اتفاق الرياض يُصعّد الاتهامات بين حكومة هادي و»الانتقالي الجنوبي»
يعيش الجنوب اليمني اليوم فوق صفيح ساخن، وتحت سماء ملتهبة وجبهات مستعرة بين أدوات المحتلّ السعودي والإماراتي، وسط غضب شعبي متزايد لمواجهة أجندة المحتل ومشاريعه الاستعمارية، إذ تصاعدت الاتهامات بين حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي و»المجلس الانتقالي الجنوبي»، المدعوم إماراتياً، حول تعثُر تطبيق اتفاق الرياض «وإشعال المزيد من المعارك في جنوب اليمن»، فيما يعلن المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً التصعيد ضدّ حكومة هادي وميليشيا حزب الإصلاح في محافظات الجنوب واستكمال ما يسمى الإدارة الذاتية بعد عدن وسقطرى بقرع طبول الحرب تجاه حضرموت والمهرة. يصرّح الأخير بعد غيابه عن عدن وسقطرى من مقرّ الإقامة الجبرية في الرياض بالدعوة إلى التهدئة وإيقاف المواجهات المسلحة.
بين هذا وذاك، تستمرّ الفوضى في غياب الدولة في الجنوب وتتواصل المواجهات بين أدوات الاحتلال الإماراتي والسعودي في أبين بعيداً عن كلّ الاتفاقات والهدن المعلنة.
وقال هادي إنّ تعثر تنفيذ “اتفاق الرياض” هو “نتيجة استمرار الممارسات التصعيدية للمجلس الانتقالي كإعلان الإدارة الذاتية في محافظات جنوبي اليمن”.
وطالب هادي “المجلس الانتقالي” بـ”استغلال الجهود السعودية للعودة إلى مسار تنفيذ اتفاق الرياض”، داعياً إياّه إلى “وقف نزف الدم والتصعيد والعودة إلى تنفيذ الاتفاق”.
من جهته، قال المتحدث باسم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً في محافظة أبين محمد النقيب إنه “تمّ تحريك تعزيزات من معسكر تدريبي للإخوان في محافظة شبوة باتجاه أبين بعد انتهاء خطاب هادي”.
وأشار النقيب إلى انطلاق شاحنات عسكرية من المَنطقة الأولى في “سيئون” بـ”حضرموت” باتجاه شقرة في محافظةِ أبين، لافتاً إلى إطلاق ما سماها “المليشيات الإخوانية الإرهابية” نيرانها على قوات الانتقالي على جبهة شقرة.
وفي شهر أيار الماضي، دعا هادي إلى “تعزيز اليقظة العسكرية في محافظة حضرموت جنوب شرق البلاد”، معتبراً أنّ “أي أعمال أو تشكيلات عسكرية خارج المؤسسة الأمنية الرسمية لا تخدم محافظة حضرموت وأبناءها”.
كما شدّد هادي من مكان إقامته في السعودية، على أنّ “الجمهورية والدولة الاتحادية ستنتصر والمشاريع الصغيرة مصيرها الفشل والزوال”، لافتاً إلى أنّ “من المهم متابعة ورصد العناصر المارقة التي تحاول عبثاً زعزعة أمن واستقرار محافظة حضرموت والوطن عموماً”.
وجاء هذا التصريح عشية دعوة “الانتقالي الجنوبي” إلى إطلاق عملية عسكرية ضدّ قوات هادي في حضرموت.
وكان نائب رئيس “الانتقالي” هاني بن بريك أعلن في نيسان الماضي إنه “منذ تحرير عدن عام 2015”، لم تتحرك الحكومة بـ”مسؤولية وضمير إنساني تجاه الجنوب وشعبه”.
وأضاف في تغريدة على “تويتر” أنّ “الحكومة تعمّدت تعذيب أبناء الجنوب، وزاد حزب الإصلاح الإرهابي بمسلسل التصفيات والاغتيالات لخلخلة الأمن، لئلا يستقر الجنوب فيهيئ ذلك لاستقلاله”.
في هذا الصّدد، قال الإعلامي اليمني أسامة الأشعري: “هو لا يملك أي شيء لإيقاف الاقتتال بتصريحاته من داخل الرياض وهو تحت الإقامة الجبرية، في خصوص التهدئة بين الفصائل المتناحرة في مناطق الجنوب. الإمارات والسعودية تسعيان إلی تجزئة اليمن، بمشاريع أميركية وأدوات يمنية علی الأرض، وهما تسيطران علی الموانئ وكذلك المواقع الحساسة والاستراتيجية”.
وبحسب مراقبين فإنّ “ملامح الجنوب تتجه نحو التشطير والتقسيم، حسب إجماع مصالح الاحتلال ونفوذه واستنساخ ماحصل في عدن وسقطرى إلى المهرة وحضرموت وشبوة وتعز، خصوصاً مع بدء تحريك أوراق الاحتلال الإماراتي ميدانياً باستخدام المليشيات المسلحة، فيما تواصل دولة الاحتلال السعودي ترويض الطرف الآخر تحت بلاط قصورها في الرياض للتوقيع على القادم المجهول نحو مزيد من الفوضى”.
وقال نائب مدير وحدة التخطيط بتعز فخر الدين البشيري: “هناك من يسعى إلى السيطرة علی الجزر والموانئ والسواحل، وهناك أيضاً من يريد مدّ أنبوب نفط لنهب ثروات هذا البلد واحتلال أهم مواقعه وأهم ما يمیزه. هذا هو الغرض الذي جاءت من أجله قوی العدوان والاستكبار إلی هذا البلد”.
أمام مشاريع الاحتلال ومخططاته الاستعمارية للاستيلاء على الثروات والمواقع الحيوية والاستراتيجية وتنفيذ أجندة مشروع الاستكبار الأميركي والصهيوني، يزداد الحراك الشعبي في مختلف المحافظات المحتلة بمظاهرات واحتجاجات تدعو إلى حمل السلاح في مواجهة المحتلّ وطرده، خصوصاً بعدما انكشف قناع الاحتلال وعباءة ما تُسمّى الشرعية.