لبنان 2020.. مليون عاطل عن العمل وأمام خطر الجوع
حتى الساعة لا تتوفر أرقام رسميّة حول أعداد العاطلين عن العمل ونسبة البطالة في لبنان، رغم أهمية هذا الأمر كمؤشر اقتصادي واجتماعي، فنسبة البطالة التي أعلنتها إدارة الإحصاء المركزي بعد مسح بالعيّنات جرى بين نيسان 2018 وآذار 2019 هي 11.6%. لكنّ الواقع هو خلاف ذلك، حيث أشارت استطلاعات الدولية للمعلومات إلى أن عدد العاطلين عن العمل قبل 17 تشرين الأول 2019 كان نحو 350 ألفاً أي بنسبة 25% من حجم القوى العاملة، وهذا الرقم يؤكده بعض وزراء العمل السابقين. ونتيجة حالة الشلل التي شهدها لبنان منذ 17 تشرين الأول 2019 والتي زادت حدةً مع تفشي وباء الكورونا فقد صرف من العمل نحو 80 ألفاً ليرتفع العدد الإجمالي إلى 430 ألفاً أي بنسبة 32%. ولكنّ المؤشرات والأوضاع الاقتصادية التي يعيشها لبنان ومعظم دول العالم تشير إلى إمكانية في ارتفاع أعداد العاطلين عن العمل في الأشهر المقبلة إلى نحو مليون عاطل عن العمل أي بنسبة 65%. ويبقى هذا الرقم في معرض احتمال الحصول ما لم تحصل خطوات عملية سريعة من الجميع لتداركه.
إن المؤشرات التي دفعت الدولية للمعلومات الى هذا الاحتمال الذي يشكل خطراً على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي عديدة ومن أبرزها:
– احتمال أن يُصرف نحو 10 آلاف – 15 ألف أستاذ وموظف في المدراس الخاصة نتيجة عدم قدرة الأهالي أو امتناعهم عن تسديد الأقساط المتوجبة عليهم، وبالتالي تقليص عدد الصفوف وصولاً إلى إغلاق عدد من المدارس. وهذه النسبة تشكل 25% من إجمالي عدد العاملين في المدارس الخاصة.
– إقفال عدد من المطاعم والفنادق والمؤسسات السياحيّة نتيجة عدم القدرة على تحمل ارتفاع الأعباء وتراجع المداخيل، وهذا الأمر قد يصيب نحو 50 ألف عامل، البعض منهم يعمل ولكنه يتقاضى راتباً مخفضاً بنسبة 20 %- 75 %.
– إقفال عدد من المؤسسات التجارية الصغيرة التي تبيع الألبسة والأحذية وسلعاً غير أساسية نتيجة تراجع حركة البيع بفعل ارتفاع الأسعار (نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة) وهذا الأمر قد يصرف 20 ألفاً – 25 ألف عامل.
– في السنوات الثلاث الماضية كانت الهجرة والسفر تحدان من ارتفاع عدد العاطلين عن العمل. وهذا الباب قد أوصد في وجه اللبنانيين بشكل كبير. وبالتالي فإن نحو 50 ألفاً – 60 ألفاً سينضمون الى العاطلين عن العمل. وهذا الرقم يشتمل على نحو 30 ألفاً من المتخرجين الجامعيين الجدد.
– نحو 200 ألف لبناني قد يعودون إلى لبنان من أفريقيا ودول الخليج وأوروبا بعدما فقدوا وظائفهم نتيجة التراجع الاقتصاديّ بسبب أزمة كورونا وتراجع أسعار النفط في دول الخليج وإلغاء عدد من المشاريع والحدّ من الإنفاق الحكومي.
– نحو 100 ألف – 150 ألف قد يفقدون وظائفهم من قطاعات مختلفة بفعل تقليص الأعمال والمشاريع ولا سيما في قطاع البناء والمقاولات، في الإعلام والصحافة، في النقل، في المصارف (حيث يعمل 26 ألف موظف وهناك اتجاه لخفض العدد بعد الدمج المصرفي وإغلاق عدد من الفروع الـ 1080 المنتشرة في كافة المناطق اللبنانية).
نتيجة هذا السيناريو الأسوأ قد يصل لبنان، بحسب الدولية للمعلومات، الى مليون عاطل عن العمل مع خفض رواتب عدد من العاملين، بالإضافة الى تآكل القدرة الشرائية لدى جميع العاملين الذين يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية (نحو 95% من العاملين في لبنان) كلها مؤشرات مقلقة اقتصادية واجتماعية ما قد يسبب أزمات ومشاكل قد لا تكون سلمية في بعض الحالات. وبحسب الدولية للمعلومات فإن هذا السيناريو يبدو سوداوياً وقد لا تكون الأرقام شديدة الدقة وعلّها لأول مرة تخرج الدولية للمعلومات عن نهجها بعدم نشر أي رقم غير مدعم 100% بالإحصاءات والأرقام العلمية الدقيقة، لكنّ الوضع يقتضي دقّ ناقوس الخطر تحذيراً من المستقبل المقبل.
الى ذلك، حذر المدير القطري لبرنامج الغذاء العالمي وممثله في لبنان، عبد الله الوردات، من أن مليون لبناني معرضون لأن يصبحوا تحت خط الفقر الغذائي خلال العام الحالي، مشيراً إلى أن البرنامج يستعدّ لتقديم مساعدة غذائية طارئة لدعم 50 ألف أسرة لبنانية معرّضة لتداعيات الأزمات الاقتصادية.
وقال الوردات لوكالة «سبوتنيك» إنه «استناداً إلى توقعات بالنمو السلبي للناتج المحلي الإجمالي للفرد للعام 2020، يقدر البنك الدولي أن معدل انتشار الفقر سيرتفع من 37% عام 2019، إلى 45 % عام 2020، ومن المتوقع أن يؤثر الفقر المدقع (المعروف أيضًا باسم فقر الغذاء) على 22% من السكان، مقارنة بـ16% عام 2019».
وأضاف الوردات قائلاً: «وفقاً لهذه التقديرات، يمكن أن يكون في لبنان ما يصل إلى 335 ألف أسرة لبنانية فقيرة في عام 2020، بما في ذلك 163000 أسرة ما يقرب من مليون فرد تحت خط الفقر الغذائي».
وأكد الوردات أنه حتى قبل تفشي كوفيد-19، كان برنامج الغذاء العالمي في لبنان يقدم المساعدة لما يقرب من 107 آلاف لبناني من خلال البرنامج الوطني لاستهداف الفقر بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعيّة ورئاسة مجلس الوزراء. وعلاوة على ذلك، يتم دعم ما يقرب من 14 ألفاً من اللبنانيين والسوريين شهرياً من خلال أنشطة كسب العيش، بما يشمل إنشاء الأصول المجتمعية وبناء القدرات الفردية من خلال خطط التدريب التي تطور فرص الاكتفاء الذاتي. وقبل تفشي الفيروس وإجراءات الإغلاق، كان 34 ألف طالب لبناني وسوري يتلقون يومياً وجبة خفيفة ومغذية ومدروسة محلية الصنع».
وأضاف «يدرك برنامج الأغذية العالمي والمانحون الدوليون والشركاء والحكومة تماماً الوضع، ويسعون بشكل عاجل لحماية الفئات الأكثر ضعفاً على المدى القصير، بينما يبحثون عن حلول مستدامة لتحسين شبكات الأمان الاجتماعي على المدى المتوسط والطويل».