حزب الله أحيا ذكرى استشهاد بدر الدين نصرالله: معالجة الوضع الاقتصادي في لبنان تحتاج إلى ترتيب العلاقات مع سورية
أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن التجربة الأقسى للمقاومة كانت في سورية ضد الإرهاب التكفيري، موضحاً أن «إصرارنا على الذهاب إلى سورية كان بسبب إدراكنا لحجم المخاطر التي تهدد فلسطين ولبنان وسورية والمنطقة كلها».
وإذ أكد أنّ سورية انتصرت في الحرب وما زال لديها بعض المعارك، شدّد على أهمية إعادة ترتيب العلاقات معها، مؤكداً أنّ «من يريد أن يعالج الوضع الاقتصادي في لبنان يحتاج إلى ترتيب العلاقات مع سورية». وشدّد على أن حلفاء سورية لم يتخلوا عنها.
مواقف السيد نصر الله جاءت في كلمة له بالذكرى الرابعة لاستشهاد القائد في حزب الله مصطفى بدر الدين (السيد ذوالفقار)، جدّد في مستهلها التعزية لعائلة الشهيد وقال: «عندما نصر على إحياء ذكرى الشهداء عموماً والشهداء القادة خصوصاً لتكريمهم وللتذكير بما حققوه لوطنهم ولنستفيد من تضحياتهم وجهادهم وصفاهم الشخصية ما يمكننا من نضالنا وطريقنا الطويل وما فيه من أخطار وصعوبات».
وأشار إلى أنّ بدر الدين «كان يملك روحاً قوية ومعنويات عالية، وهذه الصفة تؤدي إلى تماسك وصمود وثبات وقدرة على التفكير واتخاذ القرار ومواصلة الحركة، وتابع: «عندما تهتز معنويات الإنسان أمام أي مشكلة أو صعوبة فهذا سيؤدي إلى تأثير على العمل واتخاذ القرار أي سيكون له تداعيات على العمل».
تحوُّل استراتيجي كبير
وأضاف: «خضنا الكثير من الصعوبات ومرّت المقاومة بكثير من الظروق القاسية كان السيد ذوالفقار يملك الثقة بالله وبالمجاهدين وبالقدرة على الانتصار وتجاوز المحنة»، لافتاً إلى أنّ ذوالفقار كان يملك صفة إعطاء الثقة ونقلها لمن معه، كان في الصعوبات يثبتهم ويتجاوز بهم تلك المرحلة، كان كالقبطان الذي يقود سفينة وسط العاصفة ولكنه كان يمتلك المعنويات العالية والقدرة على القيادة بثبات».
وقال السيد نصر الله: «في العام 1996 شنّ العدو الإسرائيلي ما سماه عملية عناقيد الغضب واعتدى على مناطق واسعة وهدد بالقضاء على المقاومة وإبعادها عن الشريط الحدودي والهدف كان أن يأمن العدو في احتلاله للمنطقة المحتلة».
وتابع: «السيد ذوالفقار كان المسؤول العسكري المركزي في المقاومة وكنا على تواصل دائم معه وكان الانتصار في تلك المعركة رغم التضحيات وفشل العدو في تحقيق أهدافه بل بالعكس لبنان وسورية فرضا على العدو باتفاق دولي هو اتفاق نيسان تثبيت حق المقاومة بالعمليات العسكرية وهذا كان تحولاً استراتيجياً كبيراً في عمل المقاومة الكيفي والكمي والذي أدى إلى انتصار 25 أيار 2000».
التجربة الأقسى
ولفت السيد نصر الله إلى أنّ «التجربة الأقسى للمقاومة والسيد ذوالفقار كانت في سورية ضد الإرهاب التكفيري، إلى جانب الأخوة الإيرانيين والسوريين، وهنا لا بدّ من التذكير بدور السيد ذوالفقار في هذه المعركة»، وتابع «في عام 2011 كان هناك مشروع أميركي إسرائيلي سعودي واستطاع أن يأتي معه بكثير من الدول العربية والإسلامية والغربية والهدف الأساسي كان السيطرة على سورية»، مشيراً إلى أنّ «نظام الهيمنة الأميركية في المنطقة يسعى للتطبيع مع إسرائيل وهناك بعض الدول خارج هذا النظام بينها سورية وإيران، وهم أرادوا أخذ سورية لدورها بمواجهة هذا المشروع ولما تملكه من خيرات وموقعها في الصراع مع العدو والقضية الفلسطينية».
وأضاف: « أبت سورية الخضوع لكل الضغوط لذا جاء الاستكبار وأدواته في العالم والمنطقة لإخضاعها، القوى ذاتها التي اتّحدت لقتال سورية وإخضاعها والسيطرة عليها تتحد اليوم للقتال في بلدان أخرى»، مؤكداً أنّ «المشروع الأميركي الإسرائيلي السعودي سعى لتتخلى سورية عن فلسطين والجولان المحتل».
