انعقاد الدورة الـ73 لمنظمة الصحة العالميّة وتقييم مواجهة كورونا وسط أجواء توتر
تعقد منظمة الصحة العالمية اجتماعات افتراضية وعلى مدار يومين من دورتها السنوية الـ 73، وشارك في جلسة الافتتاح كل من الرؤساء الصيني شي لي بينغ، والفرنسي إمانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية انغيلا ميركل، وعدد آخر من الرؤساء، ورؤساء الحكومات، ويُتوقع أن يقدم الاتحاد الأوروبي اقتراح إجراء تقييم مستقل لأداء منظمة الصحة العالمية تحت إشراف مديرها الحالي، تدروس دهانوم حيث يتوقع أن يحظى بموافقة أغلبية الدول الأعضاء الـ19.
وافتتحت رئيسة سويسرا الاجتماع السنوي لمنظمة الصحة العالمية في جنيف أمس، متعهّدة بأن تقدم بلادها «الدعم والتعاون الكاملين لمدير المنظمة فيما تنسّق الاستجابة الدولية لجائحة فيروس كورونا».
وقالت الرئيسة سيمونيتا سوماروجا لجمعية الصحة العالمية، وهي هيئة اتخاذ القرار في المنظمة، عبر الإنترنت في إشارة إلى تيدروس أدهانوم غيبريسوس «بينما تخوض هذه الأزمة، كن على ثقة من أنك تتمتع بالدعم والتعاون الكاملين من سويسرا». وحثت أعضاء الجمعية وعددهم 194 على «العمل معاً في التصدّي للأزمة».
ووصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس المنظمة ومقرها جنيف بأنه «لا غنى عنها» وقال إنها «بحاجة لموارد أكبر لتقديم الدعم للدول النامية».
ووعد مدير عام المنظمة غيبريسوس بـ»إطلاق تحقيق مستقل حول الاستجابة لانتشار فيروس كورونا في أقرب وقت ممكن».
وقال في مستهلّ الاجتماع «سأقوم بتقييم مستقل في أقرب وقت مناسب لمراجعة الخبرة التي اكتسبت والدروس التي استخلصت وإصدار توصيات لتحسين الجهوزية والاستجابة على المستويين الوطني والعالمي».
بدوره، دعا الرئيس الصيني شي لي بينغ في كلمة الافتتاح إلى مراجعة مستقلة للاستجابة العالمية لوباء كورونا «كوفيد-19» تحت إشراف منظمة الصحة العالمية.
ودافع بينغ عن سياسة بلاده في إدارة أزمة انتشار الوباء ومواجهته، وقال إن «الصين عملت طوال الوقت بصراحة وشفافيّة ومسؤولية لمواجهة أخطر حالة طوارئ صحية عمومية عالمية».
وتعهّد الرئيس الصينيّ بـ»دفع مساهمة قدرها 2 مليار دولار على مدى عامين من أجل دعم مواجهة الوباء».
وأكد بينغ أن بلاده تدعم «تقييماً شاملاً» للاستجابة العالمية لوباء كوفيد– 19 «بعد السيطرة عليه». وقال إنه «لطالما كان للصين موقف منفتح وشفاف ومسؤول وشاركت المعلومات بشأن الفيروس في وقتها».
وأضاف الرئيس الصيني أن «أيّ لقاح تطوّره بلاده ضدّ فيروس كورونا المستجدّ سيكون للمصلحة العالمية العامة فور بدء استخدامه».
من جهته، قال الأمين العام للأمم المتحدة، إنه «لا يمكن تعويض منظمة الصحة العالمية»، مؤكداً أنها «بحاجة إلى موارد أكبر لتقديم الدعم للبلدان النامية». وانتقد الدول التي «تجاهلت توصيات منظمة الصحة العالمية»، معتبراً أن «العالم يدفع اليوم ثمناً باهظاً لتباين الاستراتيجيات».
وأضاف «نتيجة لذلك، انتشر الفيروس في العالم أجمع ويتّجه الآن نحو دول الجنوب، حيث يمكن أن يخلّف آثاراً أكثر تدميراً»، داعياً إلى «بذل جهود ضخمة متعددة الأطراف في مواجهة هذه المأساة».
وتابع «آمل في أن يكون البحث عن لقاح نقطة الانطلاق لذلك».
أما مدير عام منظمة الصحة العالمية الذي حظي بدعم من عدد من الرؤساء وممثلي الدول فقد أعلن من جهته أنه «سيبدأ مع فريق عمله عملية تقييم شاملة ومستقلة لعمل المنظمة».
بدوره، أعلن الرئيس الفرنسي عن «رفع مساهمة فرنسا المالية في تمويل منظمة الصحة العالمية»، في حين دعا رئيس كوريا الجنوبية إلى «المزيد من التعاون والشفافية بين الدول، وإلى تبادل المعلومات والبيانات المتعلقة بالأوبئة ولا سيما الوباء الحالي».
وفي الوقت الذي بدأت فيه العديد من دول العالم تخفيف إجراءات الإغلاق، أكدت منظمة الصحة أنّ «على البشرية تعلّم التعايش مع كورونا الذي قد لا يختفي أبداً».
وقال مدير القضايا الصحيّة العاجلة في منظمة الصحة العالميّة، مايكل راين، «لدينا فيروس جديد يخترق البشرية للمرة الأولى، لذلك من الصعب جداً القول متى يمكن دحره».
وبالرغم من تصعيد التوتر بين واشنطن وبكين، لا تزال الدول تأمل في أن تعتمد بالتوافق مشروع قرار طويل قدمه الاتحاد الأوروبي ويطلب إطلاق «عملية تقييم في أسرع وقت ممكن» لدرس الرد الصحي العالمي والإجراءات التي اتخذتها منظمة الصحة العالمية في مواجهة الوباء.
ويدعو النص أيضاً منظمة الصحة العالمية إلى «التعاون الوثيق مع المنظمة العالمية لصحة الحيوان ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة والدول… لتحديد المصدر الحيوانيّ للفيروس وتحديد بأي طريقة انتقل الى البشر (…) وخصوصاً من خلال المهام العلمية وبعثات تعاون ميدانية».
ويطلب أيضاً «إمكانية الوصول الشامل والسريع والمنصف لكل المنتجات اللازمة للاستجابة للوباء». ويشدّد على دور «اللقاح الواسع النطاق ضد كوفيد-19 باعتباره للمنفعة العامة في العالم ولمنع انتشار الفيروس والقضاء عليه من أجل وقف الوباء».
وقال مصدر دبلوماسي أوروبي «تمّ التوصل إلى اتفاق غير رسمي لاعتماد القرار بتوافق الآراء. وستكون هذه نتيجة مهمة لأن منظمة الصحة العالمية ستكون أول منتدى عالمي يتفق على نص بالإجماع»، مؤكداً أنه «سيتمّ التطرق حتى إلى المواضيع الصعبة بما يشمل منشأ الفيروس وإصلاح منظمة الصحة العالمية، الذي طالبت به الولايات المتحدة بإلحاح».
وأكد المصدر الأوروبي أنه «لم يتم تجنّب أي موضوع في مشروع القرار سواء كان بالنسبة لمواصلة إصلاح منظمة الصحة العالمية وخصوصاً قدراتها التي ثبت أنها غير كافية لمنع حدوث أزمة بهذا الحجم».
وقال السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة في جنيف اندرو بريمبرغ الجمعة «آمل أن نتمكن من الانضمام إلى الإجماع».
وهناك مواضيع عدّة تثير الخلافات من إصلاح منظمة الصحة العالمية وصولاً إلى تايوان وأبحاث اللقاحات وإرسال خبراء الى الصين لكن مسألة منشأ الفيروس لا تزال النقطة الأساسية في الحرب الكلامية بين الولايات المتحدة والصين.
وتطالب الولايات المتحدة بـ»إجراء تحقيق» في هذا الموضوع على غرار استراليا وتشتبهان في أن «بكين خلفت حادثاً مخبرياً قد يكون وراء انتشار الفيروس».
وتتهم الولايات المتحدة الصين الآن بـ»محاولة قرصنة أبحاث أميركية حول لقاح»، وسط تنافس أميركي – أوروبي حول لقاح في المستقبل. وقد هدّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بـ»قطع جميع العلاقات» مع بكين.
واعتبر وزير الصحة الأميركي، أليكس أزار، أنه «يجب محاسبة منظمة الصحة العالمية لـ(فشلها) في تزويد المجتمع الدولي بالمعلومات الحيوية لمواجهة جائحة فيروس كورونا المستجدّ».
في موازاة ذلك تعتبر الحكومة الأميركية أن «منظمة الصحة العالمية قد أهملت تحذيراً مبكراً صدر من تايوان حول خطورة فيروس كورونا المستجدّ وهو ما تنفيه وكالة الأمم المتحدة». ودعت الولايات المتحدة، بدعم من بعض الدول منظمة الصحة العالمية إلى «دعوة تايوان» إلى هذا الاجتماع رغم معارضة الصين.
لكن تايوان استبعدت عن منظمة الصحة العالمية والتي كانت تشغل فيها وضع مراقب حتى 2016، سنة وصول تساي إنغ ون إلى السلطة بعدما رفضت الاعتراف بـ»مبدأ وحدة الجزيرة والبر الرئيسي للصين داخل البلد نفسه».
وفي جنيف، تؤكد منظمة الصحة العالمية أن «الدول الأعضاء فقط يعود إليها قرار قبول تايوان أم لا».
وقبيل افتتاح الاجتماع، قال وزير الخارجية التايواني جوزف وو إن «تايوان وافقت على إرجاء هذا النقاش، لكي تتركز المباحثات على كيفية مواجهة الوباء».