مجلس الإعلام في تونس
في خطوة شجاعة تعبّر عن المكانة المستقلة والفاعلة لمجلس الإشراف على الإعلام المرئي والسموع في تونس والمسمى بالهيئة العليا للاتصال السمعي البصري وجهت الهيئة اتهاماً بخرق القانون لرئيس المجلس النيابي وزعيم حزب النهضة الذي يشكل أكبر حزب تونسي وهو المهيمن على الحياة السياسية منذ عشر سنوات ويمثل الفرع التونسي لتنظيم الأخوان المسلمين.
اتهام الهيئة لرئيس البرلمان راشد الغنوشي بتشجيع الفساد السياسيّ عبر إطلالته على قناة تحت المساءلة القانونية بتهم الفساد يملكها رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي والمرشح الرئاسي السابق باعتبار إطلالته تشريعاً واقعياً لقناة غير قانونيّة.
تونس تمثل نموذجاً سياسياً نادراً في العالم العربي بقدرتها على الجمع بين مستويات عالية من الحريات السياسية وقدرة مميّزة على ممارسة الديمقراطية. وتأتي أهمية موقف الهيئة العليا للإعلام لكونها تخطت تحميل المؤسسة مسؤولية خرق القانون بتوجيه الاتهام إلى أحد كبار مسؤولي الدولة.
لم تخضع الهيئة العليا التونسية لابتزاز الإتهام بتضييق الحريات ولا لمساومة السلطة ولا تنازلت عن استقلاليتها، بالرغم من أن القرارات النهائية في الاتهامات التي وجهتها تعود للقضاء الذي يخوض بدوره معركة إثبات استقلاليته وممارسة صلاحياته لتثبيت دولة القانون بصفتها الدولة التي لا تعرف الحصانات ولا تعترف بالاستثناءات.
هذا هو الطريق الذي يحتاجه لبنان ولا يزال يدور حول نفسه بحثاً عنه أو هروباً منه.