تهديد السيد نصرالله… وتراجع نتنياهو عن الضمّ
ناصر قنديل
– إطلالتان نوعيّتان للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، واحدة رسم خلالها معادلة زوال كيان الاحتلال، بعدما صار بقاء الكيان مرهوناً بالحماية الأميركية، كاشفاً أحد أسباب الدعوة لرحيل الأميركيين عن المنطقة، وأحد أسباب التحرشات العسكرية لجيش الاحتلال في سورية بهدف تفجير مواجهة يتورط الأميركيون فيها بدلاً من الرحيل، متحدثاً هنا عن فرضية أسماها بالحرب الكبرى التي يستعدّ لها محور المقاومة. وإطلالة ثانية تناول فيها العقوبات الأميركية، وصولاً إلى وصفها تهديد بالقتل ردّ عليه بمعادلة القتل ثلاثاً، وفهمت من دوائر القرار في كيان الاحتلال إعلاناً ضمنياً عن اكتمال جهوزية ما وصفه السيد نصرالله في إطلالته السابقة بمستلزمات الحرب الكبرى. بعد الإطلالتين جاء الفيديو الذي عمّمه الإعلام الحربي وفيه إحداثيات لمواقع حيوية في الكيان، مرفقة بعبارة «أنجز الأمر»، التي سبق للسيد نصرالله استعمالها في تأكيد امتلاك المقاومة للصواريخ الدقيقة، التي كانت محور تساؤل قادة الكيان، وسعيهم لمنع المقاومة من امتلاكها.
– الاستخلاص الرئيسي لتتابع الإطلالتين ورسالة الإعلام الحربي خلال أقل من شهر، هو أن هناك مرحلة جديدة دخلها محور المقاومة، يعلنها السيد نصرالله، عنوانها أولاً، جهوزية ميدانية ولوجستية لمواجهة من نوع جديد، بعد مرحلة كان سعي المقاومة خلالها لتفادي التورط في المواجهات لمنح الأولوية لاستكمال هذه الجهوزية، وهذا يعني أن على قادة الكيان الآن أن يقيموا حساباتهم جيداً قبل أي مناوشة أو تحرش، لأن الأمور قد تغيّرت، وللمرحلة الجديدة عنوان ثانٍ هو أن مواجهة تبعات وتداعيات صفقة القرن، لن تقتصر بالنسبة لمحور المقاومة على الساحات السياسية والشعبية، إذا ما أقدمت قيادة كيان الاحتلال على ارتكاب حماقات تفجر غضب الشارع الفلسطيني، كالإقدام على ضمّ الأجزاء التي تبلغ مساحتها ثلث الضفة الغربية إلى الكيان، وفقاً لنصوص صفقة القرن. أما العنوان الثالث للمرحلة الجديدة، فهو أن التعامل مع العقوبات المالية، سيتمّ بصفتها وجهاً من وجوه الحرب، وسيتم تحديد قواعد اشتباك تشبه تلك القائمة في الميدان العسكري، بحيث يتم تصنيف حجم الأذى الناتج عن العقوبات، وما يوازيه من رد في الميدان الذي تمسك المقاومة بزمام المبادرة فيه، وهو الميدان العسكري.
– حتى الآن، لم تظهر إشارات توحي بأجوبة أو مشاريع أجوبة، على تأثير كلام السيد نصرالله على المسار المالي، بينما تتوقع بعض الجهات المهتمة بجس النبض الأميركي أن يظهر الأثر مرونة أميركية في مفاوضات صندوق النقد الدولي مع لبنان من جهة، ومن جهة موازية في عدم ممارسة ضغوط على لبنان للالتزام بالعقوبات على سورية، لكن أثر كلام السيد نصرالله، على حسابات قادة الكيان لقواعد اشتباك جديدة في سورية، لا يجوز خلالها استسهال مواصلة التحرشات، لأنها قد تنزلق إلى حيث لا يمكن التوقع، أظهرته النقاشات التي حفلت بها وسائل إعلام الكيان، أما الأثر الثاني على مسار ترجمة صفقة القرن، فقد حملت الصحف العبرية توقعات ومعلومات تفيد بتراجع حكومة بنيامين نتنياهو عن مشروع ضم 33% من الضفة الغربية، والتفكير بإعلان رمزي عبر ضمّ 3% فقط، بينما كان لافتاً كلام معاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد شنكر عن تقديره لعقلانية نتنياهو، بتأجيل التفكير بضمّ أجزاء أساسية من الضفة الغربية، محاولاً تصوير ذلك نوعاً من المراعاة لحكام الخليج، بصورة تثير ضحك من يسمع، ويعلم أن لا شيء يدفع قادة الكيان والأميركيين لإعادة الحسابات، إلا الشعور بالخوف والذعر، وهو ما فعلته معادلات السيد نصرالله، وليس تغريدات وزير دولة خليجي، وصار مثلها مضحكاً ما قيل عن ربط العقوبات بالسعي للتغطية على إجراءات ضمّ الضفة الغربية.