العراق والقرار السياديّ أميركا عائقاً…
} ربى يوسف شاهين
كثيرة هي الملفات التي رتبتها الولايات المتحدة في مصنّفاتها السياسية والعسكرية تجاه العراق، هذا البلد الذي يُعدّ بموقعه الاستراتيجي، بوابة للدخول في صُلب عمليات السيطرة على المنطقة. فالمعادلات السياسية والاستخبارية للولايات المتحدة انطلقت من العراق، وتحديداً عقب الحرب على الكويت، ليكون السبب في زيادة التفكك العربي.
وما بين الحرب على الكويت وإيران تمّ إشعال العراق في نزاعات قامت على تقسيمه الى ثلاثة كانتونات «سنية وشيعية وكردية»، وبالتالي التأكد من ضمان القسم الكردستاني العراقي كحليف قوي للأميركان و»الإسرائيليين»، ومن ثم خلق الفوضى والاقتتال على أساس التمركز العميق في 2014 لتنظيم داعش الإرهابي، وليكون للتمركز الأميركي سبباً في زيادة قواعده في العراق، مع التركيز على تقويض العملية السياسية الداخلية للعراق، في التدخل الأميركي في الانتخابات، عبر منافذ خاصة من خلف الأبواب النيابية.
مع تطورات الحرب على سورية واستقرار القوات الأميركية في شمال شرق سورية، بعد تدمير الرقة السورية وإنشاء قواعد لـ «داعش» الإرهابي فيها، ومع التعاون القائم بين الكرد السوريين المتمثلين بالإدارة الذاتية الكردية، وعملية إعادة تنشيط «داعش» تحت ذريعة مكافحته، فاللعب فوق الطاولة أمام الكرد السوريين يختلف عما تحتها، وما بين التنقل عبر الحدود العراقية السورية بشكل غير شرعي، تمّ تقديم كلّ الدعم اللوجستي والمادي لداعش والجماعات الإرهابية، بُغية الإمعان في تعقيد المشهدين السوري والعراقي.
العراق والعلاقة الإيرانية تشهد توترات بمستويات متدنية أنتجتها السياسة الأميركية على الأرض العراقية، كسبب لإشعال العراق، خاصة مع التظاهرات التي شهدها العراق وعبر زجّ أفراد تمّ تدريبهم واستغلالهم لتحقيق مآرب خاصة، في زيادة الخلاف الشيعي ـ السني، خاصة أنها تتعمّد التضييق على الحشد الشعبي، وتعمل على إفلات مقاتلي «داعش» لضرب مقار الحشد بين الفينة والأخرى، ففي فترة سابقة عرضت الولايات المتحدة 10 ملايين دولار للحصول على معلومات حول قائد حزب الله في العراق، لإظهار مجموعات المقاومة العراقية، كعناصر إرهابية مُهدّدة لاستقرار العراق والأمن الإقليمي.
هي معركة بين واشنطن وطهران على أرض العراق، وما جريمة اغتيال القائدين سليماني والمهندس، إلا لكسر شوكة المقاومة في العراق، فمسألة أن يكون العراق من سنة وشيعة على توافق عقائدي وعسكري لمواجهة التنظيم الداعشي، ولدرء خطر التابعين والمرتهنين للغرب الأميركي داخل حرم العراق، يُعدّ من أولويات الاستخبارات الأميركية في العراق، ولا بد من العمل في السرّ والعلن على ضرب بنية الاستقرار في العراق، ومنع التقارب بين المكونات العراقية.
ملفات شائكة تتولد تباعاً على المشهد العراقي جراء السياسات الأميركية، وآخرها اللعب على القضايا والملفات الأخلاقية والدينية للمجتمع العراقي، حيث ظهر شباب يتمايلون مثل الفتيات ويعلنون انحرافهم الجنسي أمام عدسات التصوير بلا خجل أو حياء، كما ظهرت فتيات مسترجلات بين المتظاهرين يحملون أعلاماً تُشير إلى المثليين، والواضح من هذا المشهد الغريب عن ماهية المجتمع العراقي، والمُراد تسويقه أميركياً، بُغية ضرب النسيج العراقي، وفتح ملفات وأوراق تُبعد الشارع العراقي عن قضيته الأساسية المُتعلقة بطرد القوات الأميركية من العراق.
المشهد السياسي العراقي بات جلياً للعراقيين، وما يحدث من تحرّكات لأتباع الغرب باتت معروفة للقادة العراقيين، وللشعب العراقي الرافض للمنهج السياسي في التعامل مع الحراك الداخلي المحقّ للشعب العراقي للمطالبة بأبسط حقوقهم في العيش، والتي تمّ انتهاكها عبر حروب صُمّمت خصيصاً للوصول إلى ما يقف عليه العراق في هذه الأيام.
في المحصلة لا بدّ لشعب العراق من طرد المحتلّ من أرضه، فشعب ولدت على أرضه أولى وأعرق الحضارات عبر التاريخ، لا بدّ أن تعلو كلمته وتتوحد أرضه، تحت سقف العراق الواحد… عراق بلاد الرافدين.