عرس على بيدر القناعة
مريانا أمين
الزواج في لبنان مادي بحت إللى درجة أنه يُرهق العواطف والنفوس!
ففي هذا الزمن الرديء والعالم مقبلٌ على فصل جديد؛ وأكثر ما يحصل كما يعلم الجميع في الصيف هو الأفراح والمناسبات وخاصة الأعراس…
فهل ستكون هذه الأعراس على «الاتيكيت» في الصالات الفخمة المزيّنة بالكريستال وبلباس الحرير والفساتين الباهظة والجواهر الثمينة!؟
هل سنسمع زلغوطة الأمّ لابنتها ونرى دموع الأمّ لابنها والآباء يدبكون فرحاً لساعة واحدة فقط، ثم يأكلون السومون المدخن على موائد الطعام المملوءة بأطعمة لا نعرف أن نلفظ إسمها!
هل سنرى عروسين يعتليان هودج القروض البنكية ليزُفا لعشرة سنين من التقسيط!؟
هل سنذهب لمنزلهما الزوجي لنهنّئهما فنجلس على كنبة آخر طراز محاطة بلوحات فنيّة!؟
فلنسأل هل فعلاً دموع الأمّ كانت فرحاً أم حزناً على ما تكبّدته من تباه ومن ظهور وفخفخة!؟
فالأمّ لا تبكي فرحاً فقط لكنها تبكي أيضاً على الديون التي تراكمت وعلى شقى سنين ذهب على المظاهر والتكلّف؛ فمن كثرة هذا الوهم الاقتصادي لم يفرحوا فرحاً داخلياً؛ مثلهم كمثل الطائر الذي يرقص مذبوحاً من الألم…
إننا لنرى شؤم هذا التبذير اليوم ومصدر البؤس وعدم القدرة على سدّ الديون لأعراس جعلت أهل العروسين يُنفقون كلّ ما ادّخروه وعاشوا نظاماً اقتصادياً قاسياً لسنوات وسنوات!؟
فهل بدأنا اليوم نجلد أنفسنا بصمت، ندماً على ما اقترفناه من تبذير بتأنيب ضمائرنا على أخطاء افتعلناها دون قصد حتى فقدنا الإيمان بأنفسنا وبتنا نحتاج لمن يذكرنا كلّ لحظة بأننا أناس جيدون والخطأ في تقليد من هم أكبر منا مركزا وشأناً!؟
السؤال المطروح هنا!؟
هل عروس اليوم تستطيع أن تطلب كلّ ما كانت تطلبه عروس الماضي القريب وكأن قرشها عدوها!؟
في هذا الوضع الاقتصادي الرديء؛ هل سنعود لزواج السترة!؟ والقناعة في العيش لنرجعَ للعرس بريقهُ!
هل سيرجع صندوق العروس وانهماك الوالدة في تجهيزه والقناعة بما تيَسَّرَ!؟
هل سيأتي رفاق وأصدقاء «العريس» لمساعدته في تعمير بيته وصبّ السقف دون أجر أو منيّة!؟
هل ستعود الأفراح لضيعة بكاملها حتى تمسي كعائلة واحدة!؟
هل سنرجع للعادات والتقاليد حيث تخرج العروس بزّفة أترابها، من منزلها برفقة والدها تحت وابل من زهور الطبيعة والأرُز والملَبّس على لحن المجوز والناي والطبلة، إلى الدبكة على صوت الميجانا والعتابا والدلعونا كيّ تترنّح الزغاريد على ساحة العين ويستمرّ الرقص لثلاثة أيام مع فرحٍ حقيقي بزواج حقيقي مبنيّ على الحُب والوفاء!؟
وداعا أيتها الصالات نحن مصابون اليوم «بجلد الذات» وداعاً أيتها القروض لأننا لا نرضى بعد الآن بقول المثل «زواج بالدين ينجب أولاداً بالفائدة»…
لأننا صحونا من غفلتنا وأصبحنا على أرض الواقع؛ هل تركّز تفكيرنا نحو الصواب، وابتعدنا عن تقليد من هم أغنى منا مالاً!؟
الأمل بأن نترك الصالات للأثرياء وأن نقيم أعراسنا في ساحات القرى أو على البيادر لنرى العيون تبرُق أملاً!