سدّ النهضة.. عودة للتفاوض أم تصعيد كلاميّ! عدم يأس سودانيّ وتحدٍّ مصريّ وإصرار إثيوبيّ
أكدت الخارجية المصرية، في بيان لها، على استعداد الحكومة المصرية الدائم للتفاوض من أجل التوصل لاتفاق حول سد النهضة الإثيوبي «يحقق مصالح الجميع»، حسب ما ورد في البيان.
وقالت الخارجية المصرية، في بيانها الصادر، أمس، تعليقاً على حديث وزير خارجية إثيوبيا حول دوافع لجوء مصر إلى مجلس الأمن باعتباره هروباً من التفاوض، أن «مصر انخرطت في المفاوضات بحسن نية على مدار عقد كامل».
وبحسب البيان، وجهت الخارجية المصرية، ما وصفته بـ«التحدي لإثيوبيا باستئناف المفاوضات فوراً حالة إعلانها الالتزام بتعهداتها الدولية بعدم الملء الأُحادي لسد النهضة».
وكانت الخارجية المصرية، قبل أيام، تقدمت بطلب إلى مجلس الأمن الدولي، دعته فيه إلى «التدخل في الأزمة حول سد النهضة الإثيوبي»، مشيرة إلى قرارها بـ«اللجوء إلى المجلس جاء في ضوء تعثر المفاوضات الأخيرة».
وأرجعت الخارجية المصرية سبب التعثر إلى «عدم توفر الإرادة السياسية لدى إثيوبيا، وإصرارها على المضي في ملء سد النهضة بشكل أحادي بالمخالفة لاتفاق إعلان المبادئ الموقع بين الدول الثلاث في 23 آذار 2015».
ويوم الاثنين الماضي، قال وزير الخارجية المصري إن «استمرار تعنت إثيوبيا قد يضطر مصر إلى بحث خيارات سياسية أخرى، منها التوجه إلى مجلس الأمن الدولي».
وانتهت مفاوضات سد النهضة الأربعاء الماضي دون الوصول إلى اتفاق، بسبب «المواقف الإثيوبية المتعنتة على الجانبين الفني والقانوني».
بدوره، أعلن وزير الخارجية الإثيوبي غيدو أندارغاشيو، أمس، أنه «لا يمكن لأيّ قوة داخلية أو خارجية أن تمنع بلاده من ملء سد النهضة»، متهماً مصر بـ«محاولة تقييد حقوق إثيوبيا»، وسط تصاعد المواجهة بين البلدين حول سد النهضة.
وقال أندارغاشيو إن «إثيوبيا لن تقبل أبداً أي اتفاق يقيد حقوقها المائية في نهر النيل تحت ستار المفاوضات»، مضيفاً أن «إثيوبيا والسودان ومصر لم تتوصل بعد إلى اتفاق بشأن القضايا القانونية على الرغم من اقتراب التفاهم بشأن القضايا التقنية».
وتابع أندارغاشيو بالقول، في مقابلة مع وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية، إن «إثيوبيا تناقش الآن مع البلدين المشاطئين فقط عملية بناء سد النهضة، وليس القضايا المتعلقة بحقوقها في استخدام نهر النيل في قضايا التنمية».
ورأى وزير الخارجية الإثيوبي أن «مصر تحاول تقييد حقوق إثيوبيا المائية في استغلال النهر في غطاء من المفاوضات خلال المحادثات الثلاثية». وقال إن «استخدام مياه النيل يجب أن يعالج من منظور اتفاقية الإطار التعاوني التي تمّ الاتفاق عليها من قبل الدول المشاطئة حتى الآن».
وأضاف أندارغاشيو أن «مصر فضت المفاوضات الثلاثية التي كانت تتمسك بقوانين المياه الدولية ومبادئ الاستخدام العادل والمعقول لمياه النيل». وتابع بالقول إن «إثيوبيا تتمتع بامتياز بموجب الاتفاقية لاستخدام نهر النيل لأغراض التنمية على أساس عادل ومنصف».
من جانبه، قال وزير الري والموارد المائية السوداني، ياسر عباس، إن بلاده «لن تيأس من محاولة التوصل إلى اتفاق بشأن سد النهضة».
وأكد وزير الري السوداني، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية (سونا)، أنه «ما زال يتمسك بموقفه الثابت من أن المفاوضات هي أنجع سبل التوصل إلى تفاهمات بشأن قضية السد».
وأضاف عباس أن «الجانب السوداني أخلص جهوده ولم ييأس من التوصل إلى اتفاق بين الدول الثلاث»، لافتاً إلى أن بلاده «رفعت الأمر لرؤساء الدول، بعد شعورها بعدم وجود تقدم في النواحي القانونية، التي تحتاج إلى قرار سياسي».
وأشار عباس، في لقائه مع عدد من رؤساء تحرير الصحف السودانية، أول أمس، إلى أن «السودان تمسك التوقيع على اتفاق كشرط أساسي قبل بدء ملء سد النهضة، لضمان سلامة وتشغيل سد الروصيرص السوداني».
من جانبه، قال رئيس الجهاز الفني في المفاوضات، الدكتور صالح حمد، إن «السودان ليس وسيطاً في مفاوضات السد، وإنما طرفاً أصيلاً يسعى للحفاظ على حقوقه المائية التاريخية، المقدرة بأكثر من 18 مليار متر مكعب من مياه نهر النيل».
في حين لفت مسؤول الشؤون القانونية في الجانب السوداني، هشام كاهن، أن «الخلافات تركزت على مسائل قانونية، لا سيما مع رفض أحد أطراف التفاوض تكوين آلية لفض النزاعات، ومدى إلزامية الاتفاق للدول الثلاث».
وتعتزم إثيوبيا البدء في ملء خزان سد النهضة في تموز المقبل، بينما تخشى مصر من تأثير ذلك على حصتها السنوية (55,5 مليار متر مكعب من المياه).
وكانت الدول الثلاث على وشك التوصل إلى «اتفاق شامل» برعاية أميركية خلال مفاوضات أجريت في واشنطن، إلا أنها تعثرت في اللحظات الأخيرة. وحينها، رحّبت به مصر ورفضته إثيوبيا وتحفظ عليه السودان.