اليونان تتخذ خطوة «طال انتظارها» وتعيّن أثاناسيو مبعوثة خاصة إلى سورية دمشق: خطوات لتنفيذ رؤية الأسد وتجاوز آثار كورونا
بدأت مؤسسات حكومية سورية بوضع برامج لتنفيذ ما جاء في اللقاء الذي جمع الرئيس بشار الأسد بالفريق الحكومي المعني بالتصدي لكورونا.
وفي البلاد التي تعاني منذ سنوات، حرباً وحصاراً اقتصادياً شاملاً، والتي جاءتها أزمة كورونا لتلقي على كاهلها مزيداً من الأعباء، تلقى كثيرون بارتياح كلمة الرئيس الأسد وتوجيهاته لمسار العمل في الفترة المقبلة خاصة أن ما مر حتى الآن يعكس نجاحاً في الإجراءات فعدد الإصابات 45 وعدد الوفيات 3.
ووفقاً لرؤية الأسد التي طرحها في اللقاء وضعت المؤسسات التابعة لوزارة التجارة الداخليّة وهي المعني الأول بتأمين حاجات المستهلكين، رؤية من محاور عدة تستند إلى ما جاء في الاجتماع، ونقلت صحيفة «الوطن» السورية عن معاون وزير التجارة أن المحاور الخمسة تمثل «رؤية لمرحلة جديدة في العمل».
وإثر الكلمة التي ألقاها الأسد وتضمنت حزمة من التوجهات شهدت الأسواق تراجعاً نسبياً في أسعار عدد من المواد، وساهم في ذلك توسع تجربة الأسواق الشعبية، التي كان الأسد وجّه بافتتاحها تزامناً مع ملاحقة المخالفين وتشديد العقوبات بحق المتلاعبين بموضوع الأسعار، وطالب بإيجاد الحلول لفرق أسعار المحاصيل الغذائية المنتجة محلياً بين المزارع والمواطن لكسر الحلقات الوسيطة بينهما وأن تكون الدولة لاعباً رئيسياً في السوق «ما يؤدي إلى خفض الأسعار من خلال المؤسسات الاقتصادية التابعة للقطاع العام وعلى رأسها المؤسسة السورية للتجارة والتي يجب أن تلعب دور التاجر الأساسي، ولكن لصالح المواطن».
على أكثر من صعيد قرئت كلمة الأسد، إلا أن كثيرين اتفقوا على أنها تحدثت بتفاصيل حياة الناس، والتحديات المتلاحقة، وثمة من تحدّث عن حساسية الأزمات في البلاد التي لم تكن تنهض من أزمة حتى تواجه أخرى، منذ تدمير مرافق حيوية أساسية كقطاع النفط والكهرباء، وتوقف البعض عند عبارة الأسد الذي رأى أن ما شهدته بلاده من تحديات كان يعادل ما عاشته في الفترة الأخيرة بتأثير كورونا والإجراءات القسرية التي أدت إلى توقف كثير من المنشآت.
إلا أن ما قاله الأسد في كلمته خلق مناخاً من التفاؤل حين شدّد على أن كل ما سبق تحديات «لا يعني أننا غير قادرين على فعل شيء، بل هناك الكثير من الإجراءات التي يمكن للحكومة القيام بها بما يؤثر إيجابياً في حياة المواطن وتأمين حاجياته».
هي رؤية ثمّة مَن يثق بها ويقول إن البلاد التي استطاعت أن تبدأ إعمار كثير مما كان يدمّر، ستكون أيضاً قادرة على تجاوز الصعوبات التي خلقها التحدي الجديد، الذي أرهق اقتصادات دول كبرى.
وفي هذا الصدد، يتحدث عضو مجلس الشعب الدكتور احمد مرعي عن ان سورية نجحت في مواجهة وباء كورونا، ويقول ان اهمية الاجراءات التي اتخذتها لمواجهة هذا الوباء، تاتي من خصوصية الظروف التي تعانيها البلاد التي تعيش حرباً على المستويات كلها الصحي والاقتصادي والاجتماعي، ويقول ان سورية كانت تراعي كل ذلك ضمن مواجهتها لذلك الوباء وان الخطة التي وضعتها نجحت االى حد كبير في السيطرة على المرض وعدم انتشاره وتوسّعه.
ويضيف مرعي ان الخطة كانت من جانبَي الحكومة والمواطن، ويتحدّث عن التزام المواطن، والتعاون مع الدولة السورية.
اما الاهم في مواجهة المرض كما يقول مرعي فهو متابعة الرئيس الاسد لاجراءات الحكومة «حتى انه كان هناك اجتماع يومي للجنة المكلفة بمواجهة الفيروس، وكان الرئيس الااسد يطلع عليها يومياً»، ويقول ان تلك المتابعة توّجت بالاجتماع الاخير مع اللجنة.
ويشير مرعي الى أنه من الضروري التحدث عن العقوبات احادية الجانب على سورية. وهذا امر يترك اثاراً كبيرة على توفير امكانات مواجهة كورونا وخاصة بان الاوروبيين يعلمون ان المواطن السوري هو من يعاني من العقوبات الجائرة.
ويشير مرعي الى عودة الحياة تدريجياً وعودة المؤسسات الى متابعة اعمالها.
الباحث الاقتصادي حيان سلمان يقول ان الحكومة السورية اتخذت عدداً من الخطوات، لكن الاهم برايه هو لقاء الرئيس الاسد مع المجموعة الحكومية المعنية بالتصدّي لكورونا وفيها اعطى التوجيهات الاساسية وهي ضرورة الاعتماد على سياسة الحظر والاستعداد الدائم لمنع تمدّد الوباء.
ويرى سلمان ان اثار الوباء في سورية واذا ما قورنت بغيرها من الدول كانت اقلّ من غيرها والسبب في ذلك هو النظام الصحي الموجود في سورية، ويقول سلمان ان الاسد اعطى مثلاً وهو انه لا يمكن اخفاء عدد الاصابات ولا عدد الموتى، لكن يجب الاستمرار في اتخاذ الاجراءات اللازمة لذلك.
وحول الجانب الاقتصادي في اللقاء، قال سلمان ان الاسد اشار الى مجموعة من الاجراءات الاقتصادية ومنها عندما تكلم عن مستوى المعيشة وارتفاع الاسعار وطالب بضرورة تخفيف الفجوة الكبيرة بين سعر السلعة في الحقل، بخاصة ان سورية بلد زراعي، وبين سعرها في السوق وطالب مؤسسات التجارة بتامين هذه المواد.
ويضيف سلمان ان الرئيس الاسد لفت الى اسعار الجملة وقال إنه كلما ازدادت الحلقات بين المنتج والمستهلك زادت التكلفة والاسعار ويجب وضع حد لارتفاع الاسعار.
واشار الاسد كذلك الى القطاع العام ودوره في التدخل الايجابي وان هذا هو دور الحكومة.
على صعيد آخر، وفي تطوّر جديد، اتخذت اليونان خطوة «طال انتظارها» تجاه دمشق. فقد أعلن بيان لوزارة الخارجية اليونانية، أن وزير الخارجية نيكوس دندياس، عين السفيرة السابقة، تاسيا أثاناسيو، مبعوثة خاصة إلى سورية.
ورأت وسائل إعلام يونانية، أن هذه الخطوة تعني أن اليونان تسير أخيراً على طريق، طال انتظارها، نحو تطبيع العلاقات مع سورية.
وأعلن رئيس الدبلوماسية اليونانية على حسابه في «تويتر» بدء هذه الانطلاقة بقوله: «بموجب قراري، يتم تعيين السفيرة تاسيا أثاناسيو كمبعوثة خاصة لوزارة الخارجية اليونانية للشؤون السورية».
ونقلت صحيفة «greek city times» عن بيان للخارجية اليونانية قوله إن «الأمر سيشمل اتصالات حول الأبعاد الدولية لسورية والأعمال الإنسانية ذات الصلة، فضلاً عن تنسيق الإجراءات في ضوء الجهود الجارية لإعادة بناء سورية».
وأوضحت الوزارة أيضاً أن تاسيا أثاناسيو، المبعوثة الخاصة إلى سورية «كانت سفيرة لليونان في دمشق من 2009 إلى 2012، عندما أشرفت حينها على تعليق عمل بعثتنا الدبلوماسية هناك».
ورأت الصحيفة في هذا الإجراء «خطوة استراتيجية للغاية من قبل وزارة الخارجية، حيث تم تكليف شخص على دراية بسورية وسلطاتها، ما يشير إلى أنها ليست سوى مسألة وقت حتى يتم استعادة السفارة في دمشق».
وأشارت الصحيفة اليونانية أيضاً إلى أنه «بإعادة فتح العلاقات مع سورية سوف يميل توازن القوى في شرق البحر المتوسط مرة أخرى لصالح اليونان، لأن تركيا ليس لديها أي حليف في المنطقة، باستثناء حكومة الإخوان المسلمين المحاصرة في ليبيا التي هي على وشك الانهيار تحت ضغط الجيش الوطني الليبي تحت قيادة المشير خليفة بلقاسم حفتر».
ولفتت الصحيفة أيضاً إلى أن «تركيا على الرغم من أنها قضت ثماني سنوات في دعم الارهاب من خلال وسائل مختلفة، بما في ذلك محاولة غزو فاشلة لمحافظة إدلب في وقت سابق من هذا العام، إلا أنها فشلت تماماً في كل مسعى».