خريطة طريق لإنقاذ لبنان
} أحمد بهجة*
الكلمة العميقة والدقيقة التي وجّهها سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مساء الثلاثاء الفائت إلى اللبنانيين هي بمثابة خريطة طريق لإنقاذ لبنان وإخراجه من كلّ أزماته، ولمنع أيّ أحد من أخذ الشعب اللبناني رهينة لأيّ مشروع معادٍ على حساب مصلحة لبنان واقتصاده ومستقبل أبنائه.
وعليه بات من الضروري أن تحسم الحكومة أمرَها وتأخذ القرار الصائب بعدم الاتكال فقط على المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، لأنّ هذه المفاوضات صعبة ومعقدة وقد تطول إلى أمد لا يستطيع اللبنانيون انتظاره في ظلّ التعقيدات المتزايدة في حياتهم اليومية نتيجة الغلاء الذي لم يعد محمولاً على الإطلاق.
إنّ الشروط المعلنة والمعروفة لصندوق النقد الدولي لها علاقة بالأمور السياسية أكثر من الاقتصادية والمالية، وهذا ما ألمح إليه رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب. ورغم ذلك لا يدعو أيّ من الأفرقاء في الحكومة وخارجها إلى وقف هذه المفاوضات، بل على العكس، فلتستكمل ولتأخذ الوقت الذي تحتاجه حتى لا يُقال في أيّ يوم إنّ هناك طرفاً ما عارض المفاوضات وفوّت على البلد فرصة الاستفادة من الصندوق.
لكن هذه المفاوضات لا يجوز مطلقاً أن تعطل التفكير وأن توقف البحث في أيّ مبادرة من شأنها أن تسهم في إيجاد حلول لهذا الكمّ الهائل من الأزمات الذي ينزل كالصواعق على رؤوس اللبنانيين.
من هنا أتت مبادرة وزير الصناعة الصديق الدكتور عماد حب الله حين طرح على الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء ضرورة التوجه شرقاً، لأنّنا بالتعاون مع الصين نستطيع أن نوفر الحلول للكثير من المشاكل القديمة والمزمنة في لبنان، ومن دون أن تتكبّد خزينة الدولة اليوم أيّ تكاليف، خاصة أزمة الكهرباء التي تكاد تكون عصية على الحلّ منذ ثلاثين سنة، وأيضاً يمكن حلّ مشكلة المواصلات سواء بإنجاز الأنفاق أو سكك الحديد في الداخل اللبناني وأيضاً بين لبنان وسورية والعراق والأردن، الأمر الذي يعني حياة جديدة لاقتصادنا الوطني وقطاعاته الإنتاجية كلها وخاصة الصناعة والزراعة لأنّنا عندها نتحدث عن سوق واحدة من نحو ثمانين مليون نسمة.
وفي التوجه شرقاً أيضاً هناك حلّ لمشكلة المحروقات، وروسيا على لسان سفيرها النشيط في لبنان ألكسندر زاسيبكين تبدي كلّ استعداد لذلك، كما أنّ السيد نصرالله طرح حلّ شراء المحروقات من إيران بالليرة اللبنانية، وهل هناك عاقل يمكنه رفض هذا الطرح، خاصة أننا نستورد من المحروقات سنوياً بين 4 و 5 مليارات دولار، (فيول وبنزين ومازوت وغاز…) بمعنى أننا إذا استوردنا من إيران بالليرة، ومن روسيا بتسهيلات معيّنة، فإننا خلال سنتين فقط نوفر ما نطلب أن نقترضه من صندوق النقد الدولي في خمس سنوات.
على أيّ حال، هناك الكثير من التفاصيل على هذا الصعيد، لكن المهمّ أن قطار المعالجات قد انطلق، وأنّ مجلس الوزراء تجاوب بالإجماع مع طرح الوزير حب الله، على أن يتمّ في وقت قريب استكمال التفاصيل المتعلقة بكلّ مشروع، ليلمس بعدها اللبنانيون أنّ هناك فعلاً مَن يعمل لإخراج البلد واقتصاده وناسه من هذا النفق المظلم إلى النور…
*خبير مالي واقتصادي