في الوقت الذي لا يجرؤ فيه الكثيرون بالتعبير عن تعاطفهم مع الفلسطينيين وإدانة الممارسات الصهيونية، أقرّ البرلمان الإيراني يوم الاثنين مشروع (مواجهة الإجراءات العدائية للكيان الصهيوني) والذي يتضمن 16 بنداً من بينها إلزام وزارة الخارجية بالعمل خلال فترة أقصاها ستة أشهر على توفیر التمهيدات اللازمة لإنشاء قنصلية أو سفارة افتراضية لإيران في القدس باعتبارها عاصمة فلسطين.
وكذلك إلزام أجهزة البلاد بتوظيف جميع طاقاتها الإقليمية والدولية لمواجهة الممارسات العدائية للكيان الصهيوني ضدّ الأمن والسلام ولاسيّما مواجهة الأعمال المثيرة للحرب والإرهاب والحصار البشري والاستيطان وتشريد الشعب الفلسطيني واحتلال أراضي الدول بما في ذلك الجولان.
وإن دلّ مشروع البرلمان الإيراني على شيء فإنما يدل على شجاعة الإيرانيين وصلابة إرادتهم واستقلال موقفهم وسياستهم، بإعلان الدعم للقضية الفلسطينية، أو الإعلان عن التصدي للكيان الصهيوني، ومن المؤكد أنه انعطافة جديدة في الصراع الفلسطيني الصهيوني.
وبحسب خبراء ومحللين دوليين فإن المشروع يرمي إلى تحقيق العديد من الأهداف من بينها:
التأكيد على أن إيران لا تزال متمسكة بمواقفها ومبادئها تجاه الكيان الصهيوني، وتنبع أهمية مشروع البرلمان من أنه لا يكتفي بالمبدأ والموقف الايراني العام الذي يدعم القضية الفلسطينية ويقف الى جانب الفلسطينيين وإنما يخوض في تفاصيل هذا المبدأ عبر 16 خطوة عملية في هذا الاطار، ولعل من أبرز هذه الخطوات تأسيس قنصلية أو سفارة إيرانية افتراضية في مدينة القدس، مما يعد تحدياً صارخاً للمشروع الصهيو اميركي باتخاذ القدس عاصمة غير مقسمة للكيان.
كذلك، التأكيد على أن الضغوط وإجراءات الحظر لم تثن إيران عن مواقفها تجاه القضية الفلسطينية وحسب بل صعدت من إجراءاتها وخطواتها تجاه الكيان الصهيوني، وبذلك توجه طهران رسالة واضحة للغرب وبالذات لأميركا والكيان الصهيوني بأن «الضغط عليها يفرز نتائج عكسية، خاصة أن مشروع البرلمان يترجم المواد الواردة في الدستور الإيراني والتي تدعو الى ضرورة نصرة المستضعفين والوقوف الى جانبهم ودعمهم؛ في الواقع».
كما يعزز المقاومة الفلسطينية بوجه الكيان الصهيوني ويمنحها دفعة قوية ويمدها بشحنة أخرى من الدعم الإيراني اللامتناهي في طريق استعادة حقوقها المشروعة وترسيخ مطالبها الحقة، وبذلك لن يشعر المقاوم الفلسطيني بأنه وحده في الساحة أو أن لا أحد يقف الى جانبه في نضاله ضدّ الكيان الصهيوني.
وقد رحّبت الأوساط الفلسطينية وفي مقدمتها فصائل المقاومة بمشروع البرلمان ودعت سائر الدول وخاصة الدول الاسلامية والعربية الى اتخاذ خطوات مشابهة.
ويوجّه مشروع البرلمان الايراني ضربة سياسية وإعلامية قوية لسياسة التخاذل والاستسلام التي تنتهجها بعض الدول الخليجية والعربية تجاه الكيان الصهيوني وكان آخرها خطوة الإمارات بإجلاء المستوطنين من المغرب إلى الأراضي الفلسطينية، فلقد بلغ التطبيع مع الكيان الصهيوني حداً لا يستحي بعض العرب معه بالإعلان بأنهم «أصدقاء اسرائيل»، وأنهم غير مستعدين للدفاع عن القضية الفلسطينية والفلسطينيين، ربما معظم الحكومات العربية والإسلامية لا تقيم علاقات رسمية مع الكيان الصهيوني، ولكن تخليها في الوقت نفسه عن القضية الفلسطينية يوجه ضربة للفلسطينيين ويعزز السياسة التي ينتهجها هذا الكيان تجاه الفلسطينيين، واليوم يواجه الفلسطينيون خطراً محدقاً بضم أجزاء من الضفة الغربية وغور الأردن الى الكيان الصهيوني، ومن المؤكد أن الكيان ما كان ليقدم على هذه الخطوة لولا تخاذل العرب والمسلمين ومضيهم قدماً في خطوات التطبيع.
ولا يقتصر مشروع البرلمان الإيراني على التصدي للممارسات الصهيونية في الاراضي الفلسطينية المحتلة وحسب وإنما يشمل المنطقة والعالم، فهو إلى جانب منعه ومعاقبته أي مواطن أو جهة ايرانية تتعاون أو تقوم بأية خطوة تصب في صالح الكيان الصهيوني وتشي بالاعتراف به، فانه يحارب أية خطوة صهيونية تعرض أمن واستقرار دول المنطقة للخطر، بما في ذلك احتلال الصهاينة للمناطق أو القيام بأعمال عدوانية وهجمات عسكرية.
لا شك في أن خطوة البرلمان الايراني في غاية الأهمية، وأقل ما يقال عنها إنها صرخة مدوية بوجه الكيان الصهيوني والداعم الرئيسي له وهي أميركا.