الديستوبيا
} د. علي فهيم دانش*
1 – تتخذ الدول الأعضاء الموثقة في المادة 25 من ميثاق الأمم المتحدة، قرارات مجلس الأمن المتخذة وفقاً للميثاق وتنفذها، على الرغم من أن بعض الدول قد ترى أن القرارات التي يتخذها المجلس تتعلّق بالفصل السابع من الميثاق. والقضية تشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين، فهي في الواقع ملزمة. تعمل الولايات المتحدة على تعزيز أهدافها المعادية لإيران من خلال الاستمرار في اتهام نسائها المعتادات (في إشارة إلى تقرير الأمانة العامة الذي يتهم إيران بالتورط في هجوم 2019 على منشآت النفط السعودية، وهو ادعاء نفته طهران مراراً وتوهم من قبل وطلب مجلس الأمن، بالإضافة إلى عمليات التفتيش الجارية التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران، أن تراقب امتثال إيران «للخطوات التي يتطلبها مجلس الوكالة». يحظر على الدول بيع أو توريد أو نقل أسلحة أو مواد ذات صلة بإيران، ما لم توافق لجنة مجلس الأمن، وتفرض حظرًا غير محدود على الأسلحة لإيران. ستنتهي العقوبات في أكتوبر 2020، وفقاً لقرار مجلس الأمن 2231. وهددت الولايات المتحدة، التي لديها فرصة ضئيلة لتمديد حظر الأسلحة الإيراني في الأمم المتحدة بسبب المعارضة العالمية، بتفعيل حظر الأسلحة إذا فشلت في ذلك، عن طريق تفعيل آلية تسوية المنازعات بورجام أو «آلية الزناد» لصالح استخدم جميع عقوبات الأمم المتحدة ضد إيران.
2 – انتهكت الولايات المتحدة معاهدة عدم الانتشار النووي في عام 2018، على الرغم من التزام إيران بالامتثال لأحكامها، وانسحبت منها، كما أشار ترامب. ليس لدى ترامب أي خطط للالتزام بتعهداته بموجب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (انتهك قرار مجلس الأمن) لكنه يدعو إلى استخدام القرار 2231 لمواصلة حظر إيران غير المقيد على الأسلحة. إن الادعاء غير المسؤول والمتعارض مع قواعد القانون الدولي المعاصر، كما تنصّ محكمة العدل الدولية صراحة في نظريتها الاستشارية لعام 1971، إذا انسحب طرف من اتفاق أو أخفق في الوفاء بالتزاماته بموجبه، لا يمكن أن يتمتع بالحقوق بموجب تلك العلاقة. وبناء على ذلك، رفضت الولايات المتحدة تنفيذ الاتفاق النووي، لذا فقد ضاعت فرصة استخدام العقوبات.
- ادعى الممثل الخاص لوزارة الخارجية الأميركية لإيران، في اجتماع مع ممثلي الدول الأعضاء في مجلس الأمن للدفاع عن مشروع القرار المناهض لإيران، لحل الخلافات بين معارضي هذا الإجراء الأميركي القسري، أن الفارق بين «المجتمع الدولي وروسيا والصين «تعمّق» في تمديد العقوبات، في حين يصرّ حلفاء واشنطن الغربيون، مثل فرنسا، على الالتزام بأحكام قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2231 بشأن إنهاء حظر إيران على الأسلحة، في بداية بيان الاتحاد الأوروبي الأخير. أعربت الولايات المتحدة عن أسفها لانسحاب برجام وإعادة فرض العقوبات على إيران. كما يجادلون بأن استمرار إيران في فرض حظر غير محدود على الأسلحة واستخدام الولايات المتحدة للعقوبات يعني أن الأمم المتحدة أصبحت رهينة الوضع السياسي في الولايات المتحدة، وأنه يجب على الولايات المتحدة أن تفهم أنه لا يوجد أساس قانوني لسياستها. ولا توجد قرارات لمجلس الأمن لتحقيق مصالحه الأنانية.
4 – قال بريان هوك، المبعوث الخاص لوزارة الخارجية الأميركية لإيران، لـ»رويترز» إن روسيا والصين ستعزلان نفسيهما، إذا واصلتا جهودهما لمنع تمديد حظر الأسلحة الإيراني على مجلس الأمن. وقد أدّى ذلك إلى تدمير المدينة. في ما يلي بعض ميزات الدیستوبیا يرى جورج أورويل أن أهم سمة من سمات دمار المدينة هي مواجهة نظام شموليّ، نظام يتطلب كل شيء، وفي مثل هذا الرأي، لا يُسمَح للناقد في الأساس، ولا يُسمح للمتنافس بالتنفس! (كما صاح جورج فلويد، لا أستطيع التنفس). السبب في أن حرية التعبير، وهي حق أساسي من حقوق الإنسان تفتخر به الولايات المتحدة، لها حدودها وحدودها في هذا البلد هو النظام الشمولي للولايات المتحدة. لقد أظهرت الأزمة الداخلية أن الولايات المتحدة مدافعة عن حقوق الإنسان في العالم، ولسنوات عديدة كانت حقوق الإنسان أداة جذابة وفعالة لتحقيق المصالح السياسية. تتجاهل الولايات المتحدة المعايير الدولية، وتستغل الولايات المتحدة انتهاكات حقوق الإنسان لمهاجمة أعدائها الاستراتيجيين، بما في ذلك الصين وروسيا وإيران. إن مثل هذه الهجمات تقوم على الموقف السياسي بدلاً من الاهتمام الحقيقي بوضع الناس في هذه البلدان. عندما ينتقد بومبيو وضع حقوق الإنسان في الصين، يجب أن ينظر إلى حصيلة القتلى من كورونا في الولايات المتحدة. لا يزال هناك 550,000 شخص بلا مأوى في الولايات المتحدة، والأشخاص الذين ليس لديهم تأمين صحي يتعرضون ببساطة لفيروس التاجي المميت، وينزل مئات الآلاف إلى الشوارع لمحاربة عدم المساواة والتمييز العنصري. ما تفتخر به الولايات المتحدة هو ما تفتقر إليه بالضبط.
- يُعتبر جورج أورويل خاصية أخرى (الدیستوبیا) بأنها «ثنائية»؛ بهذه الطريقة يعتبر أمراء الحرب أنفسهم دعاة سلام! يدّعي ترامب، وهو شخصية مؤيدة للعنصرية ومرشح لجائزة نوبل للسلام، أنه مؤيد قويّ للديمقراطية. أم أنها تدعم المعتدين الآخرين (كحالة عدوان السعوديين على اليمن)! أو يقدّمون خطة لإضفاء الطابع المؤسسيّ على احتلال فلسطين وإضفاء الطابع المؤسسيّ على انتهاك حقوق الإنسان الأساسيّة. موقف وزير الخارجية الأميركي من القرار الأخير للجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بإدانة العنصريّة ووحشية الشرطة في الولايات المتحدة بعد وفاة جورج فلويد، فادح بإدانته قرار اللجنة ووصفه بالنفاق. دعا بومبيو اللجنة إلى التركيز على عدم المساواة العرقيّة المنهجيّة في دول مثل كوبا والصين!!!
- شدّد ترامب ونائبه مايك بنس مرارًا وتكرارًا على أن السلام لا يمكن تحقيقه إلا من خلال السلطة؛ فقد أكدا على الدور المركزي للسلطة (أميركا وهيمنتها) ومفهومها المركزي، الواقعية أحادية الجانب لترامب في هذه المدرسة الفكرية. تأسست، والاستراتيجية الأميركية الحالية، تنأى بنفسها عن الأفكار الليبرالية القائمة على المشاركة ولعب الأدوار في المنظمات والمؤسسات الدولية، وتتجاهل القانون الدولي والتزامات الحكومات، وتتجاهله وتنتهكه بحكمة. ويدعم الكيانات غير الشرعية مثل نظام الاحتلال في القدس، ويعطي 72 عامًا من الاحتلال غير القانوني لفلسطين، ويقتل ويحرم أمة من جميع الحقوق الأساسية ويشردها لخلق ملاذ آمن للصهيونية، والخدمات الخاصة لإدارة ترامب. يحدّد الرئيس الأميركي القدس كعاصمة ونقل سفارة واشنطن إلى تلك المدينة (منتهكة مبادئ القانون الدولي والخطوط الحمراء). مما لا شك فيه أن هذا المذهب وأعماله تتأثر بانتهاكات حقوق الإنسان وحقوق الإنسان الدولية في الداخل والخارج، إلى جانب انتهاكات واسعة النطاق ومنتظمة. ممارسة تظهر أن أفعال هذه الحكومة متمردة، وأنها إذا لم يتعامل معها العالم بحزم، فسوف يحول العالم إلى (الدیستوبیا) لا توجد فيه سوى القوة والسلطة التي ستقسم العلاقات الدولية.
*باحث في الإعلام والقانون الدولي