وجّه السيد حسن نصرالله خلال عرضه للوضع الاقتصادي والمالي، تحذيراً واضحاً من خطورة وقوع الحكومة بالشلل عن القيام بأي مبادرات لعلاج الأزمات المتفاقمة بانتظار نتائج المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
الحديث عن أن لا خيار لدى لبنان إلا صندوق النقد الدولي هدفه إحداث هذا الشلل، فيمضي الوقت لشهور وربما أكثر، وينزف لبنان، ويستنزف ما لديه من احتياطات، ويصير جاهزاً لقبول أي شروط تفرض عليه مهما كانت قاسية باعتبار أنه مهدد بالسقوط ولا خيارات أمامه، ويضطر لقبول ما يعرض لمساعدته مهما كان هزيلاً باعتبار أنه يحتاج لأي شيء يساعده على مواصلة الحياة بالحد الأدنى.
ما عرضه السيد نصرالله مضمونه، حسناً فاوضوا صندوق النقد، لم ولن نعترض، لكن سيروا بما يقنعكم أنه مصلحة لبنانية، فهو يطيل أمد الصمود، ويحسن وضعكم التفاوضي، لأنه يمنع بلوغ الحضيض الذي ينتظره المفاوض الدولي ومن ورائه دائماً الأميركي، لإملاء الشروط وتقديم الفتات، والمصلحة اللبنانية هي عدم الوقوع في لعبة الانتظار.
فليأخذ صندوق النقد ما يشاء من الوقت، وفي هذا الوقت تعالوا نناقش بجدية العروض الصينية لتمويل مشاريع هامة وحيوية. وتعالوا نقيم التبادلات العينية بالسلع مع مَن يرضى بذلك وهم كثر وفي طليعتهم جارتنا الأقرب سورية، وتعالوا نسأل من يبدي الاستعداد لبيعنا المشتقات النفطية بعملتنا الوطنية، أو بصيغ أخرى لا تحتاج الدولارات مقابلها، وفاتورة استيراد المشتقات هي أهم سبب للطلب على الدولار، وحذفها من سوق الطلب على الدولار سيخفض سعره حكماً ويحسن وضع الليرة، ويطيل أمد الصمود ويعزز مصادر القوة، ويفتح الباب لنهوض الاقتصاد.
من لا يأخذ بهذه التوجّهات، متآمر مع ترك لبنان ينزف ويستنزف موارده، حتى يخضع للشروط المذلة والمهينة، ويقبل بالفتات على حساب السيادة، تحت شعار ما باليد حيلة، وكل الأسباب تقول إن باليد ألف حيلة وحيلة.
خطوة إضافية يمكن أن تبلور المقترحات التي قدّمها السيد نصرالله، هي قرار حكومي ومصرفي بتسعير ثنائي مباشر يومي لليرة اللبنانية مع عملات الدول التي تستعد للتعاون الاقتصادي من دون المرور بالدولار، يشكل أساس التبادل التجاري معها.