الموسيقار الراحل سليم سروة.. تاريخٌ حافلٌ بمقطوعات ومعزوفات يتردّد صداها حتى اليوم
لا يمكن أن نُقلّب في صفحات الموسيقى العربية وتاريخها إلا ويلمع من بين سطورها اسم الموسيقار الراحل سليم سروة الملحن وعازف القانون الذي ارتبط اسمه بهذه الآلة الموسيقية كعازف أكثر من بارع.
سروة الذي ولد في دمشق سنة 1923 كما يذكر الباحث الموسيقي أحمد بوبس في كتابه «مبدعو الألحان الموسيقية في القرن العشرين» تتلمذ على يد عدد من الموسيقيين وعازفي القانون أمثال المصريين محمد عطية وعبد الفتاح المنسي وعبده عوض قبل أن يعين في فرقة إذاعة القدس وعمره لا يتجاوز الـ 24 عاماً.
ولعب والده باسيل سروة، الذي كان ملحناً ومطرباً وضارباً بارعاً على الدف، دوراً بالغ الأثر في نبوغه الفني فنشأ ضمن جو موسيقي بحت كما كان ليوسف بتروني قائد الفرقة الموسيقية الغربية بإذاعة القدس حيز في تطوير موهبته عندما تطوع لتعليمه النوتة الموسيقية ودرسه العزف على القانون بأسلوب العزف على البيانو ما جعل منه عازفاً متمكناً يستطيع أداء أي مقطوعة موسيقية بسهولة ويسر.
وشغل سروة رئاسة الدائرة الموسيقية في إذاعة دمشق وانتخب عضواً في مجلس إدارة نقابة الموسيقيين ومارس جميع هذه الأعمال إلى أن أحال نفسه بنفسه على التقاعد تاركاً المجال لنخبة من الموسيقيين ممن عملوا معه ليتولوا الأعباء التي كانت على عاتقه.
وتميّز سروة في تأليف المقطوعات الموسيقية وكانت أول أعماله عندما كان عاشقاً للفتاة التي غدت في ما بعد زوجته وألّف مقطوعته الأولى التي حملت اسمها ناديا أهداها إياها يوم إعلان خطوبتهما عام 1952.
شارك سروة فيروز ووديع الصافي في معظم حفلاتهما وتسجيلاتهما الإذاعية كما طلبت منه سيدة الغناء العربي أم كلثوم، بكتاب رسمي، رئاسة فرقتها الموسيقية إثر وفاة عازف القانون المرافق لها آنذاك محمد عبده صالح.
عمل سروة بين إذاعتي دمشق والقدس والإذاعة الأردنية في الفترة الواقعة بين منتصف الأربعينيات وحتى تقاعده لم يمنعه من العطاء الغزير لتتوالى أعماله ومؤلفاته الموسيقية وتبلغ ما يقرب 1100 عمل بين لحن غنائي وموسيقي صرف.
غنى للراحل سروة عدد كبير من المطربين السوريين والعرب منهم.. صباح فخري، وفهد بلان، وطوني حنا، وكروان، وموفق بهجت، وشادي جميل، وطروب، وفؤاد حجازي، وسهام شماس، ومها الجابري، ووداد محمد، وسميرة توفيق، وهيام يونس، وياسين محمود، وحياة الغصيني، وسحر ومروان محفوظ، وليلى مطر، وفاتن جمال، ورفيق سبيعي، وجلال سالم، ومصطفى نصري، ودلال شمالي، ومحسن غازي.
ومن بين الأعمال التي لحنها سروة نتوقف أمام أغانيه الوطنية كقصيدة زيدي «علوا يا شآم» للشاعر الفلسطيني صالح هواري وغناء الراحلة فاتن حناوي و»يا طير سلملي ع سورية» للشاعر الراحل عيسى أيوب وغناء الراحل معن دندشي، فضلاً عن تميُّزه بتلحين الحوارات الغنائية الثنائية والثلاثية والاسكتشات الاجتماعية والناقدة لفنانين لم يعرف عنهم الغناء من قبل كعبد الرحمن آل رشي وثراء دبسي.
رحل سروة في 26 حزيران عام 2011 بعد صراع مرير مع المرض ليوارى الثرى في مقبرة مجمع باب شرقي بباب توما، مخلفاً وراءه إرثاً موسيقياً كبيراً وتجربة فنية غنية جعلته من كبار الموسيقيين في الدول العربية.