دياب يعلن الحرب على الفساد: هناك حاقد مجرم نفذ قراراً جنونياً بتدمير ممتلكات الناس وتجب محاسبته
تشكيل غرفة عمليات لمتابعة عمليات المضاربة على الليرة
أعلن رئيس الحكومة حسان دياب «بدء الحرب على الفساد»، مشيراً الى انّ «هذه معركة طويلة وصعبة وسنتعرض لحملات سياسية وتخوين وشتائم «بس ماشي الحال»، مضيفاً «نحن متهمون أننا لم نقم بأي شيء فعلياً لكن هذا الموضوع أصبح على الطاولة أولوية الأولويات». وفي موازاة ذلك تقرّر إنشاء غرفة عمليات لمتابعة عمليات المضاربة على الليرة.
وكان دياب ترأس أمس في السرايا، اجتماعاً مالياً أمنياً حضره نائبة رئيس الحكومة وزيرة الدفاع زينة عكر، ووزراء الداخلية والبلديات محمد فهمي، المالية غازي وزني، العدل ماري كلود نجم، النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي غسان عويدات، قائد الجيش العماد جوزاف عون، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية، المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمود الأسمر، رئيس جمعية المصارف سليم صفير، مدير المخابرات العميد طوني منصور، مدير شعبة المعلومات العميد خالد حمود، نائب المدير العام لأمن الدولة العميد سمير سنان، مدير مكتب المعلومات في الأمن العام العميد منح صوايا، نقيب الصرافين محمود مراد ونائبه محمود حلاوي ومستشار رئيس الحكومة خضر طالب.
وخصص الاجتماع لمتابعة الأوضاع الأمنية الراهنة وضبط سعر صرف الدولار الأميركي. وتوقف رئيس الحكومة في بداية الاجتماع أمام أعمال التخريب التي حصلت في طرابلس وبيروت، معتبراً أنها «بمثابة كارثة»، وقال إن «ما حصل هو ضرب لكل مقومات الدولة، وأنا لن أقبل نهائياً بهذه الاستباحة للشوارع وأملاك الناس وأملاك الدولة، ومحاولة ضرب الاستقرار الأمني، وتهديد البلد. أنا مصرّ على كل الأجهزة، وعلى القضاء، توقيف كل شخص شارك بهذه الجريمة، سواء في بيروت أو طرابلس أو أي منطقة. إذا لم يتم توقيف هؤلاء الأشخاص، فلا معنى لوجود الدولة كلها. الزعران شغلتهم التخريب ومكانهم السجن ونقطة ع السطر».
بعد ذلك، تناول دياب قضية ضبط سعر صرف الدولار، وقال «الذي حصل منذ 10 أيام يتجاوز المنطق. اجتمعنا هنا واتخذنا تدابير وأخذنا التزامات، وبالفعل كما تقول التقارير أن الناس باعوا أول يوم أكثر من 5.5 مليون دولار، وفي اليوم الثاني باعوا أكثر من 4 ملايين دولار، أي أنه حصل تدفق دولارات إلى السوق بحدود 10 ملايين دولار في يومين فقط، وفي اليوم الثالث اختفى كلّ شيء من السوق فجأة، ولم تتجاوز حجم حركة المبيع أكثر من 100 ألف دولار. طبعاً هذا أمر غريب وغير منطقي».
وتابع «بعدها استمر فقدان الدولار بشكل شبه تام، وارتفع الطلب وكأن هناك من قرر العودة للمضاربة على السعر. يجب أن يكون هناك تحقيق في هذا الموضوع، وأنتم هنا كل الأجهزة، أفترض أن عندكم أجوبة لما حصل، لأن هذا الأمر يتكرّر، وأنا قلت من قبل، أنّ اللعب بلقمة عيش الناس لن نسكت عليه».
وأردف «رواتب الموظفين والعسكر صارت لا تساوي شيئاً، والأسعار ترتفع بشكل جنوني. مسؤوليتنا أن نحمي رواتب الناس، ونحمي لقمة عيشهم. لذلك يجب ألاّ يمر هذا الموضوع وكأنه لم يحصل أي شيء. نريد تحقيقاً كاملاً متكاملاً، أمنياً وقضائياً. لا يجوز أن يكون هناك جريمة ولا يوجد مجرم، إلاّ إذا كان الذي حصل شيء عادي، وأنا شخصياً مقتنع، وعندي معطيات معينة، أن ما حصل كان بفعل فاعل».
وقال «أما بالنسبة للإجراءات التي اتفقنا عليها يوم الجمعة في مجلس الوزراء، والتي دخلت حيز التنفيذ فعلياً، فيفترض أن نتابع هذا الالتزام، ونمنع أي محاولة تلاعب جديدة بسعر الدولار، ونبدأ فعلياً بتخفيض السعر تدريجاً».
وتطرق المجتمعون إلى الآلية التي أقرها مجلس الوزراء بشأن تخفيض سعر الدولار، وإعطاء الصلاحيات للمعنيين لتنفيذها، كما تم الاتفاق على إنشاء غرفة عمليات في المديرية العامة للأمن العام لمتابعة الموضوع.
من جهته، أكد حاكم مصرف لبنان الالتزام بضخ الدولار في الأسواق. وتم تأكيد إلتزام الصرافين المرخصين شروط النقابة، وتسليم الدولارات لهم من قبل مصرف لبنان لمنعها من الوصول إلى المضاربين أو تهريبها إلى الخارج.
واستقبل دياب، وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي ورئيس الهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير ورئيس المجلس البلدي لمدينة بيروت جمال عيتاني ورئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس ، للبحث في الأضرار التي نتجت عن أعمال الشغب في بيروت.
وقال دياب «ما حصل ضد المؤسسات والمحلات التجارية والأملاك العامة والخاصة، في بيروت، وأمس في طرابلس، كان بمثابة الكارثة. هناك حاقد ومجرم، نفذ قراراً جنونياً بتدمير ممتلكات الناس. نفذ جريمته علناً، ولم يخجل مما يفعل. ما حصل، سواء في بيروت أو في طرابلس، هو إهانة للبلد، إهانة للمؤسسات الرسمية، إهانة للمواطنين، إهانة للدولة. ما حصل يجب ألا يمر ببساطة. كل شخص شارك بعملية التدمير، مهما كان دوره، يجب أن يكون اليوم موقوفاً، ويحاسب، حتى يفهم أن البلد ليست سائبة».
واستقبل دياب رئيسة لجنة الرقابة على المصارف مايا دبّاغ، ثم نائب حاكم مصرف لبنان سليم شاهين. وجرى التداول بمسائل مالية وبالوضع النقدي.
الهيئات الرقابية
من جهة أخرى، أعلن دياب أمام الهيئات الرقابية «بدء الحرب على الفساد»، مشيراً الى انّ «هذه معركة طويلة وصعبة وسنتعرض لحملات سياسية وتخوين وشتائم «بس ماشي الحال، فقد تعودنا على هذا الأمر منذ أول يوم تشكلت فيه الحكومة»، مضيفاً «نحن متهمون أننا لم نقم بأي شيء فعلياً لكن هذا الموضوع أصبح على الطاولة أولوية الأولويات».
وقال»الحرب على الفساد تعني كل شخص يحبّ وطنه ولا مجال للتردد والخوف والرهان على دور الهيئات الرقابية كبير جداً، مطلوب منكم أن تحطوها على الطاولة وتسكروا تلفوناتكن وما تسمعوا إلاّ لصوت ضميركن وصوت الناس».
وتوجّه الى الهيئات الرقابية بالقول «أنتم الجهة المعنية بمراقبة الدولة وأعلم ان لديكم ملفات كثيرة وهناك أخرى عالقة منذ سنوات طويلة وهذه إساءة لدوركم»، مشيراً إلى أنه «لا يجوز أن تبقى إدارة الدولة في الوضع الذي تعيشه وهناك أحاديث كثيرة عن صفقات وسمسرات وفساد وهدر وإهتراء في الدولة فمن يفترض به ملاحقة هذه الاتهامات وإصدار قرارات فيها؟»
مجلس القضاء
وعُقد اجتماع لمجلس القضاء الأعلى في السرايا الحكومية، بدعوة من الرئيس دياب بحضور وزيرة العدل ماري كلود نجم. وقال دياب في مستهل اللقاء «أنا مؤمن أنه لا بلد ولا عدالة ولا إصلاح ولا نظام، إذا لم يكن هناك قضاء عادل وحر ونزيه ومستقل. بالنسبة لي، القضاء هو القاعدة الأساسية لدولة القانون، ومن دون قانون يعني هناك شريعة الغاب، يعني فوضى وعدم استقرار، وكل شخص يأخذ حقه بيده. من دون قضاء لا توجد دولة. أنتم تعرفون جيداً احترامي لاستقلالية القضاء، وأنا مقتنع أن القضاء لا يحتاج إلى قرار سياسي حتى يتحرك لملاحقة الجريمة مهما كان نوعها. القضاء لا يحتاج إلى طلب ولا إشارة ولا إيعاز ولا تمن».
أضاف «ما حصل الأسبوع الماضي كان غير طبيعي. كانت هناك جرائم بالجملة، لكن الغريب أنه لا يوجد مجرم حتى الآن. إعتداءات على الأملاك العامة والخاصة، تدمير، إعتداءات على الجيش وقوى الأمن، إستباحة هيبة الدولة بكل رمزيتها ومؤسساتها، قطع طرقات. من المرتكب، من المحرض، من المنفذ، من الممول، من المستفيد؟».
وتابع «الناس يسألون عن غياب الدولة، وأن الدولة لا تحميهم، ولا تحمي ممتلكاتهم. الناس يسألون كيف أن الدولة تنظم محضر ضبط لسيارة خالفت قرار المفرد والمزدوج، وضبط لمواطن لا يضع الكمامة، وتضع في السجن بسهولة أشخاصاً ارتكبوا جنحاً ومخالفات أقل بكثير من الجرائم التي رأيناها خلال الأيام الماضية».
وتابع «اليوم أطلب منكم أن تمارسوا دوركم الكامل، من دون مسايرة لأحد، ولا طلب من أي جهة. لا يجوز أن يشعر اللبنانيون أن الدولة لا تحميهم، ويفقدوا ثقتهم بالقضاء»، مؤكداً أن «المطلوب من القضاء أن يكون رأس الحربة في محاربة الفساد، والهدر والصفقات المشبوهة».
وجرى خلال الاجتماع بحث مفصّل في ملفات الفساد ودور القضاء في ملاحقة الفاسدين.