وأوضح السيد نصر الله أن «إصرارنا على الذهاب إلى سورية كان بسبب إدراكنا لحجم المخاطر التي تهدد فلسطين ولبنان وسورية والمنطقة كلها. كان علينا أن نبادر للذهاب إلى سورية لمواجهة المشروع التآمري رغم إدراكنا لتبعات هذا القرار»،مؤكداً أنّ «حجم المخاطر التي تتهدد فلسطين ولبنان وسورية وقضايا الحق في المنطقة دفعنا للذهاب إلى سورية».
وقال: «قائدنا في المعارك في سورية كان الشهيد بدر الدين الذي قضى أيامه الأخيرة في حياته في هذا البلد. كان يخوض المعارك في سوريا إلى جانب الفريق الشهيد قاسم سليماني كتفاً إلى كتف»، مشدّداً على أنّ «المخاطر التي كانت تحيط بسورية كانت أكبر من التضحيات التي بذلناها».
تخلّي حلفاء سورية عنها أحلام
ورأى السيد نصر الله أنّ «سورية لم تنتصر فقط في المعركة ضدها بل انتصرت في الحرب عليها»، لافتاً إلى أن «سورية انتصرت في الحرب وما زال لديها بعض المعارك»، وتابع «القيادة السورية والجيش والجزء الأكبر من شعبها انتصروا في الحرب وبقية المعارك تحتاج فقط إلى صمود»، موضحاً أنّ «سورية نجت من التقسيم ومن المشروع التآمري الذي كُرست له أموال طائلة وأسلحة وعشرات آلاف المسلحين»، وأشار إلى أن «سورية استطاعت أن تنتصر في الحرب بفضل صمود قيادتها وجيشها وشعبها وثبات حلفائها إلى جانبها».
وأضاف: «ما عجزوا عن تحقيقه عسكرياً في سورية حاولوا تحقيقه سياسياً والمعركة السياسية لا تقل ضراوتها عن المعركة العسكرية ومخاطرها أكبر وسورية ما زالت تخوضها».
وأكد السيد نصر الله أنّ «سورية نجحت حتى الآن في المعركة السياسية رغم الحرب النفسية والحصار اللذين تواجههما»، لافتاً إلى أن «من يحاصر إيران وسورية وفنزويلا وغزة واليمن، هو نفسه بدأ يعاني من تداعيات فيروس كورونا».
وتابع: «الرهان هو على صمود شعب سورية وقيادتها في مواجهة تداعيات أزمة كورونا وهي لديها مواردها الخاصة»، مشدداً على أن «ما يتردّد عن تخلي حلفاء سورية عنها هو مجرد أحلام وكلام لا أساس له وما يتردد عن وجود صراع روسي– إيراني في سورية هو غير صحيح».
وأشار السيد نصر الله إلى أنّ «إيران لا تخوض معركة نفوذ مع أحد في سورية لا مع روسيا ولا مع غيرها، الجمهورية الإسلامية وكل حلفاء سورية من المقاومة لا يخوضون معركة نفوذ في سورية وهدف إيران في سورية هو منعها من سقوطها في هيمنة أميركا وإسرائيل وهي لا تتدخل أبداً في شؤونها».
وشدّد على أنّ «هدف إيران هو الحفاظ على هوية سورية واستقلالها وإرادتها وألاّ تقع في أيدي أميركا وإسرائيل»، مؤكداً أن «قرار إيران حاسم في الوقوف إلى جانب القيادة في سورية ودعم قراراتها وثباتها في وجه مشاريع الهيمنة».
«إسرائيل» خسرت الحرب
وأكد السيد نصر الله أنّ «وزير الحرب الإسرائيلي يكذب على جمهوره والعالم حين يتحدث عن انتصارات في سورية وهي انتصارات وهمية»، لافتاً إلى أن «إسرائيل راهنت على الجماعات المسلحة في جنوب سورية وهي حضرت بقوة في هذا البلد منذ العام 2011».
وتابع: «الإسرائيليون ومن معهم خسروا حربهم على سورية وهم باتوا يصوبون على أخطار جديدة بعد هذه الخسارة. الإسرائيليون باتوا يهاجمون كل ما يتعلق بتصنيع الصواريخ في سورية لما يشكله ذلك من قوة في محور المقاومة»، وأوضح أنّ «الإسرائيليين يرون في سورية تهديداً مستقبلياً وهم قلقون من وجود إيران وفصائل للمقاومة فيها، مشيراً إلى أن «الكيان الصهيوني مرعوب من التطورات في سورية ما قد يأخذه إلى مغامرات غير محسوبة».
وقال: «إن وزير الحرب الإسرائيلي الأبله وعد بإخراج الإيرانيين من سورية قبل نهاية العام الحالي وإسرائيل تخدع نفسها وجمهورها وتصور بعض التفاصيل على أنها انتصار في سورية وبداية خروج إيران».
وأضاف: «وزير الحرب استخلص بأن إسرائيل حققت أهدافها في سورية وقدم الأكاذيب والتضليل»، لافتاً إلى أنّ «عدد المستشارين الإيرانيين في سورية زاد مع السنوات لتقديم المشورة وإدارة مجاميع عربية وسورية وإسلامية».
وأكد أنّ المستشارين الإيرانيين في سورية «ليسوا عسكريين وبالتالي فإن إسرائيل تخوض معركة وهمية ضد إيران»، موضحاً أنّ «الإخلاء يجري بطبيعة الحال في المناطق التي يتم تحريرها».
وقال السيد نصر الله «بعد تحرير البادية وفتح الطريق إلى حلب وانتهاء معركة دمشق تقررت عودة المقاتلين إلى بلادهم منذ سنتين. قرار تخفيض أعداد المقاتلين في سورية جرى بالتنسيق مع الجيش السوري وبعد تحرير المناطق»، مشيراً إلى أن «ما يستدل به الإسرائيلي بشأن ما يسميه إنجازات في سورية هو ليس انتصاراً له بل انتصار لمحور المقاومة وإسرائيل تعتمد التضليل والكذب بشأن تحقيق إنجازات في سورية».
وأكد أنّ «قادة الكيان الإسرائيلي يقدمون إنجازات وهمية لجمهورهم وعلى الإسرائيليين ألاّ يصغوا لأكاذيب قادتهم وقد ترتكب قيادتهم حماقة قد تؤدي إلى انفجار المنطقة».
طريق حصري إلى الأسواق العربية
وفي الشأن اللبناني، دعا السيد نصر الله «بعض اللبنانيين إلى الخروج من رهاناتهم بتغيّر الوضع في سورية وعلى بعض اللبنانيين النظر في إعادة ترتيب العلاقات مع سورية لأنّ ذلك من مصلحتهم أولاً».
وأوضح أنّ «لدينا تحفظات على طلب قرض من صندوق النقد الدولي لكننا لا نريد تعقيد الوضع بالنسبة للحكومة اللبنانية». ولفت إلى أنّ «ترتيب العلاقات مع سورية أمر مهم للبنان لأنه سيفتح أبواب العلاج للأزمة الاقتصادية»، مؤكداً أنّ «الرهان الحقيقي في لبنان هو في الاعتماد على الجهد الداخلي عبر إحياء القطاعات الصناعية والزراعية».
وأضاف: «طريقنا إلى الأسواق العربية هو عبر سورية ولا يمكن ذلك دونها لأنها الطريق الحصري لذلك». ورأى أنّ «من يريد أن يعالج الوضع الاقتصادي في لبنان يحتاج إلى ترتيب العلاقات مع سورية».
واعتبر السيد نصر الله أنّ «مسألة وجود تهريب ومعابر غير شرعية على الحدود مع سورية لا يمكن للبنان وحده معالجتها»، مشيراً إلى أنّ «الجيش اللبناني لا يمكنه وحده منع التهريب عبر الحدود والطريق الوحيد لذلك هو عبر التعاون الثنائي».
ورأى أنّ «الحديث عن قوات دولية على الحدود مع سورية هو أحد أهداف عدوان تموز على لبنان عام 2006»، وأكد أنه «لا يمكن القبول أبداً بوجود قوات دولية على الحدود مع سورية علماً أنّ هذا كان أحد أهم وشروط عدوان تموز».
ودعا إلى «المسارعة في ترتيب العلاقة مع سورية وإلاّ فإن لبنان يتجه إلى الإنهيار»، موضحاً أنّ «سورية جاهزة لإعادة ترتيب العلاقة مع لبنان الذي يتحمل مسؤولية التأخير والمماطلة في ذلك».
معركة كورونا طويلة
وتقدّم السيد نصر الله بالتبريك من الممرضين والممرضات في يومهم العالمي «وهم يقفون في الصف الأول بمواجهة فيروس كورونا المستجد، والعالم يقف مذهولاً أمامه»، لافتاً إلى أنّ «هذه المعركة طويلة والممرضون والممرضات يقفون في الخط الأول للدفاع وهم يستحقون كل تقدير والمعركة تقف على ثبات وشجاعة وعلم الطواقم الطبية وعدم انسحابها أو تعبها كما في المعارك العسكرية في الجبهات».