وأنا أيضاً
يُعجبني رجل مجنون… رجل يعرفُ كيفَ يأكل ضجر الأيام، كيفَ يُجاريني بملعقة سُكّر زائدة، يقطع آلاف الأميال لأجلِ خطوة منّي، أكتب لهُ أحداث المساء المُمِل فيقرأها كما لو أنّها تفاصيل حياته.
إن أكثر ما يُثيرني رجل ناضج يقتلُ مخاوفي تجاهَ غيابه، يجيدُ إيقاف عراكاتنا الصغيرة، يعرف تماماً كيف يبدّل كل الأيادي التي تصفع إلى يدٍ واحدة تحضن، سبق له أن كتب لي: صباح الخير للرعشة تلك.
يثيرني الرجُل الشاعري، الذي يقتلُ حُزني بقصيدة، يرتّب مفرداته أثناء حديثه ويمسح كَفَّي بكلمة.
لا بأس برجلٍ فاقد للذاكرة، يراني لا أكبرُ ولا أشيب، تطاردهُ رائحتي كأنّها المرة الأولى، ينسى عثراتي ويتعرَّف عليّ مجدداً، يعودُ لي في اليومِ الذي يقرر به الرحيل، ينسى جملي القاسية ويمزّق رسائل الوداع، يضع رأسه على كتفي ويغرق.
رجل يتذكّر بأنني لم أكن أرغب بهذا الانطفاء، لكنّه لا يبدأ باتهاماتِه الغبية لكوني أنحبُ من الحزنِ، رجل يحتالُ على يأسي فيشرب منهُ.
أنا كأيّ امرأة أحبُّ أن يسألني أحد عن عطريَ الذي أضعهُ وفيلميَ المفضل، أودُّ أن تكون للعلاقة أغنية ورغبتي لا تتوقّف في إعادةِ كلّ اللحظات المفضلة لأقفَ طويلاً على اعترافكَ بأنك تحبني وأسكنُ هناك.
في النهاية أنا إنسانٌ بسيط جداً، أحلم بالأشياءِ البعيدة لكنني لا أستطيع العيش على طرف العلاقة.
ميساء الحافظ