سورية تسيطر على أزمة هبوط سعر الليرة… وصاروخ قرب السفارة الأميركيّة في بغداد / «القوميّ» لخطة مواجهة تقوم على الإنتاج والتبادل بين لبنان وسورية والعراق والأردن / الحكومة: التعيينات الماليّة تمهّد لتصويب مسار الأسواق… وبداية مرحلة جديدة /
كتب المحرّر السياسيّ
فيما تواصل واشنطن والجوقة الإعلامية العربية العاملة تحت إمرتها تسويق حملة التهويل بالعقوبات، خصوصاً على شخصيات وكيانات في لبنان والعراق، بالتزامن مع سقوط صاروخ جديد ليلاً على مقربة من السفارة الأميركية في بغداد، نجحت الحكومة السورية بالسيطرة على مفاعيل الحرب المالية والنفسية التي شهدها سوق الصرف وأدت إلى خسارة الليرة السورية الكثير من قدرتها الشرائية، فتمّت استعادة نسبة تزيد عن 60% من هذه الخسارة خلال 48 ساعة، أثبتت خلالها أنه حيث تكون هناك إرادة وطنية وقيادة حاضرة، ومفهوم دولة، ومؤسسات وقانون، لا توجد استحالة أمام المبادرات القادرة على مواجهة التحديات، مهما حاول الآخرون تصويرها قدراً لا يردّ، وقاموا بربطها بخطط جهنميّة، والإيحاء بأن ما كُتب قد كُتب، مستعيدين صورة الأميركي كقوة بحجم القضاء والقدر، وما يقرّره غير قابل للرد، خصوصاً إذا كان بهدف الضغط لحساب كيان الاحتلال سواء لمصالحه بفرض الأمن الأحادي في الجولان، أو بالتغطية على ما ينويه من ضم للأراضي الفلسطينية، مستفيداً من نصوص صفقة القرن، بينما الأميركي مثقل بالأزمات، ومرتبك في السياسات، ويحاول ملء الفراغات التي تفصله عن موعد الانتخابات الرئاسية بحروب نفسية، تجنبه مواجهات لا يريدها، وتسويات يعجز عن حمل تبعاتها.
الحزب السوري القومي الاجتماعي وفي بيان لمجلس العمد تناول الضغوط الأميركيّة الهادفة لزعزعة ثقة الشعب السوري بدولته، وتوقف أمام الطابع الإجرامي لقانون العقوبات الأخير، داعياً لخطة مواجهة شاملة لتحقيق الاكتفاء الغذائي من جهة وتكامل أسواق سورية ولبنان والعراق والأردن من جهة أخرى، لأن مفاعيل وتداعيات الضغوط الأميركيّة ستطال الجميع، ولا خيار لمواجهتها سوى بتضافر الإمكانات وامتلاك الإرادة اللازمة للصمود.
في لبنان تواجه محاولات السيطرة على أسعار سوق الصرف، التسرّب السياسي الناجم عن عمليات شراء غير قانونيّة تتم لحساب محاولات تتوزّع، بين الاستثمار السياسي لتقديم صورة عن هشاشة الحكومة وضعفها، ضمن حسابات تتصل بإبقاء الفرص متاحة أمام أي خيارات أخرى مع تبلور نتائج المسارات التي ستسلكها واشنطن مع الانتخابات الرئاسية، ويصب بعضها في حساب خطط مصرفية لإضعاف الحكومة ضمن معركة باتت مكشوفة ومعلنة وعنوانها تصوير المصارف كأيقونة يجب الدفاع عنها، واتهام الحكومة بالسعي لإفلاسها، والهدف معلوم وهو فرض معادلة جديدة تخفف من الفاتورة التي فرضت على المصارف كجزء من توزيع خسائر الأزمة وفقاً للأرقام التي تتضمنها خطة الحكومة، وثمة مصدر ثالث يرتبط بسعي تشير بعض الاتهامات لمصرف لبنان بالوقوف وراءه، لمحاولة شراء المدخرات المنزلية للبنانيين والتي يقدرها بخمسة مليارات دولار، ولو اقتضى الأمر عرض الليرة بأسعار منخفضة جداً وبكميات كبيرة.
معركة الحكومة الرئيسية بنظر الناس هي سعر الصرف، ولذلك تدور المعارك حولها، والحكومة وفقاً لمصادرها ترد على الاتهامات بخضوعها للعبة المحاصصة في التعيينات، التي شهدت سلة مالية وإدارية في جلسة الحكومة أمس، بالقول إن الهدف الرئيسي كان إعادة تكوين حاكمية مصرف لبنان، التي تضمّ نواب الحاكم ومدير عام الاقتصاد ومفوض للحكومة، إضافة لتشكيل لجنة الرقابة على المصارف، وهاتان الهيئتان ضروريتان لضبط أداء مصرف لبنان والمصارف، وبالتالي ضمان فرص أفضل لنجاح خطط الحكومة لضبط سعر الصرف.
على الضفة الموازية سياسياً، أظهر السجال الحاد بين تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية، وما رافقه من كلام لرئيس حزب القوات سمير جعجع من تظهير الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري كحالة ضعيفة سياسياً وشعبياً، قائلاً فلننتظر الانتخابات، أو لجهة تسويق موقفه بعدم تسمية الحريري لرئاسة الحكومة كحماية للحريري من السقوط النهائيّ، وما تلاه من رد للحريري على كلام جعجع، وقبله الحملة التي شنها رئيس تيار المستقبل على رئيس الجمهورية، عدم وجود أرضيّة لما يروّج عن وجود مشاريع جدية لتغيير حكوميّ.
اعتبر الحزب السوري القومي الاجتماعي أنّ العقوبات والحصار الاقتصاديين، شكلا جزءاً من الحرب الكونية الارهابية التي تُشّن على سورية منذ 9 سنوات، لكنها لم تحقق أغراضها، غير أنّ ما يسمى «قانون قيصر» الذي تمّت صياغته وإنتاجه في «البنتاغون» الأميركي له طابع أمني بامتياز، فهو يرمي إلى تأليب السوريين تحت عناوين معيشية في محاولة يائسة لاستدراج ردود أفعال مصطنعة، تستهدف وحدة المجتمع وتماسكه الداخلي. وشدد الحزب على أن كل هذه المحاولات ستبوء بالفشل لأن السوريين الذين صمدوا في مواجهة الحرب الكونية سيواصلون هذا الصمود حتى بلوغ الانتصار النهائي.
وخلال جلسة عقدها مجلس العمد في الحزب برئاسة رئيسه، نائب رئيس الحزب وائل الحسنية، ناقش خلالها عدداً من المواضيع، نّبه إلى أن الإجراءات الأميركية القسرية، لا سيما تلك التي يتضمنها ما يسمى «قانون قيصر»، تعتمد لتحقيق أهدافها، على هزّ ثقة السوريين باقتصاد بلدهم، ولذلك فإن الردّ الأفعل على هذه الإجراءات القسرية بتعزيز ثقة السوريين باقتصادهم، والتفافهم حول الدولة لإفشال مخطط الارهاب الاقتصادي.
ورأى الحزب القومي أن اعتراف المبعوث الأميركي لسورية جيمس جيفري بمسؤولية بلاده عن تدهور العملة السورية، وثبوت ضلوع القوات الأميركية الغازية في إحراق حقول القمح السورية لتقويض أمن سورية الغذائي، تضع أميركا على رأس قائمة الدول التي تمارس الإرهاب بكل صنوفه، وهذا يوجب على ما يسمى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته ويضغط بموجب القوانين الدولية لكي توقف أميركا حروبها ضد الإنسانية وحماية السلم والأمن الدوليين.
ودعا إلى اعتماد خطة للمواجهة الاقتصادية، تقوم على قاعدة تعزيز الإنتاج بما يضمن تعزيز وحماية الاكتفاء الغذائي الذاتي، وهذه الخطة للمقاومة الاقتصادية لا يجب أن تقتصر على سورية وحدها، وهي التي لديها مناعة قوية لقدرتها على تحقيق الاكتفاء الذاتي، بل يجب أن تشمل لبنان والعراق والأردن، لأن مفاعيل الاجراءات الأميركية ستطال هذه الكيانات، وهي الأقل مناعة في الاقتصاد.
ورأى الحزب أن الولايات المتحدة قد كشفت عن وجهها العنصري القبيح، وأن العالم بأسره يشهد على الممارسات والجرائم العنصرية المرتكبة داخل أميركا، وهذا ما يجب أن يعزز القناعة لدى المجتمع الدولي بضرورة كبح جماح العنصرية الأميركية التي لا تقل خطراً عن العنصرية الصهيونية، وما تشكله من خطر على الإنسانية جمعاء.
واستكمالاً للحرب الأميركية على دول وحكومات وشعوب المنطقة، وفي موازاة قانون العقوبات الأميركي الجديد قيصر، سُجل تصعيد أميركي جديد، تمثل بتوصية لجنة الدراسات في الحزب الجمهوري في الكونغرس الأميركي خلال اجتماعها لمناقشة استراتجية للأمن القومي تحت عنوان «تقوية أميركا ومواجهة التهديدات العالمية»، بفرض عقوبات على حزب الله تشمل كل وزراء الحزب في الحكومة اللبنانية ومَن يقدّمون أنفسهم على أنهم مستقلون وهم داعمون لحزب الله كجميل السيد وجميل جبق وفوزي صلوخ، وفي تصعيد هو الأول من نوعه، طالبت اللجنة بصدور تشريع يلاحق داعمي حزب الله ممن هم خارج الحزب كرئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل.
ولاحظت مصادر مراقبة كمية الضخ الإعلامي والإشاعات عن قفز سعر صرف الدولار الى معدلات قياسية كحدود 10 آلاف ليرة وأكثر والحديث عن انهيارات مالية وانفجارات اجتماعية وشيكة والتهويل بقانون قيصر ومفاعيله على لبنان التي تندرج جميعها في إطار الحرب النفسيّة لمزيد من إرباك الحكومة وإضعاف الثقة الداخلية والخارجية بقدرتها على معالجة الأزمات ومواكبة للضغط الأميركي على لبنان وسورية للي ذراع القيادة السورية وحزب الله في المفاوضات في المنطقة، مع تأكيد مصادر سياسية في فريق المقاومة بأن هذه المحاولات وأنواع الحروب الأميركية لن تغير في ثوابت محور المقاومة لا سيما حزب الله ولا في مواقفه ودوره في مواجهة المشاريع الاميركية الاسرائيلية الارهابية على رأسها صفقة القرن وضم الضفة الغربية، وسترتد هذه الضغوط على أصحابها كما في السابق. وفي المقابل، تشير مصادر نيابية من فريقي الموالاة والمعارضة لـ»البناء» الى أن الحكومة الحالية باقية وربما الى الانتخابات النيابية ونهاية العهد الحالي لأن لا بديل عنها في المدى المنظور. مع تقديرات المصادر بأن «بقاء الحكومة حاجة ملحة وضرورية لكل الاطراف لكوننا متجهين بعد عامين الى فراغ في المؤسسات سيما في رئاسة الجمهورية والمجلس النيابي وبالتالي تملئ الحكومة الفراغ بانتظار تسوية داخلية خارجية».
وعلى وقع التصعيد الأميركي ضد لبنان، كان مجلس الوزراء يخوض معركة التعيينات ونجح في تخطي هذا القطوع بعدما شهد خلافاً شديداً حوله بين مكونات الحكومة وتم تأجيله لأكثر من شهر. وشكل حسم هذا الملف اختباراً لتماسك الحكومة ورغبة أغلب أطرافها في استمرارها رغم اعتراض بعض الوزراء.
وأقرّ المجلس سلسلة من التعيينات في عدد من المواقع الادارية والمالية أبرزها نواب حاكم مصرف لبنان الأربعة ومفوّض الحكومة لدى مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف ورئيس مجلس الخدمة المدنية وعدد من المحافظين. وذلك وسط مقاطعة لوزيري تيار المردة للجلسة تعبيراً عن رفضهم للمحاصصة التي حصلت، بحسب تعبير المردة.
وعيّن مجلس الوزراء نواب حاكم مصرف لبنان وهم وسيم منصوري (أمل) وسليم شاهين (رئيس الحكومة) وبشير يقظان (الحزب الديموقراطي) والكسندر موراديان (طاشناق).
كذلك عيّن في لجنة الرقابة على المصارف مروان مخايل وجوزيف حداد وكامل وزني ومايا دباغ (رئيسة للجنة) وعادل دريك وكريستال وليد حكيم مفوضاً للحكومة.
وتم تعيين مفوّض الحكومة لدى مصرف لبنان وهي كريستال واكيم. وفي هيئة الأسواق المالية عُيّن: واجب علي قانصو وفؤاد شقير ووليد قادري.
وشادي حنا عضو أصيل في هيئة التحقيق الخاصة.
كما عيّن مجلس الوزراء أيضاً:
محمد أبو حيدر مديراً عاماً للاقتصاد، غسان نور الدين مدير عام الاستثمار في وزارة الطاقة، نسرين مشموشي رئيسة لمجلس الخدمة المدنية، جريس برباري مدير عام الحبوب والشمندر ومروان عبود محافظاً لبيروت.
وأكد وزير الاقتصاد راوول نعمه في تصريح بعد الجلسة أن «الحملة الذي تعرّض لها مدير عام وزارة الاقتصاد محمد أبو حيدر في الإعلام، سياسية وأنا ضدّها لا سيما لناحية دراساته». وشدد نعمه على أن «مجلس الوزراء اطلع على ملفات المرشحين أقله قبل 48 ساعة».
وتابع في مجال آخر: «السلع الأساسية سيبقى دعمها على 3200 ليرة وهناك أسعار تراجعت وسنشهد تراجعاً بنسبة 12 بالمئة للأسعار ومنها السكر والزيوت (ذرة ودوار الشمس)».
وبرز موقف لوزير الصناعة الدكتور عماد حب الله انتقد خلاله التعيينات فقال في تغريدة: «وهل هذه التعيينات تشبهنا؟». وأوضح بعد الجلسة أننا «اعترضنا على عدم اتباع آلية للتعيينات».
وأفادت مصادر تيار المردة أن موقف تيار «المردة» من جلسة التعيينات لن يتعدىّ المقاطعة وحتماً لن يصل الى الاستقالة انما فقط الاعتراض على المحاصصة وعدم وجود آلية للتعيينات. وبحسب ما علمت «البناء» فإن اعتراض المردة مردّه الى عدم أخذ الحكومة لاسم عادل دريق في هيئة الأسواق المالية.
وكان وزير الاشغال العامة ميشال نجار اشار من بكركي الى «اننا لن نكون جزءاً من اي تعيينات لا تحظى بقاعدة الشخص المناسب بالمكان المناسب، وهذا ما عبر عنه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وطلب آلية واضحة وشفافة لهذه التعيينات، واكد ان غيابه عن الجلسة الحكومية هو تعبير عن صمت، والصمت احياناً هو أقوى تعبير».
وأشارت مصادر الحزب الديمقراطي الى أن بشير يقظان الذي عين نائباً لحاكم مصرف لبنان تم اختياره من لائحة الأسماء المقترحة من رئيس الحزب النائب طلال أرسلان.
وأفادت المعلومات عن خلاف وسجالات حادة بين وزير الداخليّة العميد محمد فهمي وبعض الوزراء داخل الجلسة بسبب تعيين محافظ كسروان جبيل وحُسِم الأمر بالتصويت شرط عدم تسلم المحافظ الجديد المهام قبل صدور المراسيم التطبيقية.
وسجلت أوساط نيابية في القوات اعتراضها على سلة التعيينات متسائلة: كيف تستبق الحكومة آلية التعيينات التي أقرها المجلس النيابي ويقر التعيينات؟ ما يعني هروباً من القانون، ومشيرة لـ»البناء» الى أنه «الأجدى بالحكومة الانتظار بعض الوقت الى حين نشر قانون الآلية في المجلس النيابي لتطرح التعيينات؟ إلا أن وجهة نظر الحكومة تعتبر أنه لا يمكن الانتظار أكثر لا سيما أن القانون يمكن أن يتعرض للطعن أمام المجلس الدستوري من قبل تكتل لبنان القوي النيابي وبالتالي سيأخذ وقتاً طويلاً في النظر إليه والبت بالطعن، وهناك مؤسسات يجب ألا تبقى شاغرة ومشلولة ومعطلة وبالتالي يجب أن تعمل وتفعل لتواكب عملية الإصلاح والنهوض الاقتصادي الذي تسعى اليه الحكومة ووزاراتها وأجهزتها».
وبعد جلسة عقدت في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحضور رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب استمرت ست ساعات، أطلق كل من رئيس الجمهورية والرئيس دياب في مستهل الجلسة سلسلة مواقف بارزة من القضايا والملفات المطروحة. فأسف رئيس الجمهورية لأن «البعض استغل التظاهرات المطلبية للقيام بأعمال تخريبية مدانة سبق وحذرنا منها». وشدّد على «وجوب الحذر الشديد مستقبلاً، خصوصاً أن معلومات توفرت لدى الأجهزة المعنية عن ارتباطات خارجية لمجموعات من المشاركين». وأكد عون «أننا مع حق التظاهر ولكن لا يمكن القبول بالشغب والعنف وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية»، مركزاً في هذا الإطار على أن «التعرض للأديان والمذاهب والرموز الدينية مرفوض ومدان ولم يسبق ان حصل حتى في أسوأ ايام الحرب، وأدعو الجميع الى التنبّه وعدم السماح للفتنة بالتسلل الى مجتمعنا».
من جهته، أسف رئيس الحكومة لأن «هناك غرفاً سوداء تختلق أكاذيب وتروّجها للتحريض على الحكومة لتحميلها أوزار السنوات الماضية التي تسببت بوصول البلد إلى الوضع الذي نعيشه اليوم».
وأكد دياب أن «مشروع الفتنة قائم ومستمر وأنا أؤكّد أن العدو الإسرائيلي يريد افتعال الفتنة في لبنان من أجل التغطية على خطته لضمّ الضفة الغربية». ودعا إلى «أعلى درجات اليقظة والوعي لمواجهة هذا المخطط الإسرائيلي وإحباطه».
وعن أحداث السبت الماضي، نبّه دياب من أن «لبنان مرّ بقطوع خطير آخر الأسبوع الماضي، وتجاوزنا مشاريع فتنة طائفية ومذهبية. ولفت في هذا الإطار إلى «أنني كنت حذّرت من مخطط لإراقة الدماء واستثمارها في السياسة، وما حصل في الشارع كان ينبئ بخطة خبيثة لإشعال فتنة في البلد، والحمد لله أننا تجاوزناها». وأعلن رئس الحكومة أن «هناك معضلة أساسية نعمل على معالجتها وهي التلاعب بسعر العملة الوطنية وأعطينا تعليمات حاسمة إلى الأجهزة الأمنية للتشدّد في ضبط فلتان التسعير لدى الصرافين الشرعيين وغير الشرعيين».
وفيما نبّه أكثر من مرجع سياسي ومالي من تفاعل الأزمات الاجتماعية والاقتصادية في الشارع، شهدت ساحتا الشهداء ورياض الصلح في وسط بيروت تجمعات شعبية سلمية للاعتراض على الواقع الاقتصادي والمعيشي والارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار مقابل الليرة. وأشار المعتصمون في لافتاتهم الى «ان تحركهم يهدف للمطالبة بإسقاط الحكومة الحالية»، معتبرين أنها «امتداد للسياسات السابقة وهي حكومة أحزاب سياسية وغير مستقلة ولم تجترح الحلول المطلوبة»، مطالبين بـ«مكافحة الفساد ومحاسبة السارقين من خلال قضاء مستقل كحل وحيد للأزمة الراهنة». كما شهد محيط مصرف لبنان تظاهرة رفضاً لساسيات الحاكم، وسجل قطع عدد من الطرقات في البقاع. كما شهد قصر العدل اعتصاماً رفضاً لرد رئيس الجمهورية مرسوم التشكيلات القضائية، وسجلت تحركات مطلبية – معيشية في صيدا وطرابلس والميناء ايضاً.
في موازاة ذلك، واصل الدولار ارتفاعه امس، متخطياً الـ4500 ليرة. وقد أصدر مصرف لبنان تعميماً لمؤسسات الصرافة، يتعلّق بالمنصة الإلكترونيّة لعمليّات الصرافة.
وفي وقت أفيد أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة رفض الأرقام التي حددتها الحكومة وخرج من اجتماع بعبدا المالي الاثنين الماضي ممتعضاً وفي وقت شنت جمعية المصارف هجوماً على الحكومة، لن تعقد جلسة مفاوضات بين الوفد اللبناني ووفد صندوق النقد الدولي خلال اليومين المقبلين وسط معلومات أفادت عن إرجاء الجلسة المقبلة الى يوم الإثنين المقبل على مستوى الخبراء من الجانبين وذلك للاتفاق على التفاصيل والتعديلات النهائية لقانون «الكابيتل كونترول».
وعلى مقلب آخر، خرج الخلاف السياسي على جبهة بيت الوسط – معراب الى العلن بعدما كان في السر منذ فترة طويلة لم يتمكّن خلالها الجانبان ولا الوسطاء من رأب الصدع بينهما لا سيما بعد الطعنة الأخيرة التي تعرّض لها الرئيس سعد الحريري من رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع والمتمثلة بإحجام القوات عن التصويت للحريري في الاستشارات النيابية الأخيرة، كما تشير أوساط تيار المستقبل.
وقد أشار جعجع في تصريح لجريدة الأهرام المصرية امس، الى أنه «لم يتخلَ عن دعم الحريري، لكن الظروف كانت غير مناسبة على الإطلاق لتولي سعد الحريري رئاسة الحكومة وكان من الممكن أن تكون نهاية له. هذا اعتقادنا وحساباتنا». ما أثار حفيظة الرئيس الحريري الذي رد عبر «تويتر» على جعجع ساخراً: «بونجور حكيم، ما كنت عارف انو حساباتك هالقد دقيقة. كان لازم أشكرك لانو لولاك كان من الممكن انو تكون نهايتي. معقول حكيم؟ انت شايف مصيري السياسي كان مرهون بقرار منك؟ يعني الحقيقة هزلت. يا صاير البخار مغطى معراب او أنك بعدك ما بتعرف مين سعد الحريري».
وما لبث السجال أن تفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي التي ضجّت بهجوم من مناصري تيار المستقبل على جعجع، بحيث أطلق مناصرو التيار الازرق سلسلة هاشتاغ للرد على رئيس «القوات»، ومن بينها هاشتاغ «بونجور_حكيم» و»سعد_الحريري».
كما هاجم عضو كتلة «المستقبل» النائب سامي فتفت جعجع، وكتب على «تويتر»: «القوات اللبنانية فرضت ميشال عون رئيس للجمهورية. القوات فرضت قانون انتخابي سمح لحزب الله بالسيطرة على مجلس النواب. سمير جعجع يساند الرئاسة الأولى على العمياني ولو تراجعت 10 خطوات لورا. ما ترمي أخطاءك يللي وصلتنا لهون علينا يا حكيم، العلاقة الاستراتيجية اهم من تكتيكات المصلحة».
وإذ نفت مصادر القوات الردّ على الحريري ونواب المستقبل بعد قرار من قيادة القوات للتهدئة وعدم توسيع مروحة التصعيد مكتفية بالقول لـ»البناء» ان الحريري فسر كلام الحكيم بشكل خاطئ ويبدو أنه بحاجة الى استنهاض شارعه فلجأ الى التصعيد ضدنا، استغرب عضو كتلة القوات العميد وهبي قاطيشا الهجمة المسقبلية الحريرية على رئيس القوات، لافتاً لـ»البناء» الى أن «ما حصل مجرد سجال بين الشيخ سعد والحكيم سرعان ما يعالج بينهما ولم ندخل كنواب في هذا السجال رغم انسحابه على مستوى القاعدة الشعبية للطرفين»، لكن استغرب قاطيشا دخول نواب المستقبل على خط التصعيد، موضحاً ان «الحريري انخرط في صفوف المحور الآخر قبلنا وعقد تسوية مع الرئيس عون وباسيل ومع حزب الله في إطار الحكومة ووافق ايضاً على قانون الانتخاب».
وعن هجوم قاعدة المستقبل على جعجع على مواقع التواصل اجاب قاطيشا: «يا جبل ما يهزك ريح، معودين عالهجمات منذ أيام الوصاية السورية، ولن يكون شارع المستقبل هو الأخير وقد وجهوا لنا الكثير من الاتهامات»، مشيراً الى أن الحريري لم يشاورنا في ترشيحه لتأليف الحكومة بعد استقالته في تشرين الماضي ولا طلب منا شخصياً أن ندعمه ونصوت له بل أرسل وسيطاً ليخبرنا بذلك، كما انه يتعامل معنا بالقطعة وخياراته لم تكن واضحة»، وشدد على «اننا نرفض الفتنة ولسنا نحن من يسعى اليها ولسنا من حطم المحال التجارية وسط بيروت ورفضنا التظاهر تحت شعار سلاح حزب الله تجنباً لأي توتر في الشارع».