سدّ النهضة وأزمة دول حوض النيل أيّ دور للولايات المتحدة والعدو الصهيوني؟
} ايهم درويش
المياه هي أساس وجود الحياة وضرورة لكلّ مجالاتها من تنمية مستدامة واقتصادية واجتماعية وتوليد الطاقة والغذاء وضمان لبقاء الإنسان.
وكان أحد أهمّ المعالم التي أحرزت مؤخراً هو إقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بحق الإنسان في الحصول على كفايته من المياه للاستخدام الشخصي والمنزلي وأن تكون متاحة مكاناً وزماناً.
والمياه أيضاً مسألة حقوق، وخلال السنوات الست السابقة من أخذ وردّ وتوقف للمفاوضات واستئنافها وفشلها والتلويح بالذهاب لمجلس الأمن لتصل للتهديد بالحل العسكري، ومع تمسّك كل طرف بموقفه، إلى الأن لا يوجد حل قريب للأزمة الحاصلة بين مصر وإثيوبيا حول سد النهضة الذي شيّدته الأخيرة على مياه نهر النيل الأزرق.
بدأت المعركة بعدما وقع الرئيسان السوداني عمر البشير والمصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي هايلي ماريام ديسالين في 23 مارس/آذار 2015 في الخرطوم وثيقة إعلان مبادئ بشأن سد النهضة الإثيوبي، ووفقاً لنص الاتفاقية اعترفت مصر بحق إثيوبيا في بناء سد النهضة على مياه نهر النيل الأزرق بشرط ألا يضر السد بمصالح دول المصب مصر والسودان، لكن تلك الوثيقة لم يصدق عليها البرلمان المصري ولم تحدد حصة كل دولة من المياه، كما أنها لم تضع أي بنود لكيفية حل النقاط الخلافية والعالقة بين البلدين، واستغلت أثيوبيا الوثيقة الموقعة لبدء إجراءاتها ببناء السد معتبرة أن وثيقة إعلان المبادئ ألغت اتفاقية عام 1993 بين مصر وإثيوبيا التي تمنع بناء السدود.
سد النهضة أو سد الألفية الكبير يقع على النيل الأزرق في ولاية بنيشقول – قماز الإثيوبية بالقرب من الحدود الإثيوبية – السودانية على مسافة تتراوح بين 20 و40 كم وهو أكبر سد كهرومائي في القارة الإفريقية وعاشر أكبر السدود المنتجة للكهرباء في العالم بكلفة 4.7 مليار دولار أميركي، وهو واحد من ثلاثة سدود لغرض توليد الطاقة. وتتخوّف القاهرة من تأثير سلبي محتمل للسد على تدفق حصتها السنوية من مياه نهر النيل البالغة 55.5 مليار متر مكعب وبالمقابل يحصل السودان على 18.5 مليار متر مكعب. وفي حال تم ملء السد خلال ثلاث سنوات، ستكون هناك عواقب وخيمة لملء السد خلال هذه المدة القصيرة، إذ ستفقد مصر نحو 27 مليار متر مكعب من المياه، أي نحو 50% من إجمالي موازنتها المائية السنوية ، وستفقد تبعاً لذلك نحو21 ألفا كيلومترا مربعا أي ما يقارب 67% من مساحتها الزراعية.
في نهاية عام 2015 وقع وزراء خارجية مصر والسودان وإثيوبيا على وثيقة الخرطوم التي تضمنت التأكيد على اتفاق إعلان المبادئ الموقع من قيادات الدول الثلاث، وتضمن ذلك تكليف مكتبين فرنسيين بتنفيذ الدراسات الفنية الخاصة بالمشروع، لكن إثيوبيا رفضت نتائج التقرير الأولي للخبراء الدوليين في نوفمبر/تشرين الثاني 2017.
وعن المفاوضات، يقول عبد الفتاح مطاوع في جريدة «الأهالي» المصرية: «في المفاوضات، تأتي بعض فرق التفاوض ومعها أجندتان، وسيناريو للمفاوضة، إحداهما أجندة معلنة للجميع، وأخرى غير معلنة، لا للطرف الآخر، ولا حتى للمراقبين لعملية التفاوض، لكنها معلومة لكل من يعمل بمطابخ بيوت صناعة السياسات والقرارات، وملخص السيناريو بشكل عام، وفي معظم الأحوال هو: هل نريد التوصل إلى حل أم لا؟ لتعود الأزمة للواجهة مع انتهاء أعمال الاستعداد لبدء المرحلة الأولى لملء السد اعتبارا من تموز2020 ، خصوصاً بعد اعلان مصر أن المحادثات الثلاثية مع إثيوبيا والسودان على نهر النيل بلغت حائطاً مسدوداً بسبب «تعنّت» أديس أبابا. وقد لوح وزير الخارجية المصري سامح شكري بإمكانية اللجوء إلى مجلس الأمن، لمواجهة ما وصفه بالتعنت الإثيوبي خلال مفاوضات سد النهضة، مضيفا شكري خلال ندوة دبلوماسية أن موقف أديس أبابا الأخير لا يبشر بنتائج إيجابية. ويأتي هذا فيما تدرس الحكومة المصرية توسيع نظم الري الحديثة لتوفير المياه مع استمرار أزمة النهضة. في حين قال وزير الري السوداني ياسر عباس، بأن خلافات برزت بين الوفود الثلاثة فيما يتعلق بالجوانب القانونية خصوصاً في إلزامية الاتفاقية وكيفية تعديلها، بالإضافة إلى آلية حل الخلافات حول تطبيق الاتفاقية وربط الاتفاقية بقضايا غير ذات صلة بها تتعلق بتقاسم المياه باعتبار أن قضية مفاوضات سد النهضة الحالية هي الملء الأول لسد النهضة وتشغيله.
دخلت الولايات المتحدة على خط المفاوضات واعتبار السد حقاً مشروعاً لإثيوبيا وأن السد ضروري من أجل تزويد إثيوبيا بالكهرباء وعملية التنمية، ضاربةً عرض الحائط أن السد سيؤدي لخسارة مصر 90% من المياه التي تحتاجها للشرب والري.
وأينما وجدت الولايات المتحدة ستجد بصمات العدو الصهيوني حيث كما ذكر الدكتور عصام شروف في كتابه «أزمة مياه سد النهضة الأثيوبي والأصابع الإسرائيلية» تضاعفت صادرات كيان الاحتلال إلى أثيوبيا أكثر من 30 مرة خلال الأعوام القليلة الماضية وإقامة الغرف التجارية المشتركة والمنح في مجالات الصحة والتعليم والتدريب وأن قيام أثيوبيا بإنشاء سدود كبرى هي لضرب مصالح مصر والسودان المائية و المشروعات المائية فيهما.
وكانت صحف عبرية نشرت تقارير حول تزويد تل أبيب الجيش الإثيوبي بمنظومات وبطاريات صواريخ دفاع جوي قصير ومتوسط المدى من طراز «سبايدر» لحماية سد النهضة في حال قررت مصر بدء حرب للدفاع عن حقوقها المائية وشريان حياة لمواطنيها.