المعلم: لا ترسيم ولا قوات دوليّة للحدود مع لبنان… بل تعاون إن أرادت الحكومة اللبنانيّة / لقاء تضامنيّ في السفارة السوريّة: رعد وخليل وحردان ومراد لمواجهة العقوبات بالتكامل / اجتماع بعبدا بمَن حضر… بغياب الحريريّ وفرنجيّة وجعجع… وعون: فليتحمّلوا المسؤوليّة /
كتب المحرّر السياسيّ
بينما تبدو المنطقة على موعد مع الكثير من مظاهر التسخين السياسي والأمني، على إيقاع الشد والجذب بين دول وقوى محور المقاومة من جهة وواشنطن وجماعاتها من جهة موازية، كلما اقترب موعد الاستحقاق الرئاسي الأميركي، بعد ثلاثة شهور، حيث إدارة الرئيس دونالد ترامب العاجزة عن تحقيق إنجازات داخلية تحاول استثمار أوضاع المنطقة للإيحاء بعناصر قوة تريد تظهيرها داخلياً؛ وبالمقابل تجد قوى محور المقاومة أن إضعاف القدرة الأميركية في المنطقة بمواجهة عنجهية ترامب وإدارته فرصة لا يجب تفويتها في الأيام الانتخابية لأن دويها يكون أكبر وآثارها تكون أفعل. وفي هذا السياق وضعت دوائر دبلوماسية متابعة، الكر والفر اللذين تشهدهما ساحات عديدة في المنطقة، من تفعيل قانون قيصر ضد سورية، إلى الخطاب العالي السقف للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وما تضمّنه من تهديد واضح بقلب الطاولة، إلى مشهد الهجوم اليمني على منشآت عسكرية وأمنية في العاصمة السعودية، وانتهاء بجولات التصعيد التي تبدو ليبيا مرشحة لتكون ساحتها مع تمادي العبث التركي، وإعلان مصر عزمها على المواجهة.
كلام وزير الخارجية السورية وليد المعلم، حول الأوضاع في المنطقة وخصوصاً، استعداد سورية لمواجهة تداعيات العقوبات بالمزيد من السعي للاكتفاء الذاتي، ودعم موقف مصر في مواجهة العدوان التركي، كان للبنان نصيب منه بتأكيد المعلم على رفض أي ترسيم للحدود مع لبنان، أو نشر قوات دولية بين البلدين، داعياً للتعاون بين الحكومتين اللبنانية والسورية لتحويل تحدي العقوبات إلى فرصة، قائلاً إن التعاون المرحَّب به من سورية ينتظر إرادة لبنانية مقابلة للتعاون.
في بيروت شهدت السفارة السورية لقاء تضامنياً مع سورية بوجه العقوبات، التي تضمّنها قانون قيصر، شارك فيه رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد والمعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل، ورئيس الكتلة القومية رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي أسعد حردان، ورئيس حزب الاتحاد النائب عبد الرحيم مراد. وقال رعد: «لطالما وقفت سورية إلى جانبنا في لبنان يوم تخلّى عنا كثيرون وأداروا ظهورهم لنا»، وأضاف: «جئنا لنعبر عن تضامننا الكامل بالوقوف إلى جانب سورية في مواجهة المؤامرة التي تستهدف موقعها، ونعرب عن خالص أمنياتنا بأننا سننتصر على هذا الاستهداف معاً، لأن العالم العربي كله يتشظّى منه». وشدّد رعد على أن «ما سُمّي بقانون قيصر هو دليل واضح على تجاوز سورية للمحنة العسكرية التي أريد من خلالها تدمير موقعها في العالم»، وقال: «نحن مع سورية وخيارات شعبها التحررية ومعها في موقع الصمود والمواجهة ضد كل القوى الغازية والمحتلة ونعتبر استهدافها استهدافاً لكل النهضويين والشرفاء في العالمين العربي والإسلامي». بينما أكد عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب علي حسن خليل دعم سورية، وقال: «من الطبيعي أن نعبّر بجرأة عن انحيازنا إلى سورية التي ما زالت تلعب دوراً في مواجهة التحديات»، وأضاف: «نعتبر اليوم أننا في الموقع نفسه إلى جانب سورية ضد القانون الذي ينتقص من كرامة الشعب السوري ويعيده إلى الوراء بعد أن فشلت كل المخططات ضده». أما رئيس المجلس الأعلى في «الحزب السوري القومي الاجتماعي» النائب أسعد حردان فدعا الحكومة إلى فتح الأبواب الاقتصادية مع سورية لما في ذلك مصلحة لبنان، معتبراً أن قانون «قيصر» ليس دولياً بل قانون لدولة واحدة اتخذت قراراً بتهديد الشعب السوريّ، بدوره، أكد رئيس حزب «الاتحاد» النائب عبد الرحيم مراد ضرورة مواجهة القرارات الجائرة، مشدداً على أن قانون «قيصر» وغيره مصيره الفشل. أما السفير السوري علي عبد الكريم علي فقد أكد أمام الوفد النيابي أن سورية ولبنان قادران على تحويل قانون قيصر إلى فرصة، مشدداً على أن أحد البلدين لا يمكنه الاستغناء عن الآخر. وقال السفير السوري: «ارتعب الأميركي من الانتصار السوري على الإرهاب، ما دفعه إلى تفعيل قانون قيصر الذي هو دليل على يأس هذا الأميركي وفشله». وأضاف: «لا يمكن استرضاء أميركا، فسورية ولبنان قادران على تحويل هذا القانون الجائر إلى فرصة اقتصادية وأمنية وسياسية».
في الشأن السياسي الداخلي، وصلت الاتصالات الهادفة إلى إنجاح لقاء بعبدا بضم القيادات السياسية، فوق الخصومات السياسية، تحت عنوان مواجهة المخاطر الوطنية معاً، إلى طريق مسدود، بعدما تأكدت مقاطعة الرؤساء السابقين للحكومات، وفي طليعتهم الرئيس سعد الحريري، ورئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية، والرئيس السابق أمين الجميل، ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل، وترجيح غياب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، وتمثيل النائب تيمور جنبلاط كرئيس لكتلة اللقاء الديمقراطي بغياب والده النائب السابق وليد جنبلاط كرئيس للحزب التقدمي الاشتراكي؛ وأمام هذه المعطيات، قالت مصادر على صلة بالتحضيرات للقاء بعبدا، إن اللقاء قائم في موعده، وإن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لن يبادر لإلغائه أو إرجائه، وليتحمل الغائبون مسؤوليتهم، لأن الرئيس يستشعر خطراً مقبلاً على السلم الأهلي في ضوء ما شهدته بيروت وطرابلس من أحداث، يخشى تكرارها، وأراد اللقاء لتحصين الساحة بوجه المخاطر، وضميره مرتاح لأنه بادر وفعل ما يجب عليه فعله، وليتحمل الآخرون مسؤولية أفعالهم.
اتضحت خريطة المشاركين في لقاء الحوار الوطني في بعبدا يوم غدٍ. فبعد إعلان رؤساء الحكومات السابقين مقاطعتهم الحوار الوطني في بعبدا، أعلن رئيس تيار المردة سليمان فرنجية عدم مشاركته في اللقاء، ولفت في بيان الى أننا لن نشارك في اللقاء «مع التمني للحاضرين التوفيق بمسيرتهم لإنقاذ الوضع الاقتصادي والأمني والمعيشي وإيجاد الحلول المرجوة». ويمثل الحزب السوري القومي الاجتماعي في الحوار رئيس الكتلة القومية النائب أسعد حردان. في المقابل أعلن رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميّل رفضه المشاركة بحجة أن عنوان الحوار في غير مكانه داعياً رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى أن يدعو الى حوار حول المسائل التي تنقذ الواقع الذي نتخبط فيه.
أما حزب القوات اللبنانية، فيتجه اليوم لإعلان عدم مشاركته في الحوار، بحسب مع علمت «البناء» رغم وجود آراء مختلفة داخل تكتل القوات النيابي بين مَن يؤيد مبدأ الحوار لأهداف وطنية وبين مَن يعارض منح العهد والحكومة فرصة التغطية على الفشل اللذين يواجهانه. وأشار رئيس جهاز التواصل والإعلام في «القوات» شارل جبور لـ«البناء» الى أن «موقف القوات سيعلن صباح اليوم بعد اجتماع تكتل الجمهورية القوية، لكن المنحى العام للقوات هو منحى سلبي من الحوار بسبب وجود فريق قابض على كل السلطة ورافض إجراء أي إصلاحات، وبالتالي لا جديد يمكن إضافته على هذا الحوار»، مشيراً الى أن «المشهد الاقتصادي والاجتماعي لا يحتمل نقاشات عقيمة بل معالجات تنفيذية فورية للأزمات الحياتية، فنرى الغليان الاجتماعي وارتفاعاً متواصلاً في سعر صرف الدولار وغياب الإصلاحات وتفاقم الأزمات، والسؤال ما الجدوى من هكذا لقاءات وحوارات طالما هناك غياب لخريطة طريق إنقاذية تستدعيها البلاد بشكل سريع، ولكن هذا الأمر سيكون محل حوار ونقاش داخل التكتل لاتخاذ الموقف المناسب».
ويظهر مشهد بعبدا الخميس، مقاطعة جبهة سنية يمثلها الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل ورؤساء الحكومات السابقين مقابل حضور رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسان دياب واللقاء التشاوري للسنة المستقلين الذي أعلن عن مشاركته أمس، ومقاطعة جبهة مسيحية ثلاثية يشكلها حزبا القوات والكتائب وتيار المردة مقابل حضور التيار الوطني الحر وتكتله النيابي. فيما أكدت مصادر بعبدا رداً على غياب الميثاقية عن اجتماع بعبدا بغياب الفريق السني الممثل برؤساء الحكومات السابقين، أن الرئيس دياب يمثل ليس فقط السنة بل كل لبنان.
وفيما تؤكد مصادر سياسية لـ«البناء» بأن مقاطعة أغلب أطراف المعارضة تخفي أهدافاً مبيّتة أولها إفشال الحوار الوطني من خلال دفع الرئيس عون لتأجيله أو إلغائه بسبب عقدة الميثاقيّة وترك البلاد عرضة لزعران الشوارع وأجهزة استخبارات خارجيّة للعبث بالأمن والاستقرار الداخلي حتى ضرب المؤسسات وبالتالي إفشال خطة الرئيسين عون ونبيه بري لاستيعاب وامتصاص الغليان الاجتماعيّ والطائفي والمذهبي الذي شهدته البلاد خلال الأسبوعين الماضيين ووأد الفتنة وترسيخ الوحدة الوطنية لإجهاض المخططات الخارجية الفتنوية وتمرير المرحلة الحالية بأقل الخسائر في ظل بلوغ الصراع الإقليمي أشدّه ودخول المنطقة والعالم مرحلة توتر إضافية مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية. كما أوضحت أن «هذا الرفض المطلق لحوار وطني يؤشر الى نيات ورهانات البعض على مشاريع فتنة جديدة تحضر لها غرف عمليات خارجية بمساعدة داخلية لاستغلال الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الصعبة لتفجير الساحة الداخلية».
وأعلنت رئاسة الجمهورية أمس، أن دوائر القصر الجمهوري تواصل التحضيرات لانعقاد «اللقاء الوطني» غداً الخميس، والذي دعا اليه رئيس الجمهورية بعد التطورات الأمنية المقلقة التي شهدتها بيروت وطرابلس قبل أسبوعين والتي كادت تهدّد الاستقرار والسلم الأهلي في البلاد. وأوضح زوار رئيس الجمهورية أن موعد اللقاء الوطني لا يزال قائماً الخميس و»مَن يقاطعه فهذا قراره وليتحمل مسؤولية تغيّبه. فالمناسبة وطنية وليست اجتماعية للبحث بموضوع أقلق اللبنانيين، وهو التطورات الأمنية في بيروت وطرابلس وبعد ردود الفعل التي ظهرت عن المتظاهرين ولامست الخط الأحمر وهو الفتنة».
وبحسب الزوار، يعتبر عون أن «التقاء الاطراف على رفض الفتنة وتحصين الوحدة الوطنية هو أبلغ ردّ على اي جهة داخلية او خارجية تعمل على ضرب السلم الاهلي، وهو لن يقبل أن يعود شبح الحرب الأهلية التي دفع اللبنانيون غالياً ثمنها».
وعن عدم وجود جدول أعمال للقاء، شرح الزوار أنّ «نص الدعوة واضح بحد ذاته وهو يحدد مواضيع البحث ولا سيما بالشق الأمني الذي كان سبب هذه الدعوة» وفيه ان «في اطار متابعة الاوضاع السياسية العامة والسعي للتهدئة على الصعد كافة بغية حماية الاستقرار والسلم الأهلي وخاصة في ظل التطورات الاقتصادية والمالية والاجتماعية الاخيرة». وأضاف زوار عون: «3 عناوين للقاء متابعة الاوضاع السياسية العامة والسعي للتهدئة على الصعد كافة وحماية الاستقرار والسلم الاهلي، الا ان ذلك لا يلغي ان يرغب أي من الحاضرين طرح أي موضوع يراه مكملاً للهدف من اللقاء».
وعكست أجواء عين التينة تأييداً لاستمرار الحوار الوطني في موعده رغم مقاطعة بعض الأفرقاء السياسيين له. لأن لا بديل عن الحوار. وأكدت مصادرها لـ«البناء» أن «رئيس مجلس النواب نبيه بري حريص على إنجاح اي خطوة تندرج في خانة الإنقاذ الوطني في ظل الظروف والتحديات التي يعيشها البلد والتي تمر بها المنطقة بشكل عام وتأثير ذلك على لبنان الذي لا يعيش في جزيرة منعزلة». وشددت على أن ما يهم بري في كل الجهود وضع أسس للإنقاذ المطلوب لإخراج لبنان من أزماته المتنوّعة بمستوياتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ولهذا كانت اتصالاته في كل الاتجاهات خاصة أنه يحظى بثقة اللبنانيين».
وفي موازاة جهود بعبدا وعين التينة ورئيس الحكومة لتعزيز السلم الأهلي ودرء الفتنة، تشتد وطأة الأزمات الحياتية المتتالية على المواطن من أزمة التقنين العشوائي للكهرباء في مناطق عدة الى نفاذ مادة المازوت من السوق وتلويح أصحاب المولدات بإطفاء مولداتهم الى بلوغ سعر صرف الدولار في السوق السوداء أمس، 6000 ليرة لبنانية للدولار الواحد.
وبحسب المعلومات فقد تخطى سعر الصرف الـ6000 ليصل إلى 6200 و6300 ليرة مقابل الدولار الواحد، وذلك في السوق السوداء. ما يعني سقوط الاتفاق الأخير بين الحكومة ونقابة الصرافين ومصرف لبنان إذ لم تنجح الآليات المتبعة بلجم سعر الصرف ووضع حد للمضاربات في السوق السوداء. وأشارت مصادر رسمية لـ «البناء» الى أن «الحكومة بذلت جهوداً كبيرة عبر الاتفاق مع المصرف المركزي ونقابة الصرافين لوضع حد لفوضى الدولار وضبط المضاربات مالياً وأمنياً وتسهيل حصول المواطنين على حاجاتهم من العملة الصعبة، لكن جهات مصرفية ومالية وسياسية بالتعاون مع مافيات السوق السوداء عطلت هذا الاتفاق بأساليب احتيال وتلاعب ومضاربات ما أدّى الى ارتفاع إضافي في سعر الصرف»، وكشفت المصادر لـ«البناء» وجود قرار أميركي بمنع وصول الدولار الى لبنان بطرق متعددة اضافة الى الضغط على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لعدم التجاوب الكامل مع الاقتراحات الحكومية ما أضعف الآليات التي طلبتها الحكومة من المصرف»، موضحة أن «المعالجة الأمنية لا تكفي بل يتطلب الأمر تعاوناً جدياً من قبل الجهات المالية والنقدية لا سيما مصرف لبنان»، وكشفت ايضاً أن «الموقف الأميركي هو الذي منع إقالة سلامة وتعيين آخر مكانه». واضافت أن التآمر الداخلي على النقد الوطني يتلاقى مع الضغوط والعقوبات الأميركية المتمثلة بقانون قيصر وقبل القيود على المصارف وكلها تشكل جزءاً من المؤامرة على لبنان». فيما أعلن وزير المال غازي وزني أن لا خلاف مع الحاكم والتنسيق مستمر للتوصل الى حلول للأزمات.
وأشارت مصادر السرايا لـ«البناء» الى أن رئيس الحكومة يتابع الأزمات الحياتية التي تهم المواطنين من خلال سلسلة اجتماعات في السرايا مع المعنيين كانت أمس بعيدة عن الإعلام وتمحورت بين الرئيس دياب وجميع الوزراء على أهمية الإنتاجية وتنشيط الوزارات وإعادة تفعيلها.
وشهدت بعض المناطق أمس، تحركات احتجاجية وقطعاً للطرقات، لا سيما التحرك أمام مصرف لبنان في الحمرا ضد السياسات النقدية للمصرف.
وكان لافتاً استقبال السفير السعودي في لبنان للحاكم سلامة ونائبه السابق محمد بعاصيري، ما يثير الريبة والتساؤل من جهتين: كيف يصطحب سلامة نائبه معه أي بعاصيري وهو موظف سابق ولا صفة قانونية له! ثانياً كيف يخرق السفير السعودي الأعراف والأصول الدبلوماسية ويقيم علاقة مع موظف مسؤول عن السياسة النقدية مقابل مقاطعة السفير وسلطات بلاده لرئيس الدولة اللبنانية ولرئيس الحكومة؟ لا سيما في ظل الخلاف بين الحكومة وسلامة الذي يتمرّد على السياسات الحكومية، ألا يعد ذلك خرقاً للسيادة اللبنانية ودعماً سعودياً لموظف ضد الحكومة اللبنانية؟ إلا أن مصادر رسمية تنظر بإيجابية تجاه الحركة السعودية المستجدة في لبنان وتترقب البناء على الإيجابية على صعيد العلاقة بين البلدين. علماً أن المراقبين يربطون بين الحركة السعودية في لبنان والصراع التركي السعودي في المنطقة العربية والإسلامية وخصوصاً في ليبيا مع التقدم التركي والتهديد المصري بالتدخل العسكري ما يفرض على السعودية خطوة سياسية استباقية للعودة الى نشاطها في لبنان درءاً لأي اقتحام تركي للساحة اللبنانية في ظل الاحداث الأمنية الاخيرة.
وقال في تصريح تلفزيوني إنّ لقاءه وحاكم مصرف لبنان مع السفير السعودي وليد البخاري كان بهدف عرض الأوضاع العامة في لبنان وهو يأتي في إطار حرص المملكة على استقرار لبنان. مشيراً الى أن السعودية قلقة بشأن الوضع في لبنان وعلى استعداد تام للمساعدة. ويأتي هذا التحرك لبعاصيري وسلامة بعد مخالفة الحكومة القرار الأميركي التمديد لبعاصيري في مجلس الحاكمية.
على خط آخر، شهدت السفارة السورية في لبنان وقفات تضامنية مع سورية ضد «قانون قيصر» الأميركي، تخللتها مواقف لعدد من المسؤولين والقيادات السياسية والحزبية وللسفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي. وأكد رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان، أن لدى سورية وقيادتها كل الإرادة وعناصر القوة والصمود لمواجهة الارهاب الاقتصادي الذي تتعرض له. وأن حلفاء سورية ثابتون معها في خوض هذه المواجهة. وكما انتصرت سورية في مواجهة الإرهاب العسكري وأفشلت أهدافه، فإنها ستنتصر على الإرهاب الاقتصادي وستفشل كل أهدافه.
أضاف: سورية نحن، ونحن نملك إرادة قوية لمواجهة كل التحديات، ورفضاً لإجراءات عدوانية ظالمة يتخذها حاكم مستبد يعبث بالعالم وبسيادة الدول، ويضرب عرض الحائط بالقوانين الدولية والإنسانية.
وتابع: إنّ «قانون قيصر» هو إجراء أحادي، اتخذته الولايات المتحدة بهدف حصار شعبنا وافقاره وتجويعه، ولكن هذا القانون لن يمر، لأن سورية خبرت كل أشكال الحصار والعقوبات وتعرضت لحرب كونية ارهابية، لكنها رغم كل ذلك، صمدت وانتصرت. إن تاريخ سورية حافل بالصمود والثبات ومواجهة الأخطار، وإن تاريخ سورية هو مستقبلها، المستقبل المشرق الذي يتحقق بالإرادة والتصميم، وصون السيادة والكرامة.
ولفت حردان إلى أنّ تداعيات «قانون قيصر» على لبنان كبيرة وهي تمسّه في الصميم، لكن البعض في لبنان يضعون رؤوسهم في الرمال. لذلك يجب على الحكومة اللبنانية أن تتحمّل مسؤولياتها وأن تضع المصلحة الوطنية معياراً أساسياً وأولوية، وإننا نشدّد في هذا الصدد على ضرورة تنسيق الخطوات والمواقف مع الحكومة السورية لتحقيق التعاون والتكامل اقتصادياً وفي غير مجال، وهذه مصلحة مشتركة، ولبنان هو المستفيد الأول من وعي أخطار هذا الإجراء عليه من شتى النواحي بدءاً بالجانب الاقتصادي الحيوي الذي يفتح للبنان أسواقاً اقتصاديّة وشرقيّة وعربيّة انطلاقاً من البوابة السورية الحيوية والاستراتيجية.
ورأى رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد إنه ليس هناك قانون اسمه قانون قيصر، لأن ليس وراءه حاكم بل جلاد وديكتاتور يتحكم بشعوب العالم، ونقول بكل جرأة نحن مع سورية ضد التجزئة والتبعية والاحتلال، واستهدافها هو استهداف لكل النهضويين والشرفاء. وأشار رعد إلى أن سورية كانت دائماً الى جانب لبنان حين تخلّى الكثيرون عنه، مضيفاً «نحن أمام استهداف يتخذ تضليلاً للرأي العام العالمي الصفة القانونية».
وقال عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب علي حسن خليل، إننا نعبر عن انحيازنا الى سورية في هذه المؤامرة التي تواجهها وهو اقل الوفاء لقيادتها وشعبها»، معلناً أن ما يحصل عبر «قانون قيصر» هو «محاولة لإخضاع سورية بعد الانتصارات التي حققتها في مواجهة الإرهاب».
أما السفير السوري، السفير عبد الكريم علي فقال إن لبنان وسورية لا يمكنهما الاستغناء عن بعضهما البعض وقانون قيصر يمكن تحويله لفرصة. ورأى أن هناك إمكانية لتحويل هذا الحصار الى فرصة لسورية ولبنان وكل المنطقة، معتبراً أن في قيام سورية بمراجعتها النقدية والمسؤولة في حماية الليرة السورية واستنهاض كل القوى مؤشراً على تداعي هذا القانون وتلاشيه.
ورأى وزير الخارجية السوري وليد المعلم في مؤتمر صحافي في دمشق «أننا جاهزون للتعاون مع لبنان بمواجهة قانون قيصر لكن هذا لا يتم برغبة سورية فقط بل برغبة مشتركة»، مشيراً الى أن «حتى الآن لا يوجد مثل هذا التواصل مع لبنان وعندما يرغبون سيجدون سورية جاهزة». وقال: «لا ترسيم للحدود مع لبنان ولن نقبل بنشر القوات الدولية على الحدود لأن ذلك يتم مع الأعداء».
وبرزت مواقف مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشّرق الأدنى ديفيد شينكر في مقابلة صحافية متناولاً خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بقوله: «اتهامات السيد نصرالله لأميركا هي من نسج الخيال ولا علاقة لها بالواقع، والولايات المتحدة لا تمنع دخول الدّولار إلى لبنان، حيث إنّ سبب ارتفاع الدّولار في لبنان يعود إلى ارتفاع الطّلب عليه بغرض تهريبه إلى سورية، كما أنّ الارتفاع هو لشح الدّولار في المصارف وسنوات من الفساد في لبنان وغياب أي إجراءات للإصلاح كتحصيل العائدات الجمركية التي يحرمها حزب الله للدولة اللبنانية عبر التهريب الذي يمارسه في المرافق الحدودية، كلّ العوامل التي تؤدّي إلى ارتفاع سعر صرف الدّولار في لبنان لا علاقة للولايات المتحدة بها إطلاقًا بل هي عوامل داخلية تتعلق بالفساد وبتهريب الدّولار إلى سورية والتهرب الضريبي والجمركي لحزب الله». وانتقد طرح السيد نصرالله التوجه شرقاً ملمحاً الى عقوبات جديدة على لبنان في حال أقدم على هذه الخطوة.
أما في أزمة المحروقات، فأكد وزير الطاقة والمياه ريمون غجر أن «الحكومة ليست بصدد رفع الدعم عن المحروقات وكمية المازوت التي تتسلمها منشآت النفط توزع بالكامل». وفي مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الاقتصاد راوول نعمة، أعلن «أننا أمام انقطاع إضافي في التيار الكهربائي بسبب احتكار أصحاب المولدات مادة المازوت». ولفت إلى أن «الاحتكار والتخزين لمادة المازوت غير قانوني»، مشدداً على أن «لا مشكلة في استيراد المادة». من جهته كشف نعمة أنه سيصدر اليوم قراراً يلزم الموزعين بتقديم جدول في غضون أسبوع عمّا تسلّموا منهم والكمية والسعر وفي حال التخلف نتوقف عن إعطائهم المازوت لضبط التوزيع والتهريب».
كما نفى نعمة في مجال آخر رفع الدعم عن المحروقات والخبز باستثناء الطبقة الميسورة والأجانب والبعثات الدبلوماسية.
ويعقد مجلس الوزراء بعد ظهر اليوم جلسة في السرايا الحكومية.
في غضون ذلك، عقدت أمس، جولة مفاوضات هي الأولى من نوعها بين لجنة تقصي الحقائق النيابية برئاسة النائب إبراهيم كنعان ووفد صندوق النقد الدولي وذلك بين جولتين، على أن تُعقد جولة أخرى بين الصندوق ووفد من وزارة المالية، في ظل استمرار التباين في الأرقام بين الطرفين اللبنانيين. وعلمت «البناء» أن رئاسة الحكومة تنتظر تقرير لجنة المال لتطلع عليه وأن العمل جارٍ لتقليص الفجوة بين تقريري الحكومة واللجنة لكن الأمر ليس سهلاً في ظل تصلب المواقف.
وبرز موقف للبطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي بقوله «إن وجه وطننا الذي كان زينة الأوطان بدأ يتغيّر ويسلك طريق الظلم وطريق النظام البوليسي والاعتداء على حرية الإنسان وكرامته، وهو أمر لا نقبل» به.
وفيما اعلنت وزارة الصحة تسجيل 19 إصابة كورونا جديدة رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 1622 نفى وزير الصحة العامة الدكتور حمد حسن ما تم تداوله من أخبار عن موجة جديدة لانتشار وباء كورونا في فصل الصيف موضحاً لـ «البناء» انه من المحتمل ان نشهد موجة ثانية في فصل الخريف المقبل. مؤكدا ان الواقع الحالي مضبوط الى حد كبير قياساً بدول العالم رغم ارتفاع عدد الإصابات في المدة الاخيرة، لكنه شدّد على ان تسجيل اصابات جديدة لا يدعو للخطر والقلق لأننا حددنا اماكن انتشار الاصابات واتخذنا إجراءات لتطويق الحالات المستجدة.