خيار التوجه شرقاً أسوة بالعلاقة مع الغرب… تحميه المقاومة
الدول النامية تستطيع أن تأخذ الأفضل لمصلحتها لناحية تحقيق التنمية الداخلية بأن تنوّع اقتصادها وتزيد من إنتاجها واعتمادها على ذاتها وتقلل من اعتمادها على الخارج
} حسن حردان
مجدّداً تتأكد أهمية المقاومة والمعادلة الذهبية: «جيش وشعب ومقاومة»، في مواجهة الحرب الاقتصادية الأميركية.. فكما انّ المقاومة وبالاستناد إلى المعادلة الذهبية نجحت في تحرير الأرض والمياه وحماية ثروات لبنان النفطية والغازية والمائية من الأطماع الصهيونية الساعية للسطو عليها، فإنها قادرة على حماية قرار لبنان في تنويع خياراته الاقتصادية، داخلياً وخارجياً، التي يمكن ان يسلكها لحلّ أزماته، والمفاضلة هنا بين الخيارات الاقتصادية ليست محكومة بالاتجاهات السياسية للدول التي يمكن أن يقيم معها لبنان علاقات اقتصادية وتجارية، ويستفيد من إمكانياتها لإيجاد الحلول المزمنة لأزماته المتعدّدة… وإنما تنطلق من القاعدة التي باتت تتبعها كلّ الدول في العالم، كبيرها وصغيرها في السعي الى تحقيق مصلحتها…
فلماذا تلجأ الدول إلى التمييز بين علاقاتها الاقتصادية، وعلاقاتها السياسية؟
ولماذا لبنان بحاجة ماسّة إلى تنويع علاقاته الاقتصادية مع دول العالم انْ كانت في الشرق أو في الغرب؟
أولاً، تلجأ الدول إلى إقامة علاقات اقتصادية مع بعضها، رغم عدم التفاهم السياسي في ما بينها، وحتى رغم الصراع السياسي، ومثال على ذلك أميركا والصين، ودول الغرب والصين، وروسيا وبالعكس.. والسبب انّ هذه الدول تسعى الى زيادة معدلات نموها من جهة، والاستفادة من مزايا التطوّر لدى بعضها البعض من جهة ثانية، فالصين وروسيا حققتا فائدة بالحصول على التكنولوجيا وتوطينها في أراضيهما، وفي زيادة معدلات تصدير منتجاتهما إلى الخارج، والدول الغربية الأخرى حققت بدورها زيادة في الاستثمار وإقامة المشاريع الاقتصادية وبالتالي زيادة عائداتها.. هذا على صعيد الدول القوية اقتصادياً…
أما على صعيد الدول النامية فهي أكثر حاجة لذلك لأنها تستطيع من خلال هذا التنوّع أن تأخذ الأفضل لمصلحتها لناحية تحقيق التنمية الداخلية بأن تنوّع اقتصادها وتزيد من إنتاجها واعتمادها على ذاتها وتقلل من اعتمادها على الخارج، الى جانب تطوير قطاعاتها وبناها الخدمية من ناحية.. والتخلص من واقع التبعية الاقتصادية للدول الاستعمارية التي تريدها ان تبقى متخلفة وفي احتياج دائم لها لضمان استمرار خضوعها لسياساتها..
ولهذا فإنّ مفتاح خروج لبنان من الأزمات يبدأ من:
1 ـ التنمية الاقتصادية وتقليص الاعتماد على الخارج.. ايّ ردم الهوة الكبيرة بين الاستيراد والتصدير…
2 ـ تنويع العلاقات الاقتصادية مع دول العالم وعدم حصرها بدول محدّدة ذات اللون والاتجاه الواحد.. بحيث يتمكّن لبنان من الحصول على أفضل العروض لحلّ مشكلاته الخدماتية وإعادة تأهيل وتطوير البنى التحتية، من جهة، وتوفير احتياجاته الاساسية لا سيما من النفط والغاز..
انّ اعتماد مثل هذه السياسة الاقتصادية داخلياً وخارجياً هي التي تحرّر لبنان من التبعية وتجعله قادراً على اتخاذ قراراته بناء على مصلحته..
واليوم يستطيع لبنان ان يسلك هذا الاتجاه للخروج من أزماته المالية والاقتصادية والخدمية والاجتماعية والمعيشية.. بفعل توافر عاملين مهمّين:
العامل الأول، مقاومة تملك القدرة على حماية خيارات وقرارات لبنان الاقتصادية التي تنسجم مع مصلحته.. وهذه المقاومة يهابها العدو الصهيوني.. ولهذا لا يجرؤ على القيام بايّ اعتداء على لبنان او محاولة السطو على ثروته النفطية والغازية والمائية..
العامل الثاني، وجود عرض مغر من جمهورية الصين الشعبية لحلّ أزمات لبنان وإخراجه من الضائقة التي يعاني منها، وهذا العرض يتضمّن تنفيذ مشاريع هامة من معامل كهرباء وسدود وشرق طرقات ونفق شتورا وبناء شبكة سكك حديد ومعامل كهرباء ومعامل لمعالجة وفرز النفايات، وتأهيل المرافئ وبناء مرفأ جديد، إلى جانب فتح مصرف للشركات الصينية وتقديم قرض مالي سريع يناهـــز الـ 15 مليار دولار، هذا العرض المغري ميزته انه بلا شروط وتنفـــيذه فوري.. وليس هناك من دولة أخرى في العالم قدّمت مثيلاً لهذا العرض، او حتى قريباً منه، فكلّ ما يعرض على لبنان حتى الآن مجرد وعود بقروض محتملة مشروطة بتنفيذ جملة من الإصلاحات التي تلبّي مصلحة الدائنين من صندوق النقد الدولي او مؤتمر «سيدر»…