«سدّ النهضة» إلى مجلس الأمن.. وإثيوبيا تتهم مصر بالمقامرة!
لا يزال سد النهضة الأثيوبي يشكل أزمة بين دول النيل، بعد أن وصلت المفاوضات الثلاثية إلى طريق مسدود، وما تزال مصر متمسكة بحقها الكامل في مياه النيل، داعية مجلس الأمن الدولي إلى «التدخل في حل الأزمة»، التي تشكل مصدر توترات إقليمية وتخشى القاهرة عواقبها على إمداداتها من الماء.
فيما اتهمت إثيوبيا مصر بـ»المقامرة السياسية» في قضية سد النهضة، وقالت إنها «ستملأ بحيرة سد النهضة باتفاق أو بدونه».
وأفادت وسائل إعلام إثيوبية، أمس، بأن «رئيس الوزراء آبي أحمد اجتمع مع قادة الجيش لبحث استراتيجية جديدة للدفاع».
وقال رئيس الوزارء الإثيوبي عقب الاجتماع: «أجرينا مع الضباط العامين في قوات الدفاع الوطني مناقشات مثمرة حول استراتيجية الدفاع الجديدة وأنشطة البناء المؤسسي».
ويأتي هذا الاجتماع بعد إعلان مصر الجمعة الماضي، أنها «تقدمت بطلب رسمي إلى مجلس الأمن الدولي تدعو فيه المجلس إلى التدخل لمساعدة الدول الثلاث مصر وإثيوبيا والسودان في إيجاد حل لأزمة سدّ النهضة الإثيوبي».
وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري، أول أمس، إنه «وجه خطاباً إلى المندوب الفرنسي لدى مجلس الأمن الدولي بصفته الرئيس الحالي للمجلس بشأن الأزمة، أكد فيه أن القاهرة اضطرت لإحالة القضية إلى المجلس بعد أن استنفدت كل سبل التوصل إلى حل ودي للوضع عبر الاتفاق».
يأتي ذلك في وقت تتعثّر المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا. وفشلت الدول الثلاث في التوصل إلى اتفاق بينها، ولا سيّما على آلية تقاسم المياه.
وذكر بيان للخارجية المصرية، أنّ «مصر اتّخذت هذا القرار في ضوء تعثر المفاوضات التي جرت مؤخّراً حول سدّ النهضة، نتيجة للمواقف الإثيوبيّة غير الإيجابية وعدم توفر الإرادة السياسية لدى إثيوبيا وإصرارها على المضي في ملء سد النهضة بشكل أحادي».
من جهتها اتهمت إثيوبيا مصر بـ»المقامرة السياسية»، وقال وزير الخارجية الإثيوبي غيدو أندارغاشو إن «أديس أبابا ستملأ بحيرة سد النهضة باتفاق أو بدونه».
وأشار إلى أن «إثيوبيا لن تتوسل مصر والسودان للسماح باستغلال موارد بلاده المائية»، على حد تعبيره.
وأضاف وزير الخارجية الإثيوبي أن بلاده «ملتزمة بالجدول الزمني لملء سد النهضة مهما كانت العواقب وليست ملزمة بالتوصل إلى اتفاق مع مصر والسودان قبل ملء السد».
وقال الوزير الإثيوبيّ: «هذا السدّ يجب أن يكون سبباً للتعاون والتكامل الإقليميّ وليس سبباً للجدال والحرب. المصريّون يبالغون في دعايتهم بشأن قضية السدّ ويلعبون مقامرة سياسيّة. يبدو أن بعضهم يتوق إلى اندلاع حرب»، وفق أسوشيتد برس.
وأضاف غيدو: «قراءتنا هي أن الجانب المصري يريد أن يملي ويسيطر حتى على التطورات المستقبلية على نهرنا. لن نطلب الإذن لتنفيذ مشاريع تنموية على مواردنا المائية. هذا أمر غير مقبول من الناحية القانونية والأخلاقية».
وقال إن «إثيوبيا عرضت ملء السد في غضون أربع إلى سبع سنوات، مع الأخذ في الاعتبار احتمال انخفاض هطول الأمطار».
وما زالت الخلافات مستمرة في موضوع سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا، حيث أعلنت وزارة الموارد المائية والري السودانية قبل يومين «استمرار الخلافات خاصة في الجوانب القانونية»، مشيرة إلى أن «الخرطوم الأكثر تأثراً بمشروع سد النهضة».
ودعا السودان، أمس، إلى «تجنّب التصعيد في ملف سدّ النهضة الإثيوبي»، عقب إحالة مصر الملف إلى مجلس الأمن الدولي.
وقال وزير الري والموارد المائية السوداني ياسر عباس لعدد محدود من الصحافيين «لا نريد الذهاب الي التصعيد والتفاوض هو الحل الوحيد»، من دون أن يلفت بشكل صريح إلى مسألة إحالة مصر الملف لمجلس الأمن الدولي.
وشدّد عباس على ضرورة توقيع اتفاق بين الدول الثلاث (مصر وإثيوبيا والسودان) قبل بدء أديس أبابا ملء بحيرة السد في الأول من تموز المقبل، بناء على ما تم الإعلان عنه، مضيفاً أن «توقيع اتفاق (يُعدّ) شرطاً أساسياً بالنسبة لنا للبدء في ملء السد، من حق السودان أن يطالب باتفاق قبل الملء».
كما أوضح عباس أنه «تمّ التوافق على القضايا الفنية»، لكنه أشار إلى «وجود نقاط قانونية عالقة».
وكان السودان اقترح إحالة المفاوضات مع مصر وإثيوبيا حول سد النهضة، إلى رؤساء وزراء الدول الثلاث، بعدما لم يتم تحقيق تقدم في الجولة الأخيرة من المحادثات.
وتقول إثيوبيا إنّ «الكهرباء المتوقع توليدها من سد النهضة الذي تبنيه على النيل الأزرق لها أهمية حيوية من أجل الدفع بمشاريع تنمية في البلد البالغ عدد سكانه أكثر من 100 مليون نسمة».
لكنّ مصر تقول إنّ «السد يهدّد تدفق مياه النيل التي ينبع معظمها من النيل الأزرق، ما يحمل تداعيات مدمرة بالنسبة لاقتصادها ومواردها المائية والغذائية». ويوفر النيل 90 في المئة من مياه الشرب والري التي تحتاج إليها مصر، البالغ عدد سكانها 100 مليون نسمة.
من جهته، أشار المفاوض القانوني السوداني هشام كاهن إلى «تراجع إثيوبيا عن المسائل التي تم الاتفاق عليها في واشنطن».
وقال كاهن «نتفاوض على اتفاقية دولية ملزمة لكل الأطراف. وإثيوبيا تراجعت عما اتفقنا عليه في واشنطن».
ونهاية شباط، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية التوصل إلى اتفاق ودعت إثيوبيا إلى توقيع عليه بينما رأت مصر أنه «عادل ومتوازن».
واتهمت إثيوبيا الولايات المتحدة بأنها «لا تتحلى بالدبلوماسية وتحابي أطرافاً معينة في محاولتها حل الخلاف بشأن سد النهضة».
وبدأت إثيوبيا في بناء السد في العام 2011، ومع الانتهاء منه، سيصبح أكبر سد هيدروكهربائي في أفريقيا.
والأسبوع الماضي، تم استئناف المباحثات مع التفاوض حول أكثر النقاط الخلافية وهي كيفية تشغيل السد في فترات الجفاف وآلية حل النزاعات.
من جهتها، حذّرت مجموعة الأزمات الدولية ومقرّها بروكسل من أنه «في حال عدم التوصل لاتفاق خلال الأسابيع المقبلة سيؤدي ذلك لتصاعد التوترات بين الدول الثلاث ما يزيد صعوبة توصلها لتسوية».