عربيات ودوليات

بكين تتهم واشنطن بأخذ مجلس الأمن «رهينة» وتهدّدها بإجراءات مضادّة وبروكسل لن تفرض عقوبات

 

اتّهمت بكين واشنطن أمس، بـ»أخذ مجلس الأمن الدولي رهينة»، بشأن مشروع القانون الصيني المثير للجدل حول الأمن القومي في هونغ كونغ، وطالبت الدول الغربية بـ»عدم التدخل».

وأعلنت الخارجية الصينية، «استعداد الصين لاتخاذ إجراءات ضد الولايات المتحدة إذا استمرت الأخيرة في التدخل في شؤون هونغ كونغ».

وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية، تشاو لينغ تشيانغ، أمس: «يتعيّن على الولايات المتحدة التوقف فوراً عن التدخل في شؤون هونغ كونغ، وإذا أصرّت على مواصلة التدخل، فإن الصين مستعدة لاتخاذ إجراءات مضادة».

ودعا المتحدث الولايات المتحدة لـ»التوقف الفوري عما أسماه بالتلاعبات السياسية بشأن هونغ كونغ بعد طلب واشنطن مناقشة مشروع قانون صيني يخص أمن هونغ كونغ في مجلس الأمن الدولي»، قائلاً: «الولايات المتحدة تتدخل بطريقة صارخة في شؤون الصين بطلبها بحث هذه المسألة (مشروع القانون الصيني حول أمن هونغ كونغ) في مجلس الأمن الدولي​​​.. ندعو الولايات المتحدة للتوقف الفوري عن التلاعبات السياسية».

من جهتها، دعت سلطات هونغ كونغ المحلية الولايات المتحدة لـ»ألنأي بنفسها عن الجدال الداخلي بشأن قوانين الأمن القومي الجديدة التي ستفرضها الصين».

وحذرت حكومة هونغ كونغ واشنطن من أن «سحب الوضع الخاص الذي تحظى به المدينة بموجب القانون الأميركي قد يحدث أثراً عكسياً على اقتصاد الولايات المتحدة».

من جهته، قال وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، أمس، إن «أفضل وسيلة للتأثير على الصين فيما يخص هونغ كونغ تتمثل في أن يتخذ الاتحاد الأوروبي موقفاً موحداً في الرد وأن يواصل الحوار مع بكين».

ورداً على سؤال حول إمكانية فرض عقوبات قال ماس للصحافيين: «اعتقد أن الماضي أثبت أن من المهم قبل أيّ شيء إجراء حوار مع الصين يطرح فيه الاتحاد الأوروبي قضاياه ومبادئه بشكل موحد، ثم نرى إلى أين يقود هذا الحوار».

كما أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه البالغ إزاء خطط الصين تبني تشريع الأمن القومي لمنطقة هونغ كونغ.

وذكر الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية في التكتل الأوروبي، جوزيب بوريل، في بيان أصدره أمس، أن «الخطوات التي اتخذتها الصين أول أمس في هذا الاتجاه لا تتوافق مع التزاماتها الدولية، وخاصة الإعلان الصينيالبريطاني المشترك عام 1984، وكذلك قانون هونغ كونغ الأساسي (أي بمثابة الدستور المحلي)».

وحذر بوريل من أن «الخطوات الصينية تهدّد بتقويض مبدأ (دولة واحدة ونظامان) ودرجة الحكم الذاتي العالية التي تحظى بها المستعمرة البريطانية السابقة ضمن الدولة الصينية».

وأشار عميد الدبلوماسية الأوروبية إلى أنّ «الخطوات الصينية تستدعي تساؤلات بشأن مدى تمسك الصين بالتزاماتها الدولية»، متعهداً بـ»إثارة هذا الموضوع في الحوار المتواصل بين بروكسل وبكين».

في الوقت نفسه، أكد بوريل أمس، في تصريحات صحافية أدلى بها عقب اجتماع افتراضي بين وزراء الخارجية الأوروبيين تصدرت العلاقات مع الصين أجندته، أن «الاتحاد لا ينظر في خيار فرض عقوبات على الصين على خلفية مستجدات الوضع حول هونغ كونغ».

وقال: «دولة واحدة فقط تطرّقت إلى خيار العقوبات، وأعتقد أن العقوبات ليست أسلوباً لتسوية مشاكلنا مع الصين».

وصادق البرلمان الصيني أول أمس على مشروع قرار يقضي بإعداد قوانين خاصة بالأمن القومي في هونغ كونغ، وذلك على خلفية تجدد المظاهرات المعارضة لحكومة بكين في المستعمرة السابقة. واتّهمت الصين واشنطن بأنها سكبت الزيت على النار عبر دعمها علناً المتظاهرين.

وترى الولايات المتحدة وبريطانيا أنّ مشروع القانون حول الأمن القومي الذي حصل على موافقة البرلمان الوطني الصيني، يطرح علامة استفهام حول استقلالية هونغ كونغ.

واتهمت الدولتان في بيان مشترك مع كندا وأستراليا، أول أمس، بكين بـ»انتهاك التزاماتها تجاه بكين وسكانها البالغ عددهم سبعة ملايين نسمة».

وعبّرتا عن «قلقهما العميق» حيال هذا القانون الذي «سيحدّ من حريات الشعب» و»سيُضعف (…) بشكل مأساوي الاستقلالية والنظام اللذين جعلا (المنطقة) مزدهرة إلى هذا الحدّ».

فيما أعلنت الصين أمس، أنها احتجت رسمياً لدى العواصم الأربع.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصيني تجاو ليجيان في مؤتمر صحافي «نحضّ هذه الدول (…) على وقف تدخلها في شؤون هونغ كونغ والشؤون الداخلية للصين».

ودان المقاربة الأميركية «غير المعقولة تماماً» وحذّر أن «الصين لن تسمح للولايات المتحدة بأخذ مجلس الأمن رهينة لغاياتها الخاصة».

من الناحية البريطانية، قال وزير الخارجية دومينيك راب إنه «في حال لم تتراجع بكين، ستغيّر لندن في الشروط المرتبطة بجواز السفر البريطاني لما وراء البحر»، الذي سُلّم لسكان هونغ كونغ قبل إعادة المنطقة للصين عام 1997، ويوفر لهم امتيازات.

ولا يسمح هذا الجواز حالياً سوى بالإقامة ستة أشهر في المملكة المتحدة، وقال راب لشبكة «بي بي سي» إنه «سيتم تمكين حاملي الجواز من القدوم للبحث عن عمل أو الدراسة في البلاد لفترات قابلة للتمديد لـ12 شهراً».

فيما هدّد تجاو ليجيان بريطانيا أمس، بـ»إجراءات مضادة». وقال إن «الصين تحتفظ بحق اتخاذ تدابير رد في حال طبقت لندن ذلك».

من جهته، قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إن «ترامب سيهاجم الطلاب الصينيين في الولايات المتحدة».

وجاء تصويت البرلمان الصيني الخميس بعد بضع ساعات من إلغاء الولايات المتحدة الوضع الخاص الذي تمنحه لهونغ كونغ، ما يمهد لإلغاء الامتيازات التجارية الأميركية الممنوحة للمنطقة المستقلة.

وفسّر بومبيو هذا القرار بأن الصين وفق قوله لم تعد تعطي المنطقة «قدراً كبيراً من الحكم الذاتي» كما كان مقرراً في الاتفاقية الصينية البريطانية الموقعة قبل إعادة هونغ كونغ إلى الصين.

ويُرغم «القانون الأساسي» وهو الدستور المصغّر لشؤون هونغ كونغ منذ العام 1997، سلطات هونغ كونغ على وضع قانون للأمن القومي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى