«الإله في اجازة طويلة» لجعفر العطار… استهلاكٌ سلسٌ للأفكار
} نبيل مملوك
لطالما تجسّد الصراع بين العدميّة والوجودية على متن الزمن بأشكال متفاوتة ولطالما كان دقيقاً الحديث عن الله ووجوده والغوص في التأويلات والتفسيرات العلمية والأدبية واللغوية والكثير الكثير من الكتّاب قد خبّأوا قنابلهم الاستفهاميّة أي التساؤلات وأشهروا جرأتهم داخل النصّ إلا جعفر العطّار الذي فخّخ روايته «الإله في إجازة طويلة» الصادرة عام 2017 بدءاً من العنوان وصولاً إلى المطلع وليس انتهاء بعمق النصّ… الرواية مفخّخة بثلاثية العنوان / الجنس والوقاحة الأدبية التي مسّت باتحادها الذات الإلهية…
يطرح الكاتب عبر أزاد الشخصية الأساس كل ما يريد قوله… فهو الشخصية الرافضة لوجود ابن له على قيد حياة يشكك في تكاوينها وملامحها… أزاد العبثيّ المضطرب جنسياً المريض بأناه يقودنا بأسلوب سلس وواضح نحو فكرة انتقاله من حب «القائد» وبيئته المحافظة إلى العدميّة وطريقة الارتداد عن هذه البيئة الجهادية العقائدية… يطرح جعفر العطار ضمن لوحة زمنية متناسقة مفهومة بمساعدة شخصيات قليلة بين كل واحدة منها مساحة شاسعة كـ»مدام كسنجر»، «علي»، «أحمد» و»كاتيا»… قصة يحاول من خلالها إفهامنا ما يختلجه لكنه فشل… فشل الكاتب في طرح الجديد واكتفى بإعادة القديم… باسطًا وقاحته الأدبية عبر محاكاة الإله والكلام عليه من دون أي ديباجات أو رنات تهذيبية… لم يراعِ مشاعر أحد أزاد… عبر عن «خربشاته» من دون أي تجديد فكري… أسئلة نسمعها كثيراً، أسئلة ننساها لفترة وجيزة، لكننا نتذكّرها فوراً ومع كل موقف يومي هذا من ناحية «التمرّد على الله»…
أما من ناحية الجنس فقد أظهر العطّار لغة يحكيها كل شاب منفعل جنسياً علناً… خدش الحياء بقوة مظهراً علاقته بـ»كاتيا» الأربعينية زمناً العشرينية روحًا… مشوّهاً المحجوب مجتمعيًا كاسرًا السكون الذي اعتدناه مانعاً عن الحرية الكلامية سقفاً وربما هذا ما يبرر منع الرواية عن الظهور في عدد من مكتبات العالم العربي.
يلخص الكاتب ما يكتمه هو والكثيرون من الخارجين عن المنطق العام بشكل وتقنيات نظيفة وسليمة بل صلبة وسلسة، لكنه تعثّر بصخور التقليد والاستهلاك ليظهر كمغني أوبرا يصرخ من دون أن يطربنا… والسؤال لما لمْ يتمادَ الكاتب في حواره مع اخيه علي مظهرًا تلاحم العدمية والوجودية؟ هل هذه التفاصيل انتظرت الكثير في دفتر ازاد لتخرج الى العلن؟
النهاية كانت عبثية لم تنته بانتصار الوجود أو العدم كنهايات الأفلام العربية الركيكة …الرواية مجروحة بالاستهلاك والفراغ.
جعفر العطار قد حفظ ماء وجه النصّ أديباً من دون أن يرويه بزمزم التجديد.