صباحات
الصباح هذا الأسبوع لعمّ عامليّ الهوى، كباشق يعانق عنان السماء وفجأة في عز الظهيرة هوى، العم أبا هاشم ثقافة المعلم وبساطة المتعلّم، حكمة القادة وتواضع السادة، نخوة عنترة وكرم حاتم وإيثار السموأل وعقلانية أبي العلاء وشهامة سيف الدولة ومظلوميّة المتنبي، خسره جبل عامل كفتى في السبعين، وقد كان من رواد جيل صنع وعلم ورعى أنبل تجارب الوطن والأمة التي مثلتها المقاومة، وأخلص لها ليس بصفتها انتماء لعصبية أو لجغرافيا أو لطائفة، بل كأسلوب حياة يتنفس هواها مع الهواء، ويشرب من نبعها مراراً كل يوم كالماء، تغريه بساطة الصفوف الخلفية في الاحتفالات، أو ضيافة الوافدين، ويتقدم في الإقدام الصفوف بصمت ويمشي ويلحقه الآخرون تحت الأضواء، ليس من المبالغة القول إنه وجيل من الذين يرحلون بصمت، هم مَن أسسوا بصمت أيضاً لثقافة ومسيرة أثمرت هذا العز، وها هم يرحلون تباعاً بهدوئهم المعتاد، مطمئنين على صلب البنيان وعميق الجذور، غير آبهين بجلال الوداع، إنهم كما صنعوا المجد دون إعلان، يرحلون دون إنذار، لهم تستحق صباحاتنا وتشرق عليهم شمس حرية وكرامة لا تغيب، ودمعة تزين طرف العين.