بوتين يرفض استعمال الاقتصاد كوسيلة للضغط السياسيّ… مبشّراً بقمة للخمسة الكبار / رؤساء الحكومات السابقون يقاطعون لقاء بعبدا… إلا بثمن سياسيّ قيد التفاوض / اتجاه لاعتماد المصارف في تغطية حاجات الاستيراد ووقف لعبة الصرافين والـ 200$/
كتب المحرّر السياسيّ
حُسم أمر قانون قيصر بالفشل، وفقاً لمن يعرفون أهدافه الحقيقية، بمجرد قيام إيران بمنع تفجير أزمة مالية اجتماعية في سورية، عبر قرار بحجم شحن كميات ضخمة من المشتقات النفطية والأدوية والمواد الاستهلاكية إلى سورية، وبالمقابل بيعها بالليرات السورية، لتغطية شراء منتجات سورية أو استثمارها في مشاريع سورية، وتقديم بعضها كمساعدات للدولة السورية، بينما سقط الرهان على نجاح العقوبات بدفع روسيا وشركاتها المستهدفة بالعقوبات نحو التريث، والحديث عن دراسة فقرات القانون وفتح التفاوض مع واشنطن حول مفاعيله، فجاء الإعلان الروسي حازماً برفض القانون ومفاعيله، وتوّج الرفض الرئيس الروسي فلادمير بوتين بالإعلان عن رفض استعمال الاقتصاد كوسيلة للضغط من أجل تحقيق أهداف سياسية، كاشفاً عن عقد القمة التي دعا إليها للخمسة الكبار دائمي العضوية في مجلس الأمن الدولي، من دون أن يكشف موعدها، مكتفياً بالقول إن هذا الأمر ومثله التعاون الدولي في مواجهة كورونا والتعاون للخروج من الركود الاقتصادي، وبحث الأزمات العالقة في العالم والتي تشهد تصعيداً عنفياً، لدراسة إمكانية الدفع بها نحو الحلول السياسية، ستشكل جدول أعمال القمة.
قانون قيصر حضر على جدول أعمال الحكومة خلال اجتماعها أمس في السراي، حيث تم التداول وكان اتفاق على المتابعة، وجمع المزيد من المعلومات عن حجم الانعكاسات على لبنان وكيفية التعامل مع القانون لتفاديها، من دون إلحاق الأذى بالاقتصاد اللبناني الذي يحتاج النافذة البرية الوحيدة التي توفرها له الحدود مع سورية، بينما قالت مصادر سياسية متابعة إن هذا الملف سيكون حاضراً على جدول أعمال الاجتماع الموسّع الذي سيشهده قصر بعبدا، بدعوة من رئيس الجمهورية ميشال عون، لصياغة موقف وطني جامع يحمي ما ستتخذه الحكومة من خيارات بغطاء عابر للانقسامات السياسية والطائفية. وفي هذا السياق لحظت المصادر الدور المحوري الذي يلعبه رئيس مجلس النواب نبيه بري لنزع الألغام من طريق اللقاء الجامع في بعبدا، عبر استقبالات ولقاءات، كان أبرزها أمس، اللقاء مع رئيس تيار المردة الوزير السابق سليمان فرنجية، بعدما شملت رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري.
وقالت المصادر إن العقدة لا تزال باتجاه رؤساء الحكومات السابقين لمقاطعة اللقاء، انطلاقاً من تحليل يقوم على اعتبار اللقاء تعويماً سياسياً للحكومة، وتوفيراً لغطاء سياسي جامع حول رئيس الجمهورية، بدون أي ثمن سياسي للمعارضين لكل من الرئيس والحكومة، بينما المقاطعة تحول دون ذلك وتبقي خيار المواجهة متاحاً لمعارضي العهد والحكومة، ويسعى الرئيس بري ليكون جدول أعمال اللقاء قادراً على منح رؤساء الحكومة السابقين، سبباً للحضور والمشاركة، وهو ما تقترح أوساط معنية باللقاء قريبة من الرؤساء السابقين وفقاً لمصادر متابعة، ان يكون وضع استراتيجية وطنية للإنقاذ، تطور بيان بعبدا للنأي بالنفس، وتفتح الباب لمناقشة لاحقة هادئة للاستراتيجية الوطنية للدفاع، التي تتضمن مقاربة سلاح المقاومة من هذا الباب، بصورة تخاطب الخارج الغربي والعربي بلغة تتيح التفاوض على تفاهمات قابلة للحياة. وقالت المصادر إن هذه الأفكار لا تزال قيد التداول، وإذا تحقق أي اختراق من خلالها يمكن لحضور رؤساء الحكومات السابقين أن يجد طريقاً للتحقق.
على الصعيد المالي، قالت مصادر حكومية إن التجربة الفاشلة للأيام الماضية لضخ الدولارات في السوق، وما نتج عنها من فوضى ونزيف للعملات الصعبة، ومضاربات جديدة خلقتها “لعبة” الـ 200$ التي حوّلت اللبنانيين إلى مضاربين على عملتهم الوطنية سيتم إيقافها اليوم، وإن تأمين الدولارات اللازمة للاستيراد سينتقل من الصيارفة إلى المصارف ويحصر بالسلع الضرورية، من خلال اعتماد المصارف لتاريخ وسجلات زبائنها في تقدير حجم المبالغ اللازمة لتغطية حاجاتهم للاستيراد، بعد الحصول على موافقة وزارة الاقتصاد على اعتماد السلع المستوردة ضمن قائمة الضروريات المعتمدة من الوزارة.
أما وقد تداول مجلس الوزراء بتداعيات قانون قيصر وتأثيراته على لبنان وكيفية التعاطي معه من منطلق الحفاظ على مصلحة لبنان أولاً وأخيراً، كما قال رئيس الحكومة حسان دياب، حددت رئاسة الجمهورية هدف اللقاء الوطني المقرر عقده الخميس 25 حزيران الحالي في قصر بعبدا، بـ»التباحث والتداول في الأوضاع السياسية العامة والسعي للتهدئة على الصعد كافة بغية حماية الاستقرار والسلم الأهلي، وتفادياً لأي انفلات قد تكون عواقبه وخيمة ومدمّرة للوطن، خصوصاً في ظل الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي لم يشهد لبنان مثيلاً لها».
ووجّهت المديرية العامة للمراسم في رئاسة الجمهورية دعوات خطية باسم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للمدعوين الى اللقاء وهم: رئيسا المجلس النيابي ومجلس الوزراء، رؤساء الجمهورية السابقون، رؤساء الحكومة السابقون، نائب رئيس مجلس النواب، رؤساء الأحزاب والكتل الممثلة في مجلس النواب.
واستغربت مصادر بعبدا لـ «البناء» كيف أن البعض يحاول ضرب الحوار قبل أن ينعقد، مشيرة الى أن الحوار ضروري للوصول الى تفاهم للوصول الى مشاركة الجميع في عملية الإنقاذ، وبالتالي فإن تردد البعض مرده الخلاف السياسي الحاصل والبعض الآخر يحاول الهروب من حضور الحوار لأسباب شخصية مصلحية. ولفتت المصادر الى ان الحاجة أكثر من ضرورية للتفاهم والتركيز على أهمية المحافظة على الاستقرار لا سيما أن الوضع الراهن نتاج سياسات السلطات المتعاقبة، وبالتالي فإن التحديات كبيرة تفرض العمل وفق منطق ورؤية جديدة إنقاذية لا سيما أن الوضع الاقتصادي صعب وخطير وينذر بالأسوأ.
وأفيد أن رئيس مجلس النواب نبيه بري يضغط باتجاه لقاء بعبدا ويتواصل مع كل رؤساء الكتل النيابية ورؤساء الحكومات السابقين من أجل إقناعهم بالمشاركة. وفي السياق حط رئيس تيار المردة أمس في عين التينة وبيت الوسط، ولفت إلى أن «الرئيس نبيه بري بيمون على أكتر من حوار»، ولكن ليس هو مَن يدعو إلى بعبدا بل هو مَن أبلغنا به»، معتبراً أن «الأهم اليوم هو التضامن الوطني للخروج من المرحلة الصعبة وسنقرر لاحقاً ما إذا كنا سنشارك في لقاء بعبدا ونحن ندرس الموضوع». وأكد أن الرئيس بري أبلغه بالدعوة الى اللقاء الوطني الذي سيعقد في القصر الجمهوري. وبعد لقائه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، قال فرنجية: هناك وقت حتى لقاء بعبدا والأهم أن يكون هناك وفاق وطني وأن يكون أي اتفاق حقيقياً وليس شكلياً». وعن مشاركته في حوار بعبدا، قال «لا أحد يشاركني في القرار وما زلت أفكّر». اما الحريري فقال رداً على سؤال عما إذا كان بإمكان فرنجية أن يقنعه بالمشاركة في اجتماع بعبدا: «يمكن يقتنع فرنجية برأيي».
اعتبر الرئيس نجيب ميقاتي أن الحوار بين اللبنانيين أكثر من ضرورة في ضوء الأوضاع المأسوية التي يعيشها اللبنانيون على الصعد كافة، ولكن الحوار من دون رؤية واضحة وجدول أعمال محدد، أو لمجرد اللقاء والاستعراض ليس مفيداً لا بل سيحبط اللبنانيين أكثر مما هم محبطون. وقال أمام زواره في طرابلس: في اجتماعنا الأخير نحن رؤساء الحكومات اتفقنا على استمرار التشاور لمعرفة ما سيكون عليه جدول اللقاء واستكمال تلقي الدعوات قبل تحديد الموقف النهائي من الدعوة، لا سيما أن اللقاءات الحوارية السابقة بقيت حبراً على ورق لا بل يتم تجاوزها بأداء حكومي وسياسي يشهد الجميع أنه متخبّط ويستكمل نمط المحاصصة والمحسوبية. وأكدت مصادر الرئيس تمام سلام أنه لا يشارك في لقاء استعراضي لن يتخذ قرارات حقيقية، «منها ما كان يجب أن يُتخذ مثل التشكيلات القضائية التي يعتبرها سلام من أبرز مقتضيات بناء الدولة والقضاء المستقل». وأشارت المصادر الى ان سلام يتساءل: «الحوار حول ماذا؟ هل حول خطة الكهرباء التي تراجعوا فيها عن قرار لمجلس الوزراء بتأجيل بناء معمل سلعاتا؟ أم عن تعيينات المحاصصة الواضحة؟». ويقول سلام بحسب المصادر «ما لم تكن هناك خطوات عملية مباشرة للحوار لإنقاذ البلاد مما تتخبّط فيه، فلا جدوى للحوار».
وأكّدت مصادر اللقاء التشاوري أن التشكيك بالميثاقية السنية لأي اجتماع يحضره رئيس مجلس الوزراء الموجود في سدة الحكم هو انتقاص خطير وغير مسبوق لصلاحيات رئيس الحكومة ولمقام رئاسة مجلس الوزراء. وشدّدت مصادر اللقاء في هذا الإطار بأن الميثاقية الدستورية التي يمثلها رئيس مجلس الوزراء بشخصه تفوق ميثاقية ودستورية كل الأحزاب السنية مجتمعة، وأي إخلال في هذه القاعدة التي قام عليها لبنان هو هرطقة غير مسبوقة لتحويل الميثاقية الى مرادف خفيّ غير معلن للفيدرالية المذهبية.
وقرّر مجلس الوزراء الطلب الى وزير الطاقة والمياه وخلال مهلة أقصاها شهر من تاريخه، استطلاع موقف الدول التي تريد التعامل مع الدولة اللبنانية لشراء المحروقات، «فيول أويل» و»غاز اويل»، وإطلاع مجلس الوزراء على النتيجة لاعتماد آلية المفاوضات المباشرة من دولة الى دولة ومن دون أي وسيط، وضمن القرار نفسه، ثانياً: تعديل قرار مجلس الوزراء رقم 7/2020، بتاريخ 19/3/2020 لجهة ما ورد فيه أن تكون الصفقة من دولة الى دولة ومن دون أي وسيط بحيث تصبح الصفقة من خلال مناقصة دولية تشترك فيها شركات نفط وطنية وعالمية.
قرر المجلس السماح لمنشآت النفط وبمهلة أقصاها 31 آب 2020 بالاستعانة بآلية (سبوت كارجو) لتأمين الكميات اللازمة من المشتقات النفطية للسوق المحلية بشكل سريع، ريثما تنجح المناقصات المطروحة والعودة الى العمل بحسب الأصول. كلّف مجلس الوزراء وزير الطاقة ريمون غجر استطلاع ما اذا كان هناك من دول مهتمة للدخول بمناقصة جديدة مكان شركة سوناطراك وذلك ضمن مهلة شهر. وقال غجر: إن مجلس الوزراء أكد أنه لن يتم تجديد العقد مع شركة سوناطراك، ودفتر الشروط أصبح جاهزاً تقريباً ونناقشه مع دائرة المناقصات وسيتم تعديل أمور عدة في الدفتر.
الى ذلك استعرضت لجنة المال خلاصات عمل اللجنة الفرعية كافة (تقصي الحقائق) وبعد العرض والشرح لسائر المعطيات التي بحثتها اللجنة الفرعية لناحية الأرقام والمقاربات تم تحديد أرقام تقريبية هي نتيجة خلاصة عمل بمشاركة الجهات المعنية كافة من وزارة المال، مصرف لبنان، جمعية المصارف. ووافقت اللجنة على الأرقام والمقاربات التي وصلتها لجنة تقصي الحقائق، هذا وسوف يرفع رئيس لجنة المال إبراهيم كنعان الى رئيس مجلس النواب نبيه بري التقرير الصادر عن لجنة تقصي الحقائق خلال اليومين المقبلين.
وليس بعيداً، أكّدت مصادر السراي أنّ رئيس الحكومة لم يطّلع بعد على الأرقام التي اتفق عليها خلال لجنة المال، ولكن هذه المسألة وطنية وتتطلب شراكة من الجميع. ولفتت الى أن الخطة المالية غير منزلة وقابلة للتطوير.
وفيما يستكمل اليوم في السراي الحكومي اجتماع رئيس الحكومة حسان دياب والوزراء المعنيين بالملف المالي الحوار مع وفد المصارف، ويتابع المعنيون اليوم «عبر غرفة الطوارئ، لملاحقة المخالفين والأشخاص المرتكبين، وسوف يتم رصد في اجتماع خلية الأزمة، الآلية ومدى نجاحها على أن تكون هناك قرارات جديدة».
الى ذلك اعلن متحدث باسم صندوق النقد الدولي أن الصندوق ما زال يجري نقاشات مع لبنان بشأن ترتيبات تمويل محتملة، مضيفاً أن من السابق لأوانه الحديث عن حجم أي برنامج. وامتنع المتحدث جيري رايس عن الإدلاء بأي تفاصيل عن الإصلاحات التي يريدها الصندوق لكي يوافق على برنامج، لكنه قال إن الحكومة اللبنانية بحاجة إلى تطبيق إصلاحات شاملة ومنصفة في مجالات عديدة.