الدراما العربيّة لرمضان 2020… مسلسلات زاحفة لافتعال التمثيل (2) جنون الكورونا أصاب السوريّة واللبنانيّة وانعكس على التنفيذ والسقوط جامع!
ـ اللبنانيّة فقر في الإخراج وفي التنفيذ وسرعة في التصوير المربك ـ السوريّة رتابة ونمطيّة من غير تشويق وتُختزل بثلاث حلقات
} جهاد أيوب
تعاني الدراما السورية من خطر التواجد وعقدة ما حققته من نجاحات سابقة، وهذا العام كانت الأكثر ضرراً كحال الدراما اللبنانيّة التي لا زالت تبحث عن مساحة قد تعيد ذاك المجد الذي قتلته الحروب، ولا يدركه هذا الجيل…
أشرنا سابقاً إلى أن الافتعال في الأداء بين التنفيذ والتمثيل هو الغالب في دراما رمضان 2020، منها لم يكتمل تصويره فعرض ما نفذ منه، ومنها تم تأجيله رغم إنجازه وهذا لصالحهم، والعديد سحب من المنافسة لأسباب كثيرة منها سوء اختيار فريق العمل أو للتأخير في الاختيار أو لفقر التنفيذ بعد المشاهدة الخاصة، ومنها الهرب من الكورونا التي أصابت كل العالم، والاعتقاد ان الدخول في معمعة العرض قد تضرّ، وهذا ولد نوعية من الأعمال المربكة مهما اختلفنا حول نجاحها والمتابعة خاصة في الدراما السورية واللبنانية والمصرية، لذلك نقدنا سيكون سريعاً ومباشراً خارج الرؤية الخاصة، والتطويل البحثي بل باختصار والسبب فقر غالبية ما يعرض.
} السوريّة:
15 عملاً في الدراما السورية عرضت رغم صعوبة التنفيذ والعرض (عشرات الأعمال القديمة عرضت أيضاً)، والجديد الذي شاهدناه بغالبيته لا يستحق المتابعة، وكان رتيباً، منفذاً بسرعة غير مدركة، ونمطية في الأعمال الشامية التي تتكرر بسذاجة، والمصيبة الإصرار على الأجزاء كأن الفكر تجمد، أو اصيب بالقحط دون الالتفات إلى انزعاج المشاهد! باختصار الدراما السورية في وديان خارج عالم المشاهد، والدليل الفقر الذي أصيبت به هذا العام على أكثر من صعيد فني وأدائي وفكري، أعمال مشغولة بسلق التنفيذ، ولا تميز فيها، والدليل الأخطاء الفنية في «سوق الحرير» واقحام شخصيات لا لزوم لها كما حال العائلة المصرية، والغريب في العمل أن المرأة الشامية اصبحت اكثر تحرراً، وخلعت الحجاب والملاية، وكل ما قدمه العمل جاء بأحداث رتيبة، ومناوشات بين الضراير، ونمطية في الشخصيات، وهذا ينطبق على كل ما قدم من أعمال شامية لهذا العام مثل «عطر الشام 4» و”بروكار”… كل هذه الأعمال من غير تشويق وتختزل بثلاث حلقات ولا داعي للأجزاء!
{”هوس” من الأعمال الجميلة التي تستحق المتابعة، فرض حضوره في زحمة الكورونا والقلق، وما قدمه هنا عابد فهد يغفر له ما أداه من ضعف في «الساحر» والمفاجأة كانت إطلالة المطربة هبة طوجي، مقنعة، وحاضرة بقوة من خلال تجسيد لشخصيتين متناقضتين، رغم أن البطولة الأولى لها في التمثيل، إضافة إلى تفوق كارمن لبس.
تمكن المخرج محمد لطفي من تقديم رؤية وصلتنا من خلال تقطيع المشاهد بطريقة ذكية، أما شطارة المؤلفة ناديا الأحمر فكانت من خلال سلاسة الحوارات الرشيقة، وتكثيف الأحداث، العمل صور العام الماضي.
{ «مقابلة مع السيد أدم” تأليف وإخراج فادي سليم، رغم هنات العمل، وفقر النص من الأحداث، وغياب الإشباع الدرامي، وحصر الخط الدرامي بقصة واحدة أضعفت قيمة العمل، ولكن أداء الممثلين المتقن والمقنع وحركة الكاميرا الجميلة جعلتنا نتخطى ما ذكرناه من أخطاء، وهو أفضل ما قدم في الدراما السورية لهذا العام رغم «ولكن» ويحتوي على بعض المشاهد الصامتة الجميلة والتي شكلت لوحة تشكيلية بصرية ممتعة!
«هواجس عابرة” افتعال سيئ، وعمل يحتاج إلى عمل!
} اللبنانيّة:
حاولت الزحف إلى العرض من خلال 9 أعمال أكثر من نصفها أعمال مشتركة مع السوري، وللأسف غالبيتها لا تستحق النقد فنياً، ولا أن نقف عندها مطولاً. هي مبتورة، ومشغولة بقلة حرفية، ولا إخراج يحسب لها مع أن بعض النصوص كفكرة جيدة، وكتطرق إلى قضايا تكاد تكون أجرأ من كل الأعمال العربية، ولكن السيناريو والحوارات اضاعتها، ومن الواضح نفذت على عجل أو في ظروف معقدة، والغريب أن غالبية ما عرض نتلمس فيه عدم انسجام فريق التمثيل، وغير ملائم، أقصد اختيار الممثلين عند الجميع غير موفق، والأعمال المشتركة غير ناضجة، والأعمال اللبنانية فقط فقيرة من جوانب فنية عدة، وكل ما عرض يختزل بثلاث أو أربع حلقات، ونجمات لبنان همهن المكياج النافر والملابس منها لا يليق للدور ولا لطبيعة الشخصية!
لا زالت تنحصر في الخيانة الزوجيّة (رودريك سليمان في «العودة” يخون زوجته وكذلك في «الساحر” مع تبريرات عجيبة)، الإجرام العائلي المخدرات، تغيير المفاهيم الاجتماعية، لا واقعية رغم التطرق إلى بعض القضايا سطحياً دون عمق درامي.
{ «النحات” مشترك سوري لبناني قدم باسل خياط بشخصية معقدة ومركبة، وهو يعشق هذه النمطية، ووفق، وتميز، وعليه فوراً أن يبتعد بعد أن يكمل المسلسل عن أدوار كهذه حتى لا تبتعد عنه الفرص، وأمل بوشوشة تميزت، وندى أبو فرحات تألقت كان حضورها الأبرز!
{ «الساحر” عمل مشترك ممجوج فيه استغباء للمشاهد من خلال أداء تمثيلي مربك خاصة عند عابد فهد، هذا الممثل الكبير لم يكن مقنعاً، وبعد أن انتهى في منتصف رمضان كمنجم سيعود بما تبقى للعام المقبل عالم طاقة…عجائب دراما العجائب!
العمل فيه عنصرية ظهرت بقسوة تجاه السوري النصاب واللبناني العبيط، وازدواجية بين النص والمنازل الفخمة!
النجم ورودريك سليمان في أفضل أعماله، وفعلاً من الممثلين الجيدين، أما محمد حداقي فيستحق جائزة على طريقة تقديم دوره بتفوق.
{ «أولاد ادم” مشترك، ولم يوفق باختيار فريق العمل من مخرج إلى ممثلين خاصة الأبطال، هذا العمل يسقط من سجل الليث حجو… أما الحديث عن الألوان فمؤسف ما شاهدناه!
طرح العمل كماً من القضايا، وقد أصاب بذلك، ولكن صياغة النص والحوارات أفقداه الكثير من العمق الدرامي، وبقيت سطحية! الممثل طلال الجردي كان الأفضل في كل مشاهده.
{ «بردانة أنا” عمل مشتت، فقير في الدراما التلفزيونية، كارين رزق الله تائهة، كل مشهد لها تجسّد فيه شخصية تختلف عن الأخرى كما لو كانت تعمل بأكثر من عمل في وقت واحد ولا تعرف الخروج من الشخصيات، وللأمانة شخصية «إم البنات” هي التي رافقت أداءها، وهذا جعلها تقدم شخصية مهزوزة، و”أوفرت” كثيراً كما حال وديع أبو شقرا، شكل حضوره انقلاباً عما كنا نشاهده ونعجب، هنا يمثل وحده، بصراخ خارج قيمة المشهد، لا علاقة لكل ما قدمه بعمق الشخصية الدور بل كان يمثل بافتعال فيه كم من الصراخ والسلام ليقول إنه شرير !
المخرج نديم مهنا لا يقرأ مشاهده، وإلا ما هذه الفوضى البصرية وأداء الممثلين حيث لا إدارة منه؟!
أما كلوديا مرشليان فقدمت أضعف نصوصها، وأخاف أن تكون لا تعرف ما هو مكتوب في نص حمل اسمها، النص ساذج، ركيك، وأحداثه اعتمدت على تقطيع بلا فائدة! الفنانة رولا حمادة تتقن كل ما يقدم لها، وكانت هنا الأفضل من الجميع.
{ «لو ما التقينا” نص جميل، حبكة درامية تحتاج إلى مخرج يقرأ النص جيداً، يبني هيكلية للأبطال بعد أن يتعرف عليهم على الورق بعمق، وتجسيد درامي لأبطال تاهوا في ملعبهم دون التعمق بالشخصيات! نص وحوار ندى عماد خليل فيه روح جديدة تاه في ضعف الإخراج الذي تصدّى له إيلي الرموز، وترك الممثلين على هواهم الأدائي.
{ «بالقلب” يحتاج إلى قالب فنّي يختلف كلياً، يحتاج إلى قلب يرحم الدراما من فن الارتجال لا أكثر ولا أقل! فكرة جميلة، وجميلة جداً، وحوارات تحتاج إلى إعادة صياغة، ومخرج يدرك أنه يصور مشهداً درامياً وليس صورة فوتوغرافية من دون إحساس، لقد اربك المخرج جوليان معلوف الفكرة وأُربك معها وفيها! كارمن لبس كما هي تؤدي بإتقان مهما كان الدور، وهي إضافة في كل عمل.
«سرّ” الحلقات الأولى كانت مشوقة، وبرز الممثل الغول باسم مغنية باستيعاب طبيعة الدور فتفوق على الجميع مع باقي الحلقات، ولكن النجم الواحد المتحكم لا ينقذ العمل!
العمل يختزل إلى خمس حلقات لا أكثر، وأيضاً يعاني بين ازدواجية النصّ والمنازل، فمثلاً شقيقة داليدا خليل فقيرة وتعيش في فيلا، يضاف سوء استخدام الإضاءة والحوارات الشاعرية الثقافية التي لا تنسجم مع طبيعة العمل!