هل يحرك ضمّ غور الأردن فيالق المجاهدين على طول الحدود مع فلسطين المحتلة؟
} عمر عبد القادر غندور*
فيما تستعدّ القوى والشعب الفلسطيني وجبهة المقاومة ومن رحم ربي من شعوب العالم الاسلامي للاحتفال بيوم القدس العالمي الذي أطلقه قائد الثورة الإيرانية الإمام الخميني في آخر يوم جمعة من شهر رمضان المبارك، أعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مساء الثلاثاء حلّ جميع الاتفاقيات والتفاهمات مع الحكومتين الأميركية و”الإسرائيلية” ومن جميع الالتزامات المترتبة عليها بما في ذلك الاتفاقات الأمنية، داعياً دول العالم إلى رفض الخطة الأميركية لضمّ غور الأردن الى “إسرائيل”.
المعلوم انّ غور الأردن الذي تقترح خطة السلام الأميركية ضمّه الى الكيان الإسرائيلي، فيه سهول زراعية غنية بمواردها المائية، وهو عبارة عن قطاع استراتيجي يمثل 30% من مساحة الضفة الغربية المحتلة على طول الحدود مع الأردن!
وترى الدولة العبرية انّ هذه المساحة حيوية لأمنها، وفي حال ضمّته “إسرائيل” سيصبح هذا السهل الحدود الشرقية لدولة الاحتلال الصهيوني مع الأردن الذي وقّع مع إسرائيل “اتفاقية السلام” عام 1994.
وجاءت ردات الفعل على هذه الخطة الأميركية الصهيونية من الجانب العربي متفاوتة بين الترحيب وبين التأنّي، وهو ما طالبت به مصر داعية الى استئناف المفاوضات برعاية أميركية، بينما اعتبرت إيران انّ الخطة محاولة صريحة للقضاء على حقوق الفلسطينيين التاريخية والشرعية.
مرة جديدة يتبيّن للفلسطينيين المناضلين انّ الرهان على العرب أكثر من باطل ومضيَعة للوقت وفلسطين، بينما تقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية وخلفها جبهة المقاومة والأحرار من العرب وغير العرب الى جانب الشعب الفلسطيني المقاوم، ولا نسأل ماذا سيفعل العرب في مواجهة قرار الضمّ وهو العمود الفقري لبرنامج الحكومة الصهيونية الائتلافية. وسبق قرار الضمّ عقد اتفاق سياسي حول ترتيبات بين إدارة المسجد الأقصى المبارك و”إسرائيل” حيث يتيح للصهاينة المشاركة في قرار فتح المسجد وإغلاقه لحماية المصلين من انتشار فيروس الكورونا، وأكدت الحكومة الصهيونية موافقة المحكمة العليا “الإسرائيلية” في 13/5/2020.
وهذا الاتفاق يشكل اعترافاً ضمنياً بالسيادة الصهيونية على المسجد الأقصى في الوقت الذي تخوض فيه سلطات الاحتلال والإدارة الإميركية حرباً شاقة على الجبهات لفرض السيادة الصهيونية على القدس وسائر المقدسات الإسلامية والمسيحية.
ومن متابعتنا لهذا التطوّر البالغ الخطورة في السياق الإسلامي المسيحي الفلسطيني، ثمة من يُسرّب في المملكة الأردنية من يقول انّ الخطر المقبل بات على الأردن من السعودية حيث انّ الهاشميين تعرّضوا من قبل لمؤامرة نفذتها بريطانيا لصالح الوهابية السعودية.
وفي تعليقه على هذه التطورات يقول الكاتب الفلسطيني المعروف عبد الباري عطوان انّ الأردن يدرك جيداً انّ اليمين الاسرائيلي المتطرف يريد ضمّ الضفة وغور الأردن وإسقاط العرش الهاشمي، وانّ الملك عبد الله الثاني (يقول عبد الباري) انه سيقوم بخطوات ستؤدّي الى الصدام الكبير على مساحة 600 كلم على طول الحدود مع فلسطين المحتلة.
وجاءت الردود من الجانب الفلسطيني بالغة السخونة معلنة استعدادها للانخراط في حرب عصابات بالتكامل مع الجيش الاردني على طول الحدود، وتعتبر انّ الاشتباك لن يكون سهلاً على الإسرائيليين فوق هذه المساحة من الأرض وتعلق آمالاً كبيرة على مساندة المجاهدين في جبهة المقاومة ومتطوّعين من أنصار الله في اليمن الى جانب القوى الحية في الأمة وهي غير معدومة “وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ” بينما يرى آخرون خشية من غدر العرب في الخطوط الخلفية.
ولا تُبدي “إسرائيل” الاستعجال للضمّ المعلن عنه لأسباب لا نعرفها وربما هي بصدد مراجعة التطورات مفاجئة لم تكن بالحسبان.
المهمّ انّ القضية الفلسطينية في حالة انتعاش وحيوية وانّ هامش الخطأ بات صغيراً، وانّ اللهو والمراهنة على العرب لم يعد وارداً، “خَتَمَ اللَّـهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ ۖ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ۖ”، والله ينصر من ينصره.
*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي