قالت له
قالت له: ما هذه الباقة الجميلة التي تحملها؟
قال لها: باقة زهور من أرضنا الطيبة في عيد الأب.
قالت: وهل توقفت عن شراء الزهور؟
قال لها: لا، ولكنني توقفت عن شراء الزهور المستوردة أمام محال بيع الزهور التي تتزود بورود حقولنا وأرضنا فلها كل الاهتمام.
قالت: لكن ثمة زهور لا تجدها في بلادنا.
قال: وثمة مشاعر تحملها الزهور لا تأتي بالاستيراد.
قالت: وما هي؟
قال: أن نحمي اقتصاد بلدنا وأن نأكل مما نزرع ونلبس مما نسج.
قالت: وليس لدينا منها ما يكفي أو أنها ليست بمستوى المستورد.
قال: لأننا قلنا ذلك فأهملناها ولو اهتممنا لصارت أكثر وأفضل.
قالت: وهل ستحمل لي عطوراً غير مستوردة كهدية؟
قال لها: سأختار لك من الهدايا مما نصنع وما ينقل لك ما أريد.
قالت: وما هو الذي تريد؟
قال: انك الأجمل والأفضل، فإن لم تحملها رسالة العطور حملتها رسالة صاغة الذهب.
قالت: وأنا لا أريد أن أكون سبباً لحمل ثقيل فقط لأنك تريد الجمع بين تغيير عاداتنا وبين تقديرك الأغلى وحبك الأجمل فلمَ لا تكون هديتي زهوراً من الحقل؟
قال لها: بشرط أن نتنزه معاً وأجمعها زهرة زهرة بحضورك.
قالت: لعل هذا التغيير يعلمنا أن كل هدايا الأرض لا تعوّض شعوراً بالدفء الذي تجلبه لحظة عناق في الهواء الطلق وسير على ترابنا العابق بالمعاني ورفقة نتبادل فيها أجمل الكلام.
قال لها: لقد بالغنا في التقليد حتى صار حبنا نسخة مستعارة تحمل مشاعر الآخرين الذين صنعوا العطور والذين زرعوا الزهور وما أحوجنا لأن نحب بمشاعرنا نحن.
قالت: وماذا جلبت لي اليوم؟
قال: كلمات كتبتها هذا الصباح.
فقالت: كلي آذان تسمع.
قال لها: الحب لحظة بريئة تضيع مني فأفلتها ومن الخبث أن أعلم أن طريقي إليها هي بين شفتيك.
فضحكت وقالت: عليك بها أيّها الخبيث.