تكتل الجمهورية القوية» النائب انطوان حبشي ضد وزراء الطاقة والمياه المتعاقبين منذ العام 2010 وكذلك ضد مدراء عامين في مؤسسات كهرباء لبنان والنفط والمنشآت وكل من يظهره التحقيق بجرائم هدر المال العام واختلاس الأموال العامة.