إلى ورود الدار لحظة الانكسار… تحيّة اعتراف لمرثيّة الرحيل
} جهاد أيوب
هكذا ببساطة تستعدّ هذه الورود لتقديم أوراق اعتمادها إلى العدم، تكتب استقالتها بروح العطاء الأبديّ بعد أن قدّمت ما عجزت على أن أقدّمه لها!
بهدوء، ومن دون تكلفة الرحيل جادت برسم صفعة النهايات دون أن تخبرني، فقط وشوشتني في همس الكبرياء وانحنت.
ببساطة، وخارج لجان معرفة الادعاء عرفت متى ينتهي دورها، وفاضت في سلام !
ما أن بدأت أوراق جمالك بالسقوط عرفت أن مرض الاختفاء لقريب، لا مجال لمحاربة البعاد، ولا بد من قبر الحرمان… حتى في سقوط أوراق المغادرة تفرضين الجمال الآخير…!
شاركتني الكثير من أفراحي وأحزاني، كانت تمتلك صمت العيون، وتيجان الملوك، تزيّن أفكاري بأجمل الكلمات، وتغرّد ولا تعرف الثرثرات، وتخاطبني بأجمل العبارات حتى أتمكن من عبور التعبير والوصف!
وكانت تصرّ على أن تبقى الأنيقة في أوراقها، والجميلة في شموخها إلى أن أصيبت بالهرم!
أنجزت مهامها، وإنحنت أرضاً إلى فناء نشكو منه، ولكن غرورنا لا يجعلنا نفكر به، قررت بعد أن درست واقعها الجديد بأن تخوض في مغامرة التلاشي، هي مدركة إنجازاتها رافضة أن لا تكون الصبية، هي امتعتني عطراً وحضوراً وشكلاً!
تحاورنا كثيراً، وتجاهلتها أكثر، كانت تفرض حضورها في كل اللحظات الهاربة مني، تعيدني بصفعة عطر، وتفرض ابتسامتي.
كانت فتية، قطفتها من حديقتي، زينت بها طفولتي وأنا أكتب عن عالمي وبشاعة ما يحيط بنا وينتظرنا! واليوم كبرياء الجمال يرفض بشاعة الأيام وخفوت العمر… واليوم تودّعني بهدوء إلى أن أقرر رميها خارجاً بعد أن أفادتني!
قد ابدلها قريباً بقسوة النسيان بوردة يانعة، وقد أدوسها أرضاً بحذاء من غرور الإنسان، وبالتأكيد أقرر القسوة متجاهلاً ما كان دورها في زرع الاطمئنان كلما نظرت إليها!
كل ما في الطبيعة أطيب من الإنسان… هذا من خرب الكوكب بحجة العلم، وهذا من شوّه الجمال بفكرة الطمع والاستهلاك والاستملاك…!
شكراً ملهمتي وردتي منك تعلمت الدرس!
إليك يا ورود الدار في لحظة انكسارك، وفي خلسة ضمير اقدم تحية اعتراف بأنك صنعت لي ما لا يصنعه الإنسان!