ديو نادر يجمع صباح والصافي في تحدٍّ يليق بالطرب من ماسبيرو زمان
} جهاد أيوب
أتحفتنا فضائية الكنوز المصرية، وذاك الزمان القيمة ماسبيرو زمان بتحفة فنية عالية المواصفات، تحفة فيها الغناء الأصعب، والأداء الأخطر، غناء الموال العربي بين الأسطورة صباح والهرم وديع الصافي.
ديو جمع الصوتين الأكثر عذوبة، والأكثر مساحة، والأكثر طفولة تنبع من روح الإبداع، وليس مهماً في أي زمان، ومتى اجتمعا، وعلى أي مسرح، المهم في هذا الديو من على مسرح القاهرة مدرسة وجب تعليمها، وجب أن يبث دائماً كي ننظف أذاننا أيامنا أحلامنا من شوائب ما نسمع ونشاهد اليوم!
نسمع غناء من دون الصوت، ومن دون الأداء، ومن دون التميز… ونشاهد أشكالاً تلمع وتتراقص ولا تنسجم مع ما تقوله وزمانها وأناسها!
ديو يفرض علينا دون تعمد أن نقول:
ما هذا الإبداع؟
ما هذا التناغم؟
ما هذه الأصوات المقتدرة والنادرة؟
ما هذا الحبّ في مخاطبة الجمهور، والباين في نظرات كبار يغنون بتواضع الملوك، وبثقة العارفين، والمقتدرين من حضورهم، وصوتهم، ما هذا يا صباح، وما هذا يا وديع؟
مجموعة مواويل من قلب الشرق، من راية لبنان خارج الحروب والتفاعل والفساد، من خميرة تراب لا تنجب غير التميّز إذا عرفنا كيف نضيء عليها، إذا عشنا المسؤولية!
مواويل فيها أنفاس التحدّي بنبرات التفوق دون إلغاء الآخر، ودون عقد نقص لنحومية المسرح، فهذا وديع يغرّد عالياً باقتدار لا يجاريه غيره في زمن الكبار ليصل إلى طبقة صباح، وهذه الأسطورة صباح تصدح بذهول وتسبح مع الأوف التي عجز عن أدائها غيرها لا في زمانها ولا اليوم لتتسع حنجرتها وهي تبتسم مع أنفاس الغناء وتسلم الصوت الخطير بمسؤولية وهات يا ابتسامة بينهما ليختما السحر معاً بـ «يا إم الظفاير حلوة والجبين العالي، مضوّي جمالك مضوّي مشعشع بالعلالي»…
الجمهور آخر انسجام، يتناغم مع نكات وديع، وغنج صباح، وحينما يخاطبهم وديع مباشرة يتفاعلون بشوق، وما أن تتفوّق صباح في سحبة النفس الأصعب يجاريها الجمهور بانسجام المتعطش والمنغمس بعمق صوتها…
إن غناء الموال من أصعب أنواع الغناء، يحتاج إلى صوت قويّ جهوريّ ومتمكّن، يلفظ صح وبعربه الأصح، والأهم أن يعرف المؤدي كيف يدخل قلوب المستمعين وسمع المشاهدين مباشرة دون الوقوع بالنشاذ الذي أصبح موضة العصر الحالي، للأسف غناء اليوم يتطلب النشاذ وليس الغناء الصح!
والديو الذي شاهدنا استمتعنا به حتى النشوة هو نادر يجمع السيدة صباح والأستاذ وديع الصافي في تحدٍّ يليق بالطرب المسؤول من قناة مصر ماسبيرو زمان..
شكراً لقناة ماسبيرو زمان والتي تمتعنا بإعادة التنقيب في ذاكرة مشعة ومبدعة لربما نتعلم منها، وشكراً للوطن اللبناني الذي رسمت أجنحته الإبداعية أيقونات الطرب والغناء والفن صباح ووديع الصافي… ذاك الحلم الذي رسم جمال الوجود، وكلّما عدنا إليه استفدنا وتعلمنا وتحررنا